القائم بأعمال السفارة السودانية بجنوب السودان في حوار مع ( الكرامة )
اكد القائم باعمال السفارة السودانية بدولة جنوب السودان الوزير المفوض جمال مالك دعم ومساندة دولة الجنوب حكومة وشعبا للسودان واوضح ان الرئيس سلفاكير هو اول من بادر بفتح الحدود والمنافذ البرية والمطارات لاستقبال السودانيين دون اي اجراءات هجرية بجانب توفير فرص العمل للاساتذة والاطباء السودانين وكشف عن وجود 80 من الاساتذة يعملون بجامعة جوبا في تخصصات مختلفة وقال في هذا الحوار الذي اجرته معه ( الكرامة ) ان دولة الجنوب لديها مصلحة مباشرة في ايقاف الحرب بالسودان ووصف السياسة التي تنتهجها تجاه المواطن السوداني بالايجابية مشيرا الي صعوبة السيطرة علي مرتزقة الجنوب بسبب وجود حركات معارضة لحكومة جوبا وهي التي تجندهم لمصلحة مليشيا الدعم السريع _ الي نص الحوار :
حوار / لينا هاشم
بداية ماهو موقف دولة جنوب السودان من (حرب الكرامة) ؟
أولاً، الشكر والتقدير لصحيفة الكرامة التي تحمل إسم معركة الشعب السوداني ضد خصومة وأعدائه وسارقي قوته ومقدراته ، ونشكر للصحيفة اهتمامها بنقل تفاصيل معركة الكرامة و مالاتها وانعكاساتها الداخلية والخارجية على المواطن السوداني .
فيما يلي موقف حكومة جنوب السودان تجاه ما يدور حالياً في السودان فلابد لي من الإشارة إلى أن العلاقة الثنائية بين البلدين لا يمكن لها أن تكون دون اكتساب صفة الشراكة الاستراتيجية ( وهذا ما نسعى إليه) وذلك لأسباب تاريخية سياسية اقتصادية وأمنية معلومة للجميع ، استشعرت حكومة جنوب السودان خطورة الأوضاع بالسودان قبل الحرب مما دفعها لابتعاث مستشار الرئيس سلفا كير للشؤون الأمنية توت قلواك إلى الخرطوم لمقابلة السيد الفريق أول ركن/ عبد الفتاح البرهان – رئيس مجلس السيادة والمتمرد حميدتي لتجاوز الخلافات ولكن عاد المستشار توت إلى جوبا دون إحراز أي تقدم وكانت هنالك محاولة أن يذهب الرئيس سلفا كير بنفسه إلى الخرطوم قبل اندلاع الحرب ولكن شاءت الأقدار أن تندلع الحرب قبل الترتيب للزيارة ، ظل الرئيس سلفا كير على اتصال دائم مع السيد رئيس مجلس السيادة قبيل وبعد اندلاع الحرب وكان سلفا كير أول من بادر لعقد قمة للإيقاد وتم تكليفه من قبل الرؤساء في ذلك الوقت لكي يقود مبادرة الإيقاد للتوسط في حرب السودان ولكن حدثت تطورات عقب ذلك في مبادرة الإيقاد مما أدى إلى اتخاذ الحكومة السودانية قراراً بتجميد عضويتنا في المنظمة. عموماً، أعلنت حكومة جنوب السودان رسمياً موقفها المحايد تجاه الحرب منذ اندلاعها وأن غرضهم الرئيس وتعاطيهم واهتمامهم بما يدور في السودان هو حرصهم على أمن واستقرار السودان والعودة إلى السلام مرة أخرى، وأكدت جوبا في أكثر من مناسبة أنها مستعدة للمشاركة في أي منبر من شأنه أن يجلب السلام في السودان ، أيضاً سبق أن استضافت جوبا عدد من الكتل السياسية ( الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، الحرية والتغيير – المركزي ) وشركاء اتفاقية السلام ذلك بغرض توحيد الأجندة الوطنية والخروج بموقف واحد يدعم وقف الحرب والعودة إلى الحكم المدني ولكن لم تكلل هذه الجهود بالنجاح حتى الآن مع تعدد المنابر وغيرها من الأسباب ، ولابد من الإشارة هنا إلى مشاركة جوبا في كافة المنابر التي عقدت في القاهرة لذات الغرض. حكومة جنوب السودان لديها مصلحة مباشرة في وقف الحرب تتلخص في صادر نفط جنوب السودان ( حقل فلج) الذي توقف منذ بداية العام الحالي بسبب الأوضاع الأمنية خاصة بعد دخول قوات التمرد في محطة العيلفون لذلك نجد أن هناك تواصل مستمر بين وزارتي النفط في البلدين لمناقشة كافة الجوانب الفنية وغيرها التي تتعلق باستئناف صادر نفط جنوب السودان.
كيف تصف دعم ومساندة دولة الجنوب للشعب السوداني خلال هذه الحرب ؟
الرئيس سلفاكير هو اول رئيس دولة بادر بفتح الحدود وكل المنافذ البرية و المطارات لاستقبال السودانيين دون أي إجراءات هجرية بشرط أن يحمل المواطن فقط ما يثبت أنه سوداني ولا زال هذا الامر مستمر ، ووجد المواطنون الذين دخلوا عن طريق الرنك استضافة ودعم من المواطن بجنوب السودان وكانت المعاملة ممتازة جداً نظراً للعلاقات بين البلدين ، بجانب ذلك توفرت فرص عمل للأساتذة والاطباء السودانيين وفي مجال التجارة وغيرها من المهن حيث وجدوا تسهيلات كبيرة للعمل ولدينا اكثر من ثمانين أستاذا جامعيا يعملون الآن في جامعة جوبا في مختلف التخصصات بجانب عدد كبير جداً من الأطباء والاخصائيين في اختصاصات مهمة كالمخ والاعصاب وامراض الباطنية والعظام والجهاز الهضمي والاسنان وغيرها وذلك كله بفضل تسهيلات السلطات المعنية بدولة جنوب السودان.
هل هناك ترتيبات لزيارة الرئيس سلفاكير للبلاد لدعم جهود الاستقرار ؟
لا توجد ترتيبات حتى الآن..
اوردت تقارير مؤكدة بمشاركة مرتزقة من جنوب السودان يقاتلون مع المليشيا المتمردة ضد الجيش السوداني _ ما تعليقكم ؟
هذ معلومات حقيقية أن هنالك مجموعات من أبناء جنوب السودان شاركوا في صفوف التمرد ونحن علي علم بذلك وطرحنا هذا الأمر على المسؤولين بجنوب السودان ، المرتزقة لا دين ولا دولة ولا مباديء لهم ، المرتزق يشارك في الحرب فقط من أجل المال وما نستطيع أن نؤكده ان حكومة جنوب السودان ترفض مشاركة هؤلاء ، ونعلم ان هناك بعض المعارضين لحكومة جنوب السودان ايضا يقوموا بتجنيد المرتزقة لصالح الدعم السريع مقابل المال ، من جانبنا ناشدنا عبر الاعلام بدولة جنوب السودان ان يبتعد مواطن جنوب السودان عن المشاركة في هذه الحرب التي لا تعنيه واكدنا ان اي شخص يدعم التمرد سيصبح هدف للقوات المسلحة وهذه الرسالة تم ايصالها عبر الاعلام و القنوات الرسمية ، غالبية المواطنين الجنوب سودانيين يتضامنون ويقفون الي جانب الشعب السوداني في هذه المحنة وحينما تجمعنا بهم بعض البرامج نجدهم يتحدثون عن السودان بمرارة وكأن الذي أصاب السودان قد اصاب بلدهم ، هنالك انعكاسات كثيرة حدثت لجنوب السودان بسبب حرب السودان لذلك يمكن ان نقول بشكل عام ان المواطن الجنوب سوداني يتضامن مع اخوته السودانيين ولا يدعم التمرد اما الفئة القليلة التي شاركت إلى جانب التمرد قامت بهذه الخطوة بدوافع شخصية ومالية كمرتزقة وليس لحكومة جنوب السودان او مواطنها اي علاقة بهم.
ما هي الاجراءات التي اتخذتها حكومة جنوب السودان لمنع المرتزقة من دعم التمرد ؟
من الصعب السيطرة عليهم بسبب وجود حركات معارضة مسلحة بجنوب السودان إلى جانب طول الحدود وطبيعتها..
استنادا علي خصوصية العلاقة بين البلدين والتي اشرت اليها من خلال حديثك ما هو الدور الذي لعبته جوبا لايقاف الحرب بالسودان وكيف تقيمون جهودها في ذلك ؟
حكومة الجنوب سبق وأن دعت شركاء اتفاقية سلام جوبا الكتلة الديمقراطية وغيرهم الي جوبا وفي وقت مبكر لبحث كيفية الخروج من الازمة وتوحيد الصف الوطني ، وفي مناسبة أخري دعت تحالف الحرية والتغيير لايجاد موقف موحد ومشترك يجمع كل اطياف السياسة السودانية وحركات الكفاح المسلح وغيرهم في موقف سياسي واحد يساهم في عملية وقف الحرب في السودان ودعم جهود فترة ما بعد الحرب من تحول سياسي ومدني ، أيضا شاركت حكومة جنوب السودان مع جمهورية مصر العربية في القيام باجتماع منبر دول الجوار بالقاهرة ، وهنالك اتصالات مباشرة من الرئيس سلفاكير مع الرئيس عبد الفتاح البرهان فيما يلي الجهود التي يمكن ان تبذل في سبيل وقف الحرب ، وهناك تفهم واضح لحكومة جنوب السودان لموقف الحكومة السودانية فيما يلي مبادرة الايغاد ، لذلك يمكن ان نقول ان حكومة جنوب السودان لديها تاريخ في الوساطة بين الفرقاء السودانيين سوي ان كانت حركات الكفاح المسلح وهو امر طبيعي لان السودان وجنوب السودان لديهم تاريخ مشترك ويعرفون مشاكل بعضهم البعض ، جوبا كانت ولا تزال تبذل جهود من أجل وقف الحرب بالسودان لارتباط الوضع في السودان من حيث الأمن والاستفرار بالأوضاع في جنوب السودان والعكس أيضاً صحيح.
ما هي أسباب زيارة وفد قيادات الدعم السريع المتمردة قبل ايام الي جنوب السودان ولقائهم برئيس الجمهورية ؟
الزيارة لم تكن معلنة وليس لديها اجندة واضحة ، علمنا بحضور المتمرد عبد الرحيم دقلو الي جوبا لحظة وصوله وتابعنا ذلك الي أن غادر دولة الجنوب ، وعبدالرحيم دقلو لم يتم استقباله بصفة رسمية فى جوبا لانه متمرد.
من خلال معلوماتكم ما هي دوافع الزيارة في هذا التوقيت ؟
نُقلت الينا تطمينات من قيادات عليا بدولة جنوب السودان تؤكد أن حكومة جنوب السودان لن تلعب أي دور سالب فيما يتعلق بالأزمة السودانية وتسعي لتحقيق امن واستقرار السودان و تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين.
وماذا بخصوص أوضاع السودانيين في جنوب السودان عامة و الذين اضطرتهم الحرب للجوء الي جوبا خاصة ؟
قبل الحرب هناك اعداد كبيرة من السودانيين موجودين بجوبا ومدينة واو وشرق وغرب الاستوائية والبحيرات واوضاعهم مستقرة وعدد كبير منهم يعمل في مجال التجارة ، هناك بعض الاشكاليات التي كانت تواجه السودانيين فيما يتعلق بالاقامة وتسجيل الاجانب وكان للسفارة تواصل ولا زال مع سلطات الهجرة بجنوب السودان ووجدنا منهم تعاون ملموس؛ ولذلك نقول ان السياسة التي تنتهج تجاه المواطن السوداني يمكن ان توصف بالايجابية ولكن يلازمها بعض المخالفات من بعض افراد الشرطة في بعض المناطق ونحن علي تواصل مستمر مع هذه الجالية بالمدن والولايات ونتدخل للمعالجة مع الجهات الرسمية ، بعد الحرب لجأ عدد من السودانيين الي دولة جنوب السودان منهم من استقر ومنهم من عبر منها الي دول جنوب وشرق افريقيا ، عدد كبير من الذين استقروا بجوبا هم اصحاب مهن ولديهم تجارب وخبرات في مجالات مختلفة ووجدوا تسهيل من جانب السلطات لمزاولة نشاطاتهم واعمالهم المختلفة ، ويمكن ان نقول ان المواطن السوداني بجنوب السودان له قيمة وتعامل مختلف ومواطن الجنوب يشعر بالارتياح في التعامل مع المواطن السوداني نظرا للعلاقة التاريخية والارتباط الوجداني وغيره ، ايضا هناك عدد المواطنيين ممن لجاوا الي جنوب السودان ليس لديهم الامكانيات المالية وعدد منهم الان يستقر في معسكر قوروم للاجئين جنوب مدينة جوبا وبعضهم يتواجدون بالرنك، ونحن بالسفارة لدينا تواصل مع عدد من الجاليات بجنوب السودان إلى جانب اللجنة التمهيدية للجالية السودانية بمنطقة الاستوائية الوسطي ولدينا تواصل ايضا مع بعض رجال الاعمال السودانيين وبعض المنظمات الإنسانية وهناك ترتيبات في الفترة القادمة لاسبوع صحي وعلاجي للاجئين بمعسكر قوروم بمشاركة عدد كبير من الاطباء لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية وتوفير بعض المواد الغذائية وغيرها بالتضامن والتكاتف ما بين السفارة السودانية والجالية ورجال الاعمال السودانيين لتقديم العون للاجيئن السودانييين .
كيف تسير العلاقات الاقتصادية بين البلدين ؟
هناك ارتباط اقتصادي كبير بين السودان وجنوب السودان ، قبل الحرب كانت هناك كثير من السلع تصدر الي جنوب السودان عبر بعض المنافذ ولكن لم تكن هناك نافذة قانونية او منطقة جمركية او منفذ رسمي بين الدولتين حتي اندلاع الحرب لذلك لا استطيع القول ان هنالك علاقة تجارية رسمية ولكن هناك مواد وسلع تموينية كانت تصل الي جنوب السودان بطرق غير قانونية ، للاسف بعد اندلاع الحرب توقفت المصانع وغيرها من المنتجات السودانية وانتقل جنوب السودان بكثافة الي استيراد الاغذية من شرق افريقيا والخليج وغيرها من الدول؛ ونتمني ان يتم النظر في كيفية تسيير العلاقات التجارية بين البلدين بعد انن تقف الحرب، في السابق كان هناك اتفاق لفتح الحدود والمعابر التجارية بين البلدين _ المعبر النهري وبعض المعابر البرية لتسهيل حركة التجارة بين السودان وجنوب السودان، ونتمني أن يتم تفعيل العمل التجاري ونحن واثقون بان منتجاتنا السودانية لها قبول وسوق كبير جدا في جنوب السودان ويمكن من خلاله ان تذهب هذه المنتحات الي شرق افريقيا لأن منتجاتنا لديها قيمة عالية جدا والمستهلك بجنوب السودان لديه ثقة عالية فيها سوي ان كانت غذائية او طبية ، وكذلك لجنوب السودان مصلحة في استخدام ميناء بورتسودان لجلب الواردات الي جنوب السودان نظرا لقصر الفترة الزمنية في نقل البضاعة من بورتسودان عبر السكة حديد الي مدينة كوستي ومنها عبر النقل النهري الي ملكال ثم بور ومنها عبر الشاحنات إلى جوبا وغيرها من المدن، فالمصلحة بين البلدين مشتركة وتعود بالمنفعة الضخمة إليهما، ولذلك نسعي لخلق شراكة استراتيجية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والامنية وغيرها.
كيف تنظر الي مستقبل العلاقات بين البلدين ؟
سبق وان وضعت خطة قبل عامين متفق عليها بين الدولتين لتوقيع عدد كبير من مذكرات التفاهم فيما يلي توطيد العلاقات الثنائية لتصل الي مرحلة الشراكة الاستراتيجية في مجالات اقتصادية وسياسية وامنية وتوقفت بسبب الحرب وسنواصل هذا المسعي بعد توقف الحرب لان الذي يجمع بيننا هو تاريخ مشترك ووجدان موحد، ونحن كوزارة خارجية نؤكد علي هذه الشراكة وهذه الوحدة الوجدانية ونقر أن جنوب السودان الآن قد اصبحت دولة مستقلة ذات سيادة ولكن هذا لا يمنع ان نكون لدينا شراكة حقيقية في كافة المجالات بحكم التاريخ والعلاقة القديمة والوجدان الشعبي المشترك.
كلمة أخيرة :
هناك الكثير من المعلومات التي تنشر عبر الوسائط عن انخراط حكومة جنوب السودان أو أفراد ضمن طاقمها في أعمال عدائية ضد السودان وذلك عبر التضامن مع التمرد وتسهيل مرور بعض المساعدات اللوجستية وغبرها عبر جنوب السودان ولكن نطمئن الجميع أن السفارة السودانية بجنوب السودان على تواصل دائم مع المسؤوليين في حكومة جنوب السودان، وأن قيادة الحكومة السودانية على علم بكافة التفاصيل وهناك تواصل مستمر بين المؤسسات الحكومية في البلدين مما يؤكد على أن هناك تفهم حقيقي للموقف الرسمي لحكومة جنوب السودان. ختاماً، أشكر صحيفة الكرامة علي الاهتمام والمتابعة و المجهود الكبير الذي تقوم به لتمليك المواطن السوداني حقيقة الأوضاع الداخلية والمؤثرات الخارجية، ونسأل الله العلي القدير النصر لقواتنا المسلحة وكافة القوات المساندة لها في معركة الكرامة من قوات مشتركة ومستنفرين وأن يتقبل المولى عز وجل الشهداء ويشفي الجرحي والعودة للمفقودين.