(تحالف الشر) بين حركة الحلو والمليشيا
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.
لم تعترف الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان شمال بقيادة “عبدالعزيز الحلو ” بصحة الخبر الذى انفردت به صحيفة الكرامة ونفت الأخبار المتداولة في المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن انعقاد اجتماع مشترك ضم قيادات عسكرية من الدعم السريع والجيش الشعبي بمنطقة الفرشاية غرب مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان إقليم جبال النوبة من أجل التنسيق العسكري بين الطرفين، وقال رئيس لجنة الإعلام بمجلس التحرير القومي “جاتيقو أموجا دلمان” في تصريحات نقلتها صحيفة (إدراك) إن هذه الأخبار عارية من الصحة وليس للحركة تنسيق عسكري مع الدعم السريع بجبال النوبة أو أي منطقة أخرى بالسودان.
ردود فعل:
وأثار الخبر ردود أفعال واسعة في لاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، وضجت مجموعات ” واتساب ” على منصات التواصل الاجتماعي بجدال ونقاش مستفيض وعنيف حول هذه الخطوة، ودار لغط كبير بين الأوساط المختلفة ما بين مصدق للخبر ومكذب له، فمنهم من اعتبر الخبر مجرد فبركة وفزَّاعة لإثارة فتنة، ومنهم من انتقد مسلك الحركة الشعبية المناصر لميليشيا الدعم السريع مما يعد تجارة ومساومة وتبادل مصالح، بحيث تتضافر جهود الطرفين من أجل إسقاط مدينة الدلنج لصالح الحركة الشعبية، وإسقاط مدينة الأبيض لصالح ميليشيا الدعم السريع، وناشدت مجموعة من أبناء جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، القيادات الميدانية لأبنائهم بالحركة الشعبية بضرورة التصدي للخطوة والانعتاق من ما وصفوه هيمنة عبد العزيز الحلو عليهم، فيما طالب آخرون بضرورة التعامل مع السيناريو بشكل جدي وعدم إضاعة الوقت في التخوين وتبادل الاتهامات، والعمل على إيجاد معالجات سريعة.
اجتماع الفرشاية:
وكشف عضو مجلس التحرير القومي السابق وممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان بكندا السابق، آدم موسى أبو التيمان عن ضباط معروفين داخل الحركة الشعبية، قال إنهم كان من المفترض أن يجتمعوا وبتوجيه مباشر من القائد عبد العزيز الحلو، مع ضباط من الدعم السريع في قرية الجزيرة الواقعة بين منطقتي الفرشاية وكُدُر يوم السبت الموافق الثالث من أغسطس الجاري، ولكن بعض أبناء النوبة من الجنود التابعين لحامية الجيش الشعبي، تزمروا بعد أن علموا أن قادتهم ذهبوا للاتفاق مع قادة الدعم السريع، فعبَّروا عن سخطهم بإطلاق نار كثيف في منطقة الكُدُر، الأمر الذي دفع وفدي الحركة والدعم السريع إلى نقل الاجتماع إلى منطقة الفرشاية التي تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع، وقال أبو التيمان في حديثه للكرامة إن وفد الحركة الشعبية كان يقوده الرائد عائد نجيب، والرائد كوكو حسين، إضافة إلى ضباط برتب صغيرة عادوا لاحتواء تزمر القوات في منطقة الكُدُر، فيما كان يقود وفد الجنجويد القائد الميداني ماكن الصادق رئيس ميليشيا الدعم السريع بقطاع إقليم كردفان، وحضر معه ثلاثة ضباط من أبناء النوبة بالدعم السريع، وهم بلل، وشرف، ومحمد الضاي، مبيناً أن الضباط الثلاثة ينتمون لعشائر الكُدُر، والأُونشو، والصُّبي على التوالي، وناشد أبو التيمان قيادة الإدارة الأهلية بالعشائر الثلاثة بضرورة الضغط على الضباط الثلاثة وإثنائهم ليحتكموا إلى صوت العقل ويعرضوا عن هذا المخطط الذي يدفعهم لرفع السلاح في وجه إخوتهم وأبناء جلدتهم.
إسقاط الدلنج:
واتفقت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو مع ميليشيا الدعم السريع على التعاون من أجل إسقاط مدينة الدلنج باعتبارها هدفاً مشتركاً للجانبين، بعد أن فشل كل طرف على حدا في اجتياحها من خلال هجوم استهدفها أكثر من مرة، ونصَّ اتفاق قرية الجزيرة، على تبادل الأدوار في عملية الانقضاض على الدلنج بحيث تقوم الحركة الشعبية بتوفير الذخائر والمؤن الحربية لميليشيا الدعم السريع التي أوكل لها أمر الهجوم نهاراً، على أن تهاجم قوات الحركة الشعبية ليلاً بحيث تكون المدينة في مرمى النيران المكثف على مدار الساعة، بما يقطع الطريق على أي محاولة دعم وإسناد اللواء 54 مشاة الدلنج، على أن يتم تقاسم الغنائم بين الحركة الشعبية والدعم السريع بعد انفضاض غبار المعركة وسقوط المدينة في أيديهما، كما تم الاتفاق على انسحاب ميليشيا الدعم السريع من الدلنج بعد تنظيفها، لتكون إدارة المدينة في يد الحركة الشعبية، شريطة أن تسمح الأخيرة بعودة القبائل العربية كالحوازمة والمسيرية وغيرها من القبائل التي كانت قد غادرت مدينة الدلنج على خلفية الهجمات المتكررة التي استهدفتها.
أجندة الحلو:
ووصف عضو مجلس التحرير القومي السابق وممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان بكندا السابق، آدم موسى أبو التيمان، اتفاق الحركة وميليشيا الدعم السريع بالكارثة الكبيرة التي ستحل بالنوبة، منوهاً إلى وجود تفاهم وتواصل مباشر بين عبد العزيز الحلو والقيادة الميدانية للدعم السريع، وغير مباشرة عن طريق دولة الإمارات، وأكد أبو التيمان أن هذا المخطط يأتي ضمن أجندة عبد العزيز الحلو ودائرته المقربة لتقسيم شعب النوبة بعد أن فشل في حماية المدنيين الذين ظلوا يتعرضون للهجوم من قبل مليشيا الدعم السريع، ونوه أبو التيمان الذي تم فصله من الحركة الشعبية لمعارضته سياسة الحلو المساندة للجنجويد وقتاله الجيش السوداني الذي يحارب الغزاة في معركة الكرامة الوطنية، نوه إلى أن الاتفاق وجد اعتراضاً من بعض الضباط في الجيش الشعبي، مناشداً قادة الجيش السوداني بتسليح جميع المستنفرين بمدينة الدلنج للتصدي لمحاولة اجتياحها من قبل الحركة الشعبية وميليشيا الجنجويد.
استهداف متكرر:
وكانت مدينة الدلنج قد شهدت عدة موجات من الهجوم المسلح منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م، ولعل اللافت في الأمر أن الهجوم المعني توزعت أدواره، فتارةً يكون من قبل ميليشيا الدعم السريع، فيتصدى له التحالف المشترك بين القوات المسلحة والحركة الشعبية، مثلما حدث في يناير من العام الجاري ، وتارةً أخرى يكون الهجوم من قبل ميليشيا الدعم السريع، فتتصدى له القوات المسلحة بمعاونة المستنفرين من أبناء الدلنج كالذي حدث في الثالث من يوليو الماضي ، وتارةً ثالثة يكون الهجوم من قبل الحركة الشعبية، فتتصدى له القوات المسلحة والمستنفرون من أبناء الدلنج كالذي وقع في الثلاثين من يوليو الماضي 2024م.
تنسيق استراتيجي:
ويتطرق الأستاذ محمد عامر إبراهيم مقرر الإدارة الأهلية لجبال النوبة الغربية إلى بعض التناقضات التي اتسمت بها مواقف الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو تجاه قضايا السلام وتعزيز الاستقرار في ولاية جنوب كردفان إقليم جبال النوبة، الأمر الذي طرح عدة تساؤلات عن أبعاد تنسيق الحركة مع ميليشيا الدعم السريع التي تعتبر العدو الأول لإنسان جبال النوبة، وقال عامر في حديثه للكرامة إن الاتفاق الأخير بين الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان شمال، وبين ميليشيا الدعم السريع من أجل إسقاط مدينة الدلنج، يعكس حقيقة المخطط الاستراتيجي الخطير والتنسيق القائم بين الطرفين من أجل تحقيق أطماع ميليشيا الدعم السريع للسيطرة على ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة وتكوين دولة باسم العطاوة أو دولة البقارة أو دولة قريش، وشدد مقرر الإدارة الأهلية لجبال النوبة الغربية على ضرورة التعامل بجدية مع هذا العداء السافر والتصدي له وتفويت الفرصة على تمرير هذه الأجندة وتنفيذ المخطط اللئيم.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ فإن الأوضاع في مدينة الدلنج ظلت تغلي تحت مرجل الهجمات المتكررة التي ظلت تستهدفها بوصفها منطقة جذب يسيل لها لعاب الحركة الشعبية وميليشيا الدعم السريع، باعتبارها العاصمة الثقافية والعلمية لولاية جنوب كردفان، ولوضعها الاستراتيجي الرابط بين مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان، ومدينة كادقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان، وعلى الأجهزة الأمنية والعسكرية المختصة أن تأخذ اتفاق قرية الجزيرة بين الحركة الشعبية والدعم السريع مأخذ الجد وتتعامل معه بالحيطة والحذر اللازمين لتفويت الفرصة على الطرفين للسيطرة على هذه المدينة المهمة، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.