واشنطن تسعى لانقاذ المليشيا واشراك الامارات: مفاوضات جنيف.. محاولات عزل الجيش
تقرير :أشرف إبراهيم
ما أن أعلنت الإدارة الأمريكية عن دعوة القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع للتفاوض في جنيف لوقف إطلاق النار والبحث عن حل للأزمة، حتى سارعت مليشيا الدعم السريع بالقبول والرد عبر تغريدة على منصة أكس لقائدها محمد حمدان دقلو الذي طال غيابه وبات حضوره منحصراً في التغريدات المشكوك في أمرها من خلال منصة إكس لا ميادين القتال وقيادة القوات، ومتابعة الوضع على الأرض ويرى مراقبون ان مسارعة الدعم السريع اللقبول بأي دعوة تفاوض ليس حرصاً على السلام كما تزعم قيادات تقدم الحليف السياسي للمليشيا بقدر ماهو مؤشر على انكسار القوة الصلبة للتمرد وفشل مخطط الإستيلاء على السلطة عبر القوة العسكرية.
سخرية
الدبلوماسي الأمريكي والخبير في شئون شرق الأوسط والسودان كاميرون هيدسون علق ساخراً غبي موافقة قائد الدعم السريع على دعوة جنيف بالقول “ليس من المستغرب أن تكون شركة العلاقات العامة التابعة لحميدتي جاهزة للرد بعد وقت قصير من تلقي الدعوة،كما أنه ليس من المستغرب مدى شفافية أكاذيبه وعجزه التام عن رؤية المفارقة في بيانه الخاص بالنظر إلى مسؤوليته الساحقة عن تدمير السودان.”.
تزوير
لم تكتف المليشيا بقبولها التفاوض وبث تغريدات قائدها الغائب فقد عمدت على تزوير بيان بإسم الناطق الرسمي للقوات المسلحة يعلن فيه موافقة الجيش على التفاوض، ووزعته على نطاق واسع في الأسافير بغية التضليل وايهام الرأي العام، وسارع الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله للنفي وقال في رسالة: طالعتم بيان مزور باسم مكتبنا يتحدث عن الاستجابة لدعوة الولايات المتحدة للاشتراك في مباحثات جديدة في جنيف، أفيدكم بأن هذا البيان مزور وهو أحد محاولات التضليل العديدة التي لاحظتموها خلال الساعات الماضية وبوتيرة متسارعة تشي بأن وراءها جهات تريد ان تضلل الرأي العام وتسوقه الى اتجاه معين.
ولا اتوقع أن يفوت ذلك على فطنة المواطن السوداني الكريم وقادة الرأي العام.
توضيح للخارجية
وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين أوضح في مؤتمر صحفي ببورتسودان امس الاول بشأن المبادرة الأمريكية للتفاوض أوضح، بأن الخارجية تلقت دعوة من نظيرتها الأمريكية وهي قيد التشاور مع الجهات الأخرى للرد عليها من حيث الشكل والمضمون.
فشل المليشيا
ويقول المحلل السياسي والأكاديمي الدكتور عادل التجاني في تعليق ل(الكرامة) إن ما يحدث من تهافت المليشيا على المنابر بخصوص التفاوض يشير إلى أن الوضع على الأرض عكس مايروج لها إعلامها بعد فقدان قياداتها وقواتها الصلبة وأن المليشيا تخشى نفاد الفرص العسكرية لأن الوقت كلما يمر استراتيجياً يمضي لصالح القوات المسلحة والشعب السوداني في معركته ضد هذه المليشيا، ويمضي التجاني للقول إن الولايات المتحدة الأمريكية لجأت إلى الدعوة لتنقذ المليشيا وتمنحها فرصة العودة وبالمقابل تستخدم ملف السودان كرت انتخابي وقال الديمقراطيون يستخدمون سلام السودان في معركتهم للوصول إلى البيت الأبيض مجدداً من ناحية تحسب اي خطوة لبايدن وتدعم ملف ترشيح نائبته كمالا هاريس في حملتها الإنتخابية، ومن زاوية ثانية يعمل على إنقاذ دولة الإمارات الداعمة للمليشيا وحليفة الولايات المتحدة في المنطقة، وقال التجاني ان الحكومة لديها تقديراتها في التعامل مع منبر جنيف بالرفض أو القبول وإن قبلت بالتفاوض سيكون بشروط تلبي تطلعات الشعب السوداني ولا تتجاوز ماتم الاتفاق عليه في منبر جدة ولم تنفذه المليشيا.
لعبة شراء الوقت لصالح التمرد
ويقول الكاتب والمحلل السياسي فتح الرحمن النحاس أن فشل الوسطاء في إنفاذ مقررات جدة التي ألزمت التمرد بإخلاء بيوت المواطنين والأعيان المدنية والكف عن جرائمه المتناسلة، يعني بوضوح وجود مماطلة لشراء المزيد من الوقت لصالح المليشيا المجرمة، ولانشك هنا في وجود دور خفي للأصابع الأمريكية في المماطلة والتسويف، ويستبين ذلك الآن من خلال دعوة وزير الخارجية بلينكن لمفاوضات أخري في جنيف، بديلاً عن منبر جدة، مايعني وضع مقررات جدة علي الرف وتجاوزها ثم تمهيد الطريق أمام طبخة جديدة، كأنما هنالك حلول سحرية تتوفر في جنيف، عليه فإن عدة تساؤلات توضع أمام الوسيط الأمريكي…هل الأهم (إنفاذ) المقررات السابقة المتفق عليها أم التنقل بالمفاوضات من مكان لآخر..؟! ألا يعد نقل المنبر لجنيف محاولة لإستغفال حكومة السودان وإيهامها بأن هنالك الجديد الذي ينتظرها..؟أم أن المقصود إرضاء أطراف أخري تمت دعوتها وترفض مقررات جدة.
شروط التفاوض
ويقول البروفيسور محمد جلال هاشم بشأن المفاوضات والقبول بالجلوس فيها لا يمكن أن يُرفض، لكن هناك نقاطا لا مناص من الوقوف عليها، وأولا، طريقة تسمية الأطراف. مجرد تسمية الطرف السوداني على أنه الجيش يقف شاهداً على محاولة قوى الوساطة لعزل الجيش عن الشعب وتجريده من كيان دولته المستقلة ذات السيادة.
ثانيا، تحديد الأطراف المشاركة من باب الوساطة أو الرقابة فمجرد إشراك الإمارات أو أي دولة شاركت في دعم مليشيات الجنجويد فهذا يعني تقويض استقلالية وسيادة الدولة، لا ينبغي القبول به بالمرة.
ثالثا، لا ينبغي لأي مفاوضات قادمة، كيفما وأينما كانت، أن تقفز على ما اجرى الالتزام به في يوم 11 مايو، 2024م بجدة، ذلك عندما التزمت مليشيات الجنجويد بالخروج من المنازل والأحياء السكنية وحتى الآن لم ينفذوا ما تعهدوا به.
رابعاَ عدم قبول أي وضع فيه تعود مليشيات الجنجويد إلى سابق عهدها قبل الحرب، لابد من تفكيكها مع تحميل قياداتها والدول التي عاونتها مسئولية التعويض للدولة السودانية وللشعب، خامسا، موقف أي دولة تجاه هذه الحرب، إن سلبا أو إيجابا، وبصرف النظر عن موقعها في موازين القوى، سوف يحدد طبيعة علاقتها بالسودان دولةً وشعباً
سادسا وأخيرا، على مجلس السيادة الذي يدير البلاد خلال هذه الحرب كحكومة حرب أن يُقرّر للمجتمع الدولي، وأن يقرّ بهذا أمام الشعب السوداني، أنه لا يفاوض بالأصالة عن نفسه، بل بالنيابة عن الشعب السوداني.