الميليشيا .. عرقلة المساعدات الإنسانية..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.
لقى قرار الحكومة السودانية القاضي بمرور المساعدات الإنسانية عبر معبر أدري على الحدود مع دولة تشاد، ترحيباً واسعاً من المجتمع الدولي قبل أن يعكس نيتها وحرصها على إغاثة ألاف اللاجئين السودانيين الذين فروا من نيران الحرب واستقروا في مدينة أدري التشادية.
وفي الوقت الذي أكدت فيه الحكومة السودانية أن مفوضية العون الإنساني التابعة لها ستقوم بإجراءات فتح المعبر واصدار أذونات العبور، قالت ميليشيا الدعم السريع إن المعبر يقع بشكل كامل تحت سيطرتها، وإنها ستقوم بتسهيل حركة الإغاثة عبره والتعاون مع المنظمات والأطراف الراغبة في تقديم الإغاثة للمحتاجين.
مواقف إنسانية:
وسمحت الحكومة السودانية بفتح 5 معابر حدودية مع دول الجوار، تشمل تشاد ومصر وجنوب السودان، لتوصيل المساعدات الإنسانية كما حددت مسارين للإغاثة، هما مسار بورتسودان ومسار الدبة في الولاية الشمالية، بالإضافة إلى تخصيص 6 مطارات لاستقبال المساعدات، وأكد المفوض العام للعون الإنساني بالإنابة عثمان عبد الرحمن خوجلي أن فتح هذه المسارات جاء بمبادرة من الحكومة للمجتمع الدولي، مبيناً أنه منذ بداية يناير وحتى نهاية يوليو، أصدرت الحكومة 1452تأشيرة دخول للعاملين الأجانب في المجال الإنساني، محققة نسبة 99.5 بجانب إصدار 267 إعفاء جمركي بنسبة 100%، والسماح بتحرك 1369شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية عبر معبر الطينة، منها 542 شاحنة دخلت من تشاد إلى دارفور بنسبة تنفيذ 100%.
انتهاكات ومضايقات:
وتتعرض معظم قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في ولايات دارفور، إلى انتهاكات ومضايقات، من قبل ميليشيا الدعم السريع وأنصارها، تصل حدَّ استخدام العنف الجسدي واللفظي ضد العاملين على إيصال هذه المساعدات وخاصة في ولاية شمال دارفور، وكشف تقرير تلقّت الكرامة نسخة منه حجم هذه الانتهاكات في المناطق الحدودية مع دولة تشاد على معبر الطينة إلى المناطق الأخرى في سريف بني حسين، وطريق سرف عُمرة وطريق الجنينة، ومنطقة بشاواة الواقعة بين زالنجي ونيرتتي والتي تُصنف من أخطر المناطق خطراً على الشاحنات وقوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
بوابات وجبايات:
وتتميز المناطق التي تقع تحت سيطرة ميليشيا الدعم السريع في شمال دارفور بكثرة البوابات وقرب المسافات بين كل بوابة وأخرى، بحيث لا تتجاوز اثنين كيلو متر، وتوجد في الطريق الواحد أكثر من خمسين بوابة، خاصة الطريق الرابط بين سرف عُمرة وسريف بني حسين، وتفرض ميليشيا الدعم السريع على قوافل وشاحنات الإغاثة أطوافاً من جنودها يكلفون أصحاب الشاحنات أموالاً طائلة نظير القيام بمهمة الحماية، تصل إلى ثلاثة ملايين، الأمر الذي دفع سائقي الشاحنات إلى الاحتجاج ولكن دون جدوى.
صمت إزاء الانتهاكات:
وتنتهك ميليشيا الدعم السريع المتمردة قانون العمل الدولي الإنساني وتعرقل عمل الإغاثة الدولية والمساعدات الإنسانية، وتجتهد مع سبق الإصرار والترصد على منع عبور شاحنات وقوافل الإغاثة إلى المحتاجين في بعض المناطق داخل السودان، باعتبارها مناطق تقع خارج سيطرتها، كما يمنعون وصول المساعدات الإنسانية على أساس إثني وقبلي وجغرافي كمعسكرات النازحين في الفاشر وريفي الفاشر، وعلى الرغم من وجود هذه الانتهاكات وتكرارها، إلا أنه ولا واحدة من منظمات الدولية أو الوطنية التي تعمل بالشراكة مع الأمم المتحدة، تجرأت على رفع تقرير واحد عن الأعمال الوحشية التي تتعرض لها من قبل ميليشيات الدعم السريع، لكن إذا تعطلت شاحنة واحدة في مناطق سيطرة الجيش أو القوة المشتركة، ترتجف النفوس هلعاً وتضجُّ الأسافير وتقيم مأتماً وعويلاًإ.
أوضاع متردية:
ويؤكد مفوَّض العون الإنساني بولاية شمال دارفور دكتور عباس يوسف آدم، تأثر أكثر من 65 مركز لإيواء النازحين بالقصف والتدوين المستمر من قبل ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر، الأمر الذى أدى إلى فرار النازحين إلى مناطق مختلفة في الريف الغربي والجنوبي، وأكد دكتور عباس في إفادته للكرامة تردي الأوضاع الإنسانية نسبة لعدم وصول إي قوافل إغاثة رغم سماحهم لكل المنظمات بالوصول إلى كافة محليات ولاية شمال دارفور بما فيها المحليات التي تقع تحت سيطرة ميليشيا الدعم السريع، حيث سهّلت مفوضية العون الإنساني إجراءات 120 شاحنة وسيارة في معبر طينة الحدودية لتعبر إلى مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع في مدن الجنينة، ونيالا، وزالنجي بولايات غرب، وجنوب، وشرق دارفور التي وصلتها بالفعل، وفي مقابل ذلك تعمل ميليشيا الدعم السريع بحسب دكتور عباس على منع وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تقع خارج سيطرتها.
عمل ممنهج:
وكشف المفوَّض عن عمل ممنهج من قبل ميليشيا الدعم السريع يقوم على احتجاز شاحنات وسيارات العمل الإغاثي منوهاً في هذا الصدد إلى احتجاز ثلاث شاحنات محملة بأدوية منقذة للحياة ومواد تغذية للأطفال تتبع لمنظمة أطباء بلا حدود الفرنسية قبل أكثر من شهر، في منطقة كبكابية التي تعد من أخطر مناطق ابتزاز الشاحنات وقوافل الإغاثة من قبل ميليشيا الدعم السريع وأعوانها، وأشار دكتور عباس إلى احتجاز أربع شاحنات في منطقة مليط، تحمل مواد إغاثية تتبع للوكالة السامية لشؤون اللاجئين التي تعمل بالشراكة مع المنظمة السودانية للإغاثة والانعاش كانت قادمة من معبر طينة، ولم يُطلق سراحها حتى لحظة كتابة هذا التقرير، واحتجاز ثماني سيارات في الكومة تحمل تغذية للأطفال ومعدات للمياه، واحتجاز 24 عربة في طويلة وكبكابية تحمل مواد غذائية وإغاثية، وأكد مفوَّض العون الإنساني بولاية شمال دارفور أنهم ناشدوا الأمم المتحدة والجهات المانحة للتدخل من أجل تحريك الشاحنات والسيارات المُحتجَزة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع، ولكن دون جدوى.