(الميليشيا).. هل لفظها المجتمع الدولي؟!!

تقرير _ محمد جمال قندول

ثمّة تحولات بدأت تظهر على خارطة المشهد تشير إلى أنّ المجتمع الدولي بدأ ينفض يده من الدعم السريع إثر فشل مشروعه الذي تصدت له القوات المسلحة ببسالة منقطعة النظير، عوضًا عن الانتهاكات الانسانية الجسيمة والبشعة الامر الذى الميليشيا بلا مستقبل.

انتهاكات الميليشيا

وكان المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو قد ذكر في تصريحات لسعد الكابلي-بثت أمس الأول الأحد- بأنه لا مستقبل للدعم السريع، مشيرًا إلى أنّ القوات المسلحة السودانية مؤسسة ذات تاريخ.
تصريحات المبعوث قوبلت بارتياح كبير في أوساط السودانيين، إذ أنها تمثل مقياسا لتحول ملموس بدأ يظهر لنظرة المجتمع الدولي لملف أزمة السودان.

والناظر لتطورات المشهد يلتمس بوضوح أنّ محادثة “بن زايد” مع البرهان قبيل أسبوعين ويزيد، كانت مؤشرًا على تحولات قد تطرأ، فالإمارات الداعم الأول لهذه الميليشيا بدت مصابة بإالاحباط جراء فشل مشروع الدعم السريع الطامح لاستلام الحكم بدعم أبوظبي السخي، غير أنّ الجيش السوداني والقوات النظامية كانت لهم الكلمة الحاسمة.

ويرى الخبير والمحلل السياسي د. حسن أحمد أنّ المجتمع الدولي سيتنصل خلال الفترة المقبلة من الميليشيا لعدة اعتبارات أبرزها الانتهاكات الإنسانية غير المسبوقة المتكررة للتمرد والتي رسمت واقعًا مأساويًا في السودان جعلت الأصوات تتعالى لإدانة التمرد وداعميه خاصةً الإمارات، فيما وجدت الأخيرة نفسها فى موقف لا تحسد عليه بسبب الاتهامات المباشرة من السودان لأبوظبي بمجلس الأمن الدولي.

ويتلمس محدثي مؤشرات التحول من خلال تعالي الإدانات للميليشيا من قبل منظمات إقليمية ودولية ودوائر أمريكية رفيعة بالكونغرس، فضلًا عن الغضب الشعبي المتنامي من قبل السودانيين ضد الإمارات.

وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، قد تلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حيث قال البرهان في تغريدة إنه تحدث معه حول ضرورة معالجة شواغل الحكومة السودانية قبل بدء المفاوضات.

مخطط التقسيم

غير أنّ للخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عصام بطران رأي مغاير تمامًا، حيث يذهب إلى عدم وجود مرجعية معتمدة للسياسة الأمريكية فيما يتعلق بالتصريحات الصحفية، مشيرًا إلى أنّ المحك دائمًا في الموقف الأمريكي يكون عبر البيانات الصادرة من وزارة الخارجية الأمريكية ومسجلة في الجريدة الرسمية وتعبر عن الموقف الأمريكي الرسمي، أما التصريحات الصحفية لمسؤولي الخارجية الأمريكية والمبعوثين فلا يعتد بها، غير أنها يمكن ان تصنف كعوامل مساعدة للجلوس على طاولة المفاوضات.

ولا يرى بطران بأن المجتمع الدولي قد يتنصل عن ميليشيا الدعم السريع خاصةً وأنها ورقة الضغط الدولي والإقليمي على السودان لتنفيذ الاستراتيجية الغربية لإكمال مخطط تقسيم السودان إلى دويلات.

ويستشهد د. عصام بتجارب سابقة في ذاكرة تاريخ مفاوضات “نيفاشا” للسلام، حينما جعل الوسطاء الغربيين ورقة الضغط لفصل الجنوب هي الإبقاء على جيش الحركة الشعبية قطاع الشمال والمناطق الثلاثة لتفعيل استراتيجية التقاطعات والموانع من استدامة السلام بشمال السودان لإكمال مخطط تقسيم السودان فيما بعد، والآن تمثل ميليشيا الدعم السريع استراتيجية التقاطعات والموانع لذات الهدف الاستراتيجي تقسيم السودان إلى دويلات.

وثمّة لغة ناعمة بدأت واشنطن تنتهجها مؤخرًا، حيث كشفت التقارير الصحفية أمس، بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها مانع في وصف البرهان برئيس مجلس السيادة، بينما طالبت البرهان بضرورة المشاركة في “اجتماعات جنيف”.

الدعم العسكري

ومع بزوغ فجر كل يوم تتصدر ميليشيا الدعم السريع الأنباء وذلك جراء انتهاكاتها المستمرة في حق المدنيين بالأماكن الواقعة تحت سيطرتها من نهب، وقتل، وترويع، وسرقة واغتصابات، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في القضاء على مستقبل الميليشيا السياسي منذ الأسابيع الأولى للحرب.

وينظر مراقبون إلى أنّ الإمارات إحدى أكبر داعميها قد تتخلى عن الميليشيا حال وصلت لتفاهمات مع الخرطوم، خاصةً وأنّ التمرد أسهم بشكل كبير في دمار سمعة الدولة الخليجية على مستوى الإقليم والعالم حتى باتت الإمارات ملطخةً بدماء السودانيين جراء الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه للميليشيا.
وثمّة تطورات عسكرية وسياسية بالمشهد، حيث أنّ القوات المسلحة تتقدم عسكريًا، فيما بدا واضحًا حرص الإقليم والعالم على ضرورة إيجاد حل لأزمة السودان حتى لا يتضرر الإقليم من نشوب حرب إقليمية.