البرهان: مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن «معيب ويخدش السيادة الوطنية»
قال رئيس مجلس السيادة السوداني القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، أمس الثلاثاء، أن الحكومة لن تذهب لأي مفاوضات أو وقف لإطلاق النار، إلا بعد الانسحاب الكامل لـ”الميليشيا المتمردة”، في إشارة إلى قوات “الدعم السريع” من المناطق التي دخلتها، فيما وصف مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن والذي نقضته موسكو باستخدام حق “الفيتو”، بـ”المعيب والخادش للسيادة السودانية”. وقطع، في كلمة خلال المؤتمر الاقتصادي الأول لتحديات الحرب، أن وقف إطلاق النار مرتبط بفك الحصار عن المدن وفتح الطرق والانسحاب الكامل من القرى والمدن التي تمددت فيها القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي”. وطالب القوى السياسية، بـ”التوحد خلف القضايا الوطنية”، مشيرا إلى أن التحركات التي شرع فيها حزب المؤتمر الوطني – الحزب الحاكم في عهد الرئيس السابق عمر البشير- خلال الأسابيع الماضية وعقده اجتماعات شورى، مرفوضة تماماً. وأضاف: “لن نقبل بأي عمل سياسي مناوئ لوحدة السودان، نحن لسنا في حاجة لأي صراعات”. واعتبر أن “الادعاء، أن المقاتلين في معركة الكرامة يتبعون للمؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية، ليس صحيحاً”، مؤكداً أن “هؤلاء المقاتلين منخرطون في القتال من أجل الوطن وقضيتهم هي الحفاظ على أمنه واستقراره “. والحكومة السودانية، تعتبر القتال ضد قوات الدعم السريع “حرب كرامة” يجب أن “يتوحد فيها جميع السودانيين”. وطرح البرهان خلال المؤتمر رؤية حكومته لـ” كل من يريد مساعدة البلاد”، مشددا على “ضرورة وقف الحرب أولا وخروج المتمردين من المناطق التي يتجمعون فيها، ومن ثم يتم تطبيع الحياة، في هذه المناطق، وبعد ذلك، يمكن النظر في الشأن السياسي واستكمال الفترة الانتقالية عبر تشكيل حكومة مدنية من المستقلين من خلال حوار سوداني- سوداني يتفق فيه جميع السودانيين ليقرروا في مصير ما تبقى من الفترة الانتقالية”. وأكد أن “استمرار الحرب لا يتيح المجال أمام أي عملية سياسية”، مشددا على “ضرورة عدم الخلط بين المسارين الأمني والسياسي”. وأشار إلى “التحديات الاقتصادية التي يواجهها السودان بسبب الحرب والتي تقترب من إكمال عامها الثاني، وأنهكت الشعب السوداني وأفقرت جزءا كبيراً منه”. أوضح أن “هناك الكثير من التحديات، والقليل من الفرص”، مبيناً أن “إيجاد المعالجات اللازمة للتحديات الاقتصادية يقع العبء الأكبر فيه على عاتق الخبراء والمختصين في الشأن الاقتصادي”. ولفت إلى “معاناة الشعب السوداني من النزوح والتشرد والقتل والاغتصاب”، متهما قوات “الدعم السريع” بشن “الحرب ضد الدولة ومؤسساتها”، وواصفاً إياها بـ”الميليشيا المدعومة من الحاقدين والحانقين على الشعب السوداني”. وأعرب عن أمله أن يخرج المؤتمر بتوصيات قابلة للتنفيذ وتعمل على رفد موازنة الدولة للعام المقبل. وقال إن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد معلومة للجميع، داعياً المؤتمرين للخروج بتوصيات تسهم في تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين. وأشار الى أن القائمين على أمر القطاع الخاص ظلوا يبذلون جهود كبيرة لضخ الدم في شرايين الاقتصاد الوطني، مشيداً بالدول ووكالات الأمم المتحدة، الذين دعموا الشعب في هذه الأزمة. وقال إن السودان سيبني علاقات مع الدول في المستقبل، وفقاً لمحصلات هذه الحرب، وتقديراً لمواقف الدول التي وقفت بجانبه وساندته. وأضاف “لن تكون هناك مهادنة مع أعداء الشعب السوداني وكل من ساندنا ودعمنا هو صديقنا في المستقبل”. وتابع: “نحن نطمئن الشعب، أن هذه الحرب ماضية لنهايتها وأن الميليشيا على زوال ولن تكون لها فرصة في المستقبل ولا داعميها”. القرار البريطاني وفيما يلي مشروع القرار البريطاني حول الحرب السودانية الذي نقضته موسكو باستخدام حق “الفيتو” أول أمس الإثنين، قال البرهان إن “هناك الكثير من المشككين الذين ذكروا أن السودان كان موافقا على هذا القرار، والصحيح هو أن السودان لم يوافق عليه، باعتبار أن القرار منذ البداية كان معيباً ويخدش السيادة السودانية، ولا يلبي متطلبات الشعب”. وبين أن “القرار لم يتضمن أي إلزام لقوات الدعم السريع بضرورة الخروج من منازل المواطنين حتى يعودوا لمناطقهم ويمارسوا حياتهم الطبيعية”، وزاد: “لا توجد فيه (في القرار) أي إدانة للمتمردين الذين تسببوا في هذه الأزمة”. وجدد رفض السودان لـ”أي تدخلات خارجية تفرض حلولا” على البلاد، مشيراً إلى أن “الحل لهذه المؤامرة موجود في الداخل. الحل النهائي هو القضاء على التمرد. وجود المتمردين يعني استمرار الأزمة”. وحول الأوضاع الميدانية، قال البرهان: “المقاتلون من القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمستنفرين (المتطوعين للقتال في صفوف الجيش) لقنوا قوات الدعم السريع، دروساً في مدينة الفاشر وبابنوسة وكافة محاور القتال” والإثنين، استخدمت روسيا حق النقض لعرقلة مشروع قرار بريطاني في مجلس الأمن الدولي يطالب الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” بوقف إطلاق النار وإزالة العقبات التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية. ويتضمن مشروع القرار الذي فشل مجلس الأمن الدولي في تمريره، والذي أعدته كل من بريطانيا وسيراليون، دعوة الأطراف السودانية إلى وقف الأعمال العدائية على الفور والانخراط بحسن نية في حوار للاتفاق على خطوات للتهدئة تنتهي بإقرار وقف عاجل لإطلاق النار. كما حث القرار الطرفين على التنفيذ الكامل للالتزامات التي تم التعهد بها في مايو/أيار من العام الماضي لحماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية. ويدعو المشروع إلى الحفاظ على معبر “أدري” الحدودي مع تشاد مفتوحاً لتسليم المساعدات رغم اتجاه الحكومة السودانية لإغلاقه مجدداً حال لم يتم الاستجابة لشروطها في مسألة تشغيله وذلك بعد اتهامها أنجمينا باستغلال المعبر لإدخال السلاح لصالح قوات “حميدتي”. وقبيل الجلسة، دعا تحالف القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي، إلى نشر بعثة لحماية المدنيين في السودان وحظر طيران الجيش. قوى مدنية تستنكر واستنكرت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، في بيان أمس الثلاثاء استخدام روسيا حق النقض ضد مشروع القرار البريطاني الذي قالت إنه يهدف إلى إنهاء الحرب في السودان. وقالت إن مشروع القرار تضمن نصوصاً تدعو لوقف الحرب في السودان وإدانة الانتهاكات ومحاسبة الجناة وتوصيل المساعدات الإنسانية وتنفيذ إعلان جدة. ودعت لمواصلة السعي للمساهمة في وقف الحرب وحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية في السودان، منددة بالموقف الروسي الذي قالت إنه يشكل غطاءً لاستمرار المذابح في السودان، ويعيق جهود التصدي لأكبر مأساة إنسانية في العالم، ويترك الشعب السوداني يرزح تحت شبح الجوع والمرض والفقر. وبينت أن روسيا استخدمت حق النقض لإسقاط قرار حظي بموافقة ممثلي القارة الأفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، مضيفة” أن هذا يكذّب ادعاء موسكو بالانحياز لقضايا دول الجنوب وشعوبها” ورأت التنسيقية أن الاهتمام رفيع المستوى والإجماع العالمي الذي شهدته جلسة مجلس الأمن شذت عنه دولة واحدة فقط- يمثل بارقة أمل للسودانيين أن العالم قد بدأ يستشعر حجم الكارثة التي تمر بها البلاد، وأنه على استعداد للمساعدة في تحقيق السلام في السودان. القدس العربي