نحن محكومون بالأمل..!
“كل حل يخلق مشاكل جديدة”.. إدوارد مورفي..!
في مجتمعنا المحلي مفاهيم خاطئة سادت قبل اندلاع هذه الحرب والحروب التي سبقتها بأزمان بعيدة، وكانت من أسباب تأجيجها إن لم تكن هي التي أشعلتها..!
وقد آن لهذه المفاهيم أن تُصحح بأن تقوم مجموعة أفراد بتبني عملية التغيير من خلال الارتقاء بوعي الجماعة في مواجهة كل المسلَّمات الاجتماعية الخاطئة والأعراف الفاسدة..!
أبرز تلك المفاهيم الخاطئة هي الطبقية الاجتماعية التي تعول في نهوضها على الإثنيات والقبائل، والأوهام المتوارثة بشأن النقاء العرقي، في وطن خلاسي الملامح برزخي الهوية. ثم السياسات الخاطئة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة لإدارة التنوع في بلد تسكنها مجموعة أمم تجمعها دولة..!
أما التمييز على أساس العنصرية أو الأيديولوجيا في حكم الدولة السودانية فهو حبكة درامية سياسية ليس إلا. والحقيقة هي أن التهميش في حكم السودان سلطوي، وأن التمييز كان ولا يزال على أساس السلطة “فئة حاكمة تمارس التهميش على فئات غير حاكمة”..!
جوهر الفرق بين الحروب التي تقوم بين الدول والحروب الأهلية التي تندلع في ذات الدولة هو ارتفاع معدلات التعرض لأخطار النيران الصديقة التي تُضمر العداء بوازع من قوة الاعتقاد المبنية على حفنة أكاذيب..!
لكن التسلسل المنطقي للأحداث يقول إن بعض السياسيين قد كتبوا لأنفسهم نهايات ظنوا أنها مفتوحة لكنها تبدأ عند انتهاء هذه الحرب، بعد أن تستبدلهم ذات الجماهير بآخرين يجيدون كتابة النهايات التي تشبه الوطن..!
سوف تنتهي هذه الحرب بانتصار الوطن ولسوف تتهاوى كل هذه الحملات العنصرية والسياسية الساذجة على نحوٍ دراماتيكي يليق بهزائم الغزاة الذين أطلقوها وبعار أتباعهم الذين حملوا أسفارها كالحمير..!
ثم أنه لا بد من عقد اجتماعي وأخلاقي جديد في بلادنا الجديدة التي ستخرج كالعنقاء من تحت رماد هذه الحرب، فتعيد صياغة ذاتها كوطن وتعيد بناء شعوبها كأمة واحدة عظيمة تشبه أخلاق أهلها قصائد شعرائها وتشبه سلوكياتهم أغانيها التي تبدع في تمجيد الوطن ومدح المواطن ..!
الثقافة هي السلاح الأمضى والأمثل لإصلاح كل ما حاق بنا من دمار وبناء سودان ما بعد الحرب. لأن العلاقة بين الثقافة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية طردية جداً ووثيقة جداً..!
الثقافة هي الوجه الناطق للوعي الاجتماعي المفقود في هذا الوطن الذي نشأت فيه الدولة قبل نشوء الأمة. هذا الوطن الذي أخذ الجهل بطبيعة الآخر فيه مظاهر القبلية والقبائلية والجهوية والمناطقية، فتسلل الغرباء الطامعون عبر هذه الثقوب وامتطوا الصراعات واستمرأوا التدخلات ونهبوا الثروات..!
والإعلام المسئول الذي ينبغي أن يسود بعد انتهاء هذه الحرب هو الذي لا صوت فيه لحاكم مُستبد، ولا صورة فيه لحبال الصبر و”المسكنة” التي تحَوَّلتْ إلى أنشوطة في أيدي من أوردونا – بتَمترُسِهم وجَهَالتِهم – موارد الحروب..!
أما الشعب ظل متفرجاً على الحكم، ثم ثائراً عليه، ثم متفرجاً على انقلاب ضده ثم ثائراً عليه فقد آن له أن يكون فاعلا أصيلاً وشريكاً حقيقياً في صناعة التغيير من خلال المواقف الحررة القائمة على مشروعية الشك المنهجي وعلى تعدد الخيارات المُنتَخَبة لتحقيق الإحلال والإبدال السياسي المنشود!.
munaabuzaid2@gmail.com