عرس أوروبا

يوسف عبدالمنان
اليوم الأحد تطوي بطولة الأمم الأوروبية آخر صفحاتها ويزف احد المنتخبين الانجليزي أو الإسباني عريسا لأوروبا وبطلا لأربعة سنوات قادمات.
العالم باسره من امريكا الجنوبية إلى روسيا ومن كندا ، استراليا يحبس أنفاسه اليوم ويبحلق حول شاشات التلفزة لمتابعة نهائي أروبا بين الانجليز ومحاربي الثيران الاسبان في معركة أقدام وعقول وقلوب.
ربما يقول قائل مالنا في السودان وكرة القدم الأوربية الا يكفينا مانحن فيه من حروب وموت وجوع وفقر وعوز ومرض وهم وغم؟ بالطبع كل ذلك شاخصا وحاضرا وانا اكتب من قلب المعارك والموت والجرح العميق في القلب ولكن رغم مايجري هنا في مناطق الحرب المباشرة الحياة تمضي والأمل باقي و(الناس تعرس وتنبسط) وتلعب كرة قدم وتتسامر في المقاهي ومدافع الجنجويد تحصد الأرواح كما حدث في بئر حماد شمال غرب ام درمان حيث أطلقت المليشيا قاذفات الكاتيوشيا على المدنيين الأبرياء ورغم الحرب والموت وحظر التجوال وإطلاق الرصاص دون مبررا الا ان الشباب والكهول وحتى النساء يتابعون البطولة الأوروبية منذ إنطلاقتها منتصف يونيو الماضي وحتى اليوم حيث تصل البطولة إلى محطة الختام وعرس الأحد.
وبطبيعة الحال ينقسم العالم اليوم إلى فريقين يشجعون الأقرب إليهم وجدانيا وعاطفيا واجتماعيا وسياسيا وكرة القدم أصبحت كل شي من يشجع انجلترا اليوم لايشجع فقط الاولاد اللونين من أفريقيا واروبا ولكنه يشجع اللغة الإنجليزية ويشجع شكسبير في قبره وانتوني ايدين وماغريت تاتشر ومقاطعة المرسسايد وجون لوك والاستعمار البريطاني والبي بي سي والغارديان وحرب الفوكلاند ومن يشجع اسبانيا خاصة من العرب تسري في مخيلته وعاطفته تلك الدماء العربية التي لم تطمسها الايام في السحنة الإسبانية والجنرال فرانكو واشبيلية وغرناطة وأشعار ابن زيدون ونضال الكاتالوني وإقليم الباسك وتشجيع كرة القدم به بواعث ثقافية فالهوسا في نيجريا ينظرون لأبنهم ساكا لاعب انجلترا وماذا يفعل بالمدافعين والاشانتي في غانا أحفاد كوامي نكروما يشجعون الغاني الأصل وليمايز جناح اسبانيا الطائر مثلما تهتز مدن طنجه وفاس والرباط طربا مع مراوغات الأمين جمال فتى برشلونة الأنيق
انها اكثر من مباراة تلعب اليوم في مدينة برلين بشرق ألمانيا بين كبار أروبا ونحن هنا نمسح أحزاننا بضوء شاشات التلفزة لنعيش تسعين دقيقة مثل بقية شعوب العالم التي تنام بعد المباراة على وقع تفاصيلها الصغيرة ونحن ننام على أمل أن يتوقف القصف المدفعي على رؤوسنا ليوم واحد.

اقرأ أيضا