قيادة الجيش.. وضاءة السِّيرة وشرف المسيرة

تقرير: رحمة عبد المنعم

 

البرهان.. الكاهن الذي أذهل العالم

ولد عبد الفتاح البرهان عام 1960 في قرية قندتو بولاية نهر النيل شمال العاصمة السودانية الخرطوم، وتبعد القرية عن الخرطوم نحو 173 كيلومتراً، وتعد مدينة شندي التاريخية أقرب المدن إليها.
ودرس البرهان المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس قريته، وانتقل بعد ذلك إلى مدينة شندي القريبة من القرية ليكمل دراسته الثانوية، ثُمّ التحق بالكلية الحربية السودانية ضمن ضباط الدفعة الـ(31) وتخرج فيها، وانتدب لدورات تدريبية في مصر والأردن حتى عام 2018.
وتدرج في المناصب العسكرية المختلفة إلى أن أصبح مُشرفاً على القوات العسكرية السودانية، ظهر إلى الضوء مع الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير عام 2019، إذ تسلم رئاسة المجلس العسكري، ثم مجلس السيادة السوداني، وأصبح الرجل الأول في الحكومة السودانية منذ أغسطس 2021.
وفي فجر الخامس عشر من أبريل 2023م، نفذت مليشيات الدعم السريع وحلفاؤها السياسيين مخططاً لإشعال الحرب بهدف الاستيلاء على السلطة والإطاحة بالبرهان، وهاجمت الدعم السريع مقار وحاميات الجيش وعززت سيطرتها على بعض المؤسسات الحيوية التي كانت تتواجد بها في يوم الغدر والخيانة،
وكان هدف المليشيا من الحرب اغتيال قائد الجيش وتحقيق انتصار سريع وخاطف، لذلك هاجموا سكن القائد العام للجيش، ليتصدى لهم الحرس الرئاسي بشجاعة وفدائية في معركة بطولية شارك فيها البرهان ببندقية قناص، لتتكبد القوات المهاجمة خسائر كبيرة
واستطاع البرهان أن يخرج من القيادة العامة للجيش ويتوجه إلى مدينة بورتسودان ليدير دولاب الدولة، بعد أن أمضى عدداً من الأشهر وسط قواته تحت دوي المدافع وأزيز الرصاص، وقد وصفته مجلة هاليرشوا الألمانية بأنه أخطر جنرال في العالم في هذا العصر، لأنه استطاع أن يبيد أكبر قوة متمردة دون ان يعرض جيشه للخسارة البشرية والمادية.
وأطلق رواد مواقع التواصل الإجتماعي على البرهان لقب “الكاهن” لعظيم حكنته ودهائه وسياسته في التعامل مع معارك الميدان والسياسة، وقد صنفته العديد من الدوريات والتقارير العالمية بأنه جنرال عظيم ومحنك.

 

كباشي.. (مُرعب الجنجويد)..

 

ولد شمس الدين كباشي في قرية أنقاركو جنوب مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان العام 1961. والده هو كباشي إبراهيم شنتو الذي كان جندياً بالقوات المسلحة السودانية تابعاً للواء الهجانة في الفترة من 1955- 1973.
وبعد حصوله على الشهادة الثانوية، التحق شمس الدين كباشي بالكلية الحربية السودانية في فبراير العام 1981 وتخرج فيها في فبراير 1983 برتبة ملازم.
بعد ذلك تدرج كباشي في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة الفريق أول في فبراير 2020.
تبوّأ الفريق الركن شمس الدين كباشي عدّة مناصب عسكرية أكاديمية وقيادية وعمل في عدد من المواقع والإدارات العسكرية، من بينها رئيس اللجنة السياسية والمتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي ومن ثم عضواً في المجلس السيادي، الذي تم تشكيله عقب الإطاحة بحكم الرئيس المعزول عمر البشير العام 2019. ورئيس هيئة العمليات المشتركة في ذات العام، ونائب رئيس أركان القوات البرية والتدريب، ومدير كلية الحرب العليا في الأكاديمية العسكرية العليا، وتدرج الكباشي في المناصب إلى أن أصدر القائد العام للجيش قراراً بتعيينه نائباً للقائد العام عقب تمرد قوات الدعم السريع.
ظهر كباشي خلال الأيام الأولى للمواجهات التي اندلعت بالعاصمة السودانية الخرطوم بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي، من خلال مقطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي أثناء إدارة المعارك رفقة قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقام بعدد من الزيارات إلى ولايات السودان، متفقداً سير المعارك ومتوعداً المليشيات بالهزيمة والدحر، وكان كباشي أول قائد يشن هجوماً على قوات الدعم السريع قبل تمردها ويصبح مرعباَ لها بعد الحرب، وذكر مقولة سارت بها ركبان الأسافير، وهي “لا بديل للقوات المسلحة إلا القوات المسلحة”، وقد ظل كباشي يتلقى الإشادات الكبيرة على مواقفه ليهتف الناس “كباشي يا نار الضلع”.. و”كباشي عسكري مالي قاشو”.

العطا  لمن عصى.. (المحارب القديم)

 

التحق ياسر العطا بالدفعة (33) في الكلية الحربية، وتخرّج فيها عام 1984، ليصبح ضابطاً في الجيش السوداني. ولاحقاً، حصل على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية من جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا في العراق.
وتدرّج ياسر العطا في المناصب والمواقع العسكرية، وخدم في عدد من الوحدات بالقوات المسلحة، من بينها لواء القيادة العامة، والمناطق العسكرية الشرقية والجنوبية والغربية. وأيضاً، قاد الفرقة 14 مشاة، وتولى مواجهة «التمرُّد» في جنوب كردفان.
وأيضاً شغل العطا الذي يعده البعض من «الشخصيات المؤثرة والبارزة في القوات المسلحة السودانية» منصب قائد قوات حرس الحدود، حصل على عدد من الأوسمة والنوط، من بينها «وسام الخدمة الطويلة الممتازة»، و«وسام الشجاعة» من الطبقة الأولى والثانية.
ويعد العطا السياسي واحداً من قادة الجيش الذين شاركوا في عزل البشير في أبريل 2019، بل إنه شارك في عملية القبض عليه حين كان وقتها يشغل منصب قائد القوات البرية للجيش السوداني.
وبعد الإطاحة بالبشير، كان الفريق العطا واحداً من عشرة ضباط شكّلوا «المجلس العسكري الانتقالي».. إلا أن العدد تقلص فيما بعد إلى ستة ضباط.
ومن ثم، عين العطا نائباً لرئيس اللجنة السياسية بـ«المجلس العسكري الانتقالي». وظل في هذا المنصب، حتى 21 أغسطس، حين جرى تشكيل «المجلس السيادي» الذي أصبح عضواً به.
مهنياً، يُعد العطا من «العسكريين الملتزمين بقواعد العسكرية»؛ لذلك يوصف من قبل زملائه وضباط سابقين بـ«المحارب القديم»، ويصفه عسكريون بأنه «رجل عسكري من الطراز الأول، مشهود بكفاءته، ونزاهته، وبُعده عن الانتماءات الطائفية والحزبية».
واشتهر العطا بتصريحاته القوية إبان تمرد قوات الدعم السريع وشنها حربا على الدولة السودانية، فكان من أوائل القادة الذين خرجوا في وسائل الإعلام قائلاً: إن الجيش يسيطر على معظم أنحاء البلاد باستثناء عدد قليل من المناطق الصغيرة، واكد ان هدف الجيش طرد الدعم السريع من للخرطوم، واتهم العطا، دولة الإمارات والرئيس الكيني ويليام روتوو بدعم قوات السريع وطالبهم بالكف عن ذلك، وإن رد الدولة السودانية عليهم سيكون قاسياً.
وظل ياسر العطا متواجدا في مدينة أم درمان ويشرف على سير المعارك بنفسه، وقد حقق نجاحات كبيرة وقام بتحرير أجزاء واسعة من مدينة أم درمان، وتوعّد المليشيا في مرات عدة بالسحق والتدمير الكامل، ليستحق هتاف الجماهير “العطا لمن عصى”.

 

إبراهيم جابر.. (مهندس البحرية البارع)

نال الفريق إبراهيم جابر كريم درجة البكالوريوس من كلية الهندسة جامعة الخرطوم في ثمانينات القرن الماضي ودخل الجيش ملتحقاَ بالدفعة 34 “فنيين” وهو أمر يطرح أسئلة عديدة، لا سيما أن خريجي هندسة الخرطوم في تلك الحقبة كانوا يفضلون الشركات الكبرى أو الهجرة التي تفتح لهم أبوابها على مصراعيها بحكم تكوينهم الأكاديمي القوي.
وتدرج جابر في المناصب والمواقع العسكرية، وخدم في عدد من الوحدات بالقوات المسلحة، من بينها القيادة العامة، وقيادة القوات البحرية وعدد من المناطق العسكرية، إلى ان تم تعيينه مساعداً للقائد العام للقوات المسلحة السودانية برتبة فريق بحري منذ مايو 2023. وهو أيضًا رئيس مجلس إدارة “مجموعة سوداتل للاتصالات”، وعضو “مجلس السيادة السوداني” منذ 21 أغسطس 2019، وشارك في تأسيس “المجلس العسكري الانتقالي” في عام 2019، وكان عضوًا فيه وكذلك رئيسًا للجنة الاقتصادية.
ويعد جابر من «العسكريين الملتزمين بقواعد العسكرية»، ويصفه عسكريون بأنه «رجل عسكري من الطراز الأول، مشهود بكفاءته، ونزاهته، لا يحب الأضواء، ويعمل بمقولة الأفعال لا الأقوال، وقد تعرض لحملات تخوين شرسة من قبل المغرضين الذين شكّكوا في وطنيته عند اندلاع الحرب ولكنه لم يلتفت لهم وظل وطنياً مخلصاً وصاحب سهم بارز في هندسة خطط واتفاقات هزيمة الجنجويد.
ابراهيم جابر، مساعد القائد العام للجيش السوداني، طامح في إنهاء الحرب الحالية بانتصار الجيش مهما بلغت التضحيات، وهو يؤكد باستمرار أنه «لا يوجد إنسان عزيز على وطنه»، مشيراً إلى أن القوات المسلحة تعمل على تحرير السودان من المليشيا المتمردة.

 

ميرغني إدريس.. (جنرال التصنيع الحربي)

 

وأطلق رواد منصات التواصل الاجتماعي على الفريق أول ركن ميرغني إدريس سليمان مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية، لقب “مرعب الجنجويد” و”جنرال التصنيع العسكري” بالنظر لدوره المهم في تطوير ترسانة أسلحة الجيش الدفاعية في مواجهة الأعداء.
واستطاع إدريس رغم الانتقادات الكثيرة والحملات التحريضية لتفكيك منظومة الصناعات الدفاعية عقب ثورة ديسمبر، من إحداث تحول في التصنيع الحربي من خلال بصماته في صناعة القنابل والصواريخ والقذائف والمسيرات بإمكانيات محلية.
ويقول مراقبون عسكريون إنّ ميرغني شخصية وطنية من الطراز الرفيع، كان له دور أساسي وكبير في تطوير التسليح العسكري للجيش السوداني، وعمل منذ توليه مهام منظومة الصناعات الدفاعية بكل اخلاص واجتهاد، حيث قام بوضع الخطط الإدارية واستيعاب الكوادر البشرية وتصنيع أحدث انواع الأسلحة والطائرات المقاتلة بتقنيات حديثة، وقد لعب دورا مهما في معركة الكرامة بإمداد القوات المسلحة بالأسلحة والدبابات والمسيرات، وكافة ما تحتاجه إليه من عدة وعتاد.
وعُرف عن الرجل أنه بحق صاحب المهمات الصعبة يعالجها بكل كفاءة واقتدار، كما انه لا يكل ولا يمل من العمل متجاهلاً الكاميرات، ولقد حقّق رؤية الدولة السودانية في امتلاك ترسانة دفاعية قوية تكيد الأعداء وتحرق مليشيات الدعم السريع.
الفريق أول ميرغني إدريس سليمان، الرجل الذي وُصف بأنه صانع «مسيرات جغم الجنجويد»، وهو «المشرف على إمداد الجيش بالأسلحة والطائرات الحربية»، التي استخدمها لسحق أعدائه بلا هوادة. ثم أن تاريخه الشخصي والحربي ملئٌ بأحداث جعلت منه رجل المهام الصعبة، وإنه أيضاً ذلك العسكري الصارم الذي تفوق في دراسته، وصعد سلم الترقيات، ونال بشكل مبكر جوائز وميداليات يصعب أن يتلقاها من كان في عمره.