ارتفعت قيمته في السوق الموازية: انتعاش الجنيه.. (كلمة السر)

تقرير : رحمة عبدالمنعم

واصل سعر الدولار تراجعه أمام الجنيه السوداني ، لليوم الثالث على التوالي امس ، ليصل إلى 2300 جنيه للدولار الواحد بدلاّ عن 3000 خلال الايام الماضية، وأرجع خبراء سبب ارتفاع الجنيه إلى ضخ الجهات الرسمية كميات منه في البنوك، وتوقعات بتنفيذ صفقات استثمارية ضخمة مع دولتي روسيا وإيران ، والاستعداد استقبال ودائع مليارية من دول شقيقة.

أرتفاع الجنيه
وتأثر الجنيه السوداني بشكل إيجابي على خلفية تدخلات حكومية أنعشته مجدداً مقابل العملات الصعبة في السوق الموازي. وسجل الدولار الأمريكي (2500) جنيه، فيما بلغ (2300) جنيه في بعض المناطق بمدن كسلا وعطبرة وبورتسودان الواقعة شرق وشمال البلاد.
وبلغ الدولار الأمريكي أعلى مستوى له في تاريخ البلاد نهاية الأسبوع الماضي، وتم بيع واحد دولار أمريكي في أسواق موازية بمدينة بورتسودان بسعر (2900) جنيه، وفي بعض الأوقات سجل ثلاثة آلاف جنيه.
وقال متعاملون في السوق الموازي بمدينة بورتسودان، إن السوق الموازي تعرض إلى ضربة موجعة بشكل مفاجئ اعتباراً من الجمعة.
وتوفرت العملات الصعبة مقابل الجنيه السوداني، و في الغالب حدثت تدخلات من الجهات الرسمية إما بتوقف جهات حكومية عن شراء النقد الأجنبي أو ضخ كميات منه في البنوك.
واستعاد الجنيه السوداني بعضاً من حيويته في اليومين الماضيين، وسجل ارتفاعاً ملحوظاً في سوق العملات. ارتفع الجنيه السوداني وانخفض سعر الريال السعودي من (700) إلى (610) جنيهات
ويفاقم ارتفاع سعر الصرف للعملة الوطنية من الوضع المعيشي، وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بشكل كبير. ويشكو المواطنون من عدم وجود قدرة شرائية في ظل توقف الغالبية عن العمل في القطاعين العام والخاص وعدم الحصول على الأجور قرابة العام.

انهيار الطلب
وبعد موجة من الارتفاعات القياسية والتاريخية، يواصل الدولار في السوق الموازي تراجعه بشكل سريع.
وفيما كان يتحدث متعاملون وتقارير محلية عن تداول الدولار بأكثر من 2900 جنيهًا في تعاملات الأسبوع الماضي، نزل سعر صرفه في السوق الموازية إلى مستويات تتراوح بين 2300 إلى 2400 جنيهًا في التعاملات الأخيرة.
وحول أسباب هذه التراجعات يرى الخبراء أن هناك أسباب قادت الدولار إلى هذه الخسائر في السوق الموازية، وربما ستدفع بمزيد من التراجع خلال الأيام المقبلة، أولها انهيار الطلب من قبل المستوردين بسبب الارتفاعات غير المنطقية في أسعار صرف الدولار. إضافة إلى قيام البنك المركزي السوداني بضخ كميات من الدولار في البنوك.
يضاف إلى ذلك، الحديث عن تدفقات ودائع خارجية وخاصة من دولة قطر ، وأيضاً مايدور بشكل إيجابي عن المفاوضات التي تجريها الحكومة السودانية مع دولة الإمارات بشأن وقف الحرب الدائرة في البلاد
ويتوقف استمرار ارتفاع الجنيه السوداني مقابل الدولار في السوق السوداء على مدى توفره في البنوك، ودخول حصيلة دولارية جديدة سواء من الدول الشقيقة أو الشركاء الدوليين، إضافة إلى توفير بدائل محلية للسلع المستوردة.
في حديثه لـ”الكرامة”، قال الخبير الإقتصادي د.عثمان عبداللطيف،إن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية شهدت تراجعا خلال الأيام الماضية خاصة بعد ضخ البنك المركزي كميات من الدولار في البنوك، وهذا أدى لهبوط كبير في سعره.
ورجح استمرار تراجع الدولار في السوق السوداء وخاصة بعد الإعلان عن تفاصيل المفاوضات الجارية مع عدد من الدول التي من المتوقع ان يتم الإعلان عن نتائجها الاقتصادية خلال الأيام المقبلة.
وأشار إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق السوداء لمستويات قياسية خلال الفترة الماضية دفع لتراجع الطلب عليه، وبالتالي خفض المضاربون سعره. وقال إن الحديث عن الاقتراب من استلام وديعة قطرية، ساهم في خفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية.

تهاوي العملة
وتسببت الحرب الدائرة في السودان في تهاوي قيمة العملة المحلية (الجنيه) أمام العملات الأجنبية واستنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي،وتوقف عجلة الإنتاج بسبب التدمير الممنهج لموارد البلاد
وبلغ سعر الصرف في السوق السوداء نحو 2900 للدولار الواحد في الاسبوع الماضي، وشهدت العملات الاجنبية مقابل الجنيه ارتفاعا ً جنونيا في الأشهر الماضية ،ما ساهم في زيادة التضخم وتفاقم الفقر، بحسب تقارير رسمية .
وتسببت الحرب التي شنتها مليشيات الدعم المتمردة على مؤسسات الدولة منذ أبريل 2023م في تعليق دعم المانحين وزيادة عجز ميزان المدفوعات، وتآكل الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي، مما أدى إلى تدهور قيمة العملة الوطنية.
وعملت مليشيا المتمرد حميدتي على نهب البنوك والشركات وتخريب الإقتصاد ، وقامت بتهريب كميات من الذهب لتمويل حربها بعد تدميرها الاقتصاد الرسمي، بما في ذلك القطاع الخاص.ويقول خبراء في الاقتصاد إن المليشيات عملت على تكوين إمبراطورية مالية وكيان اقتصادي موازٍ، بعد تدمير القطاع الخاص النظامي لصالح قطاع آخر طفيلي كوّن ثرواته بموارد الدولة المنهوبة وعائدات السوق السوداء،وذلك بضخ عملات مزورة في السوق، كما قامت المليشيا بعمليات تدمير ممنهج لللبنية التحتية، وانهارت أغلب المؤسسات الاقتصادية للدولة
انعاش الاقتصاد
ويرى الخبير الإقتصادي د.هيثم عبدالرحمن في حديثه “للكرامة “أن استمرارية “استقرار سعر صرف الجنيه “تتطلب”وجود موارد دولارية مستمرة،وكما هو معلوم فإن عوائد صادرات البلاد قد تراجعت بسبب الحرب،وان ما يحتاجه الاقتصاد السوداني في هذه الفترة هو “إعطاء الاقتصاد حقنة إنعاش قوية” تجعله يتخطى “الأزمة الحالية” لكن التدفقات المالية “محدودة” وسوف تنفد عاجلا أم آجلا، والاستمرار يتطلب البحث عن بدائل بتوفير العملات الصعبة بشكل مستمر ودائم،والحفاظ على قيمة الجنيه أمام الدولار، وفق قوله.
ويشير عبدالرحمن إلى أن السودان يستورد سنويا ما قيمته 4 مليارات دولار،ولديه التزامات وعليه الإنفاق على الحرب،وعليه توفير السلع الأساسيةوالغذائية المستوردة،وكل هذا يحتاج لـ”تدفقات دولارية مستمرة لفترات طويلة”،وإذا نجحت الحكومة في توفير التدفقات الدولارية بشكل “مستمر ولفترات طويلة”،وذلك عبر طلب الودائع المليارية من الدول الشقيقة ،فهذا يعني “اختفاء السوق السوداء” للأبد، والنجاح في سداد الالتزامات..حسب تعبيره
ويشدد الخبير الإقتصادي على أن تنفيذ ذلك يتطلب وجود “معطيات على الأرض”، بزيادة الصادرات، وتنشيط الاستثمار بصنع بدائل، والسعي لزيادة تحويلات السودانيين بالخارج عبر البنوك الرسمية، وذلك بوضع أسعار مناسبة وتسهيلات وحوافز .
ومن جانبه يشير الباحث بالإقتصاد محمد عبدالمنعم إلى أن “الأزمة الاقتصادية مستمرة وسوف تستمر”،وإن الجنيه السودان لن يتعافى بين يوم وليلة ،والحقيقة التي علينا قولها ،هي إن الدولار سيرتفع أمام الجنيه من جديد
ويشير إلى أن تلك الزيادة ستؤدي “لما لا يحمد عقباه” في ظل الظروف الصعبة المتعلقة بالإقتصاد والناس،و التي تتمثل في ارتفاع الاسعار بشكل كبير، وزيادة معدلات التضخم، وارتفاع قيمة الديون وفوائدها، وزيادة نسبة العجز بالموازنة العامة ،و يحذر عبدالمنعم من استمرار “المنهج الاقتصادي الحالي غير الرشيد في إنفاق الموارد الاقتصادية”
سقف التحويلات
وكتب الصحفي الهندي عزالدين في صفحته الرسمية بمنصة “,اكس ” معلقاً على ارتفاع العملة الوطنية ،قائلاً :ارتفع الدولار إلى نحو 3000 جنيه ، ثم هبط إلى 2300 جنيه ،وذلك فقط بسبب مكالمة محمد بن زايد مع البرهان، ووزير المالية ومحافظ بنك السودان وطوابير الأفندية في الوزارة والبنك يتفرجون على الكارثة وكأن على رؤوسهم الطير
وأضاف :نهبت قوات التمرد تريليونات الجنيهات المطبوعة في شركة مطابع العملة ومن فروع بنك السودان وكل البنوك التجارية في الخرطوم وأم درمان وبحري ومدني ونيالا والجنينة ، والمحافظ يرفض تبديل العملة المنهوبة ، ويرفض إقالة مديري البنوك الجنجويد ، بل ويرفع سقف التحويلات عبر تطبيق بنكك من 3 ملايين إلى 15 مليون في اليوم !! ليتسابق تجار الدولار على المضاربات ، دون سلطان رادع سواء بالاجراءات الفنية أو الأمنية
وتابع :إنهم يتواطئون على تجويع المواطن داخل السودان وخارجه حيث يعتمد ملايين الفارين من الحرب على التحويلات مقابل الدولار والجنيه المصري الذي تجاوز الـ65 جنيه سوداني الأسبوع الماضي، وتساءل هل يسمعون في بورتسودان أنين الشعب الذي لم يمت بالدانات والرصاص..

اقرأ أيضا