زيارة خبير حقوق الإنسان .. ثم ماذا بعد؟!

تقرير :رحمة عبدالمنعم
وصل إلى مدينة بورتسودان الخبير المعين لحالة حقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر في زيارة تستغرق عدة أيام.،واستقبلت وزارة العدل ممثلة بالإدارة العامة لحقوق الإنسان، ووزارة الخارجية ممثلة بإدارة إدارة حقوق الإنسان والمرأة والطفل بمطار بورتسودان السيد رضوان نويصر “الخبير المعين لحالة حقوق الإنسان في السودان”،ومن المتوقع أن يعقد نويصر، خلال الزيارة عدداً من اللقاءات والاجتماعات مع مسؤولين حكوميين ومواطنين متضررين جراء الحرب.
المفوض السامي
ووصل خبير الأمم المتحدة المَعنيّ بحالة حقوق إلى مدينة بورتسودان في زيارة رسمية تستغرق أياماً عدة، هي الأولى له منذ اندلاع الحرب بين الجيش و«مليشيات الدعم السريع» في أبريل العام الماضي.
ومن المقرر أن يلتقي نويصر بمسؤولين في الحكومة السودانية، وهيئات الأمم المتحدة، ومنظمات مجتمع مدني وشركاء آخرين في مجال حقوق الإنسان، وفقاً لمكتب المفوض السامي، كما يشمل برنامج زيارته أيضاً، لقاءات مباشرة مع النازحين داخلياً والاستماع إليهم مباشرة.
وتأتي زيارته لتقييم حالة حقوق الإنسان في ظل النزاع الدائر، واتساع رقعة القتال، وتصاعد الانتهاكات ضد المدنيين العزل التي خلفت آلاف القتلى والجرحى، ونزوح الملايين من السودانيين.
وقال مكتب المفوض في بيان، إن نتائج الزيارة ستساعد على إعداد التقرير السنوي المقبل للمفوض السامي لحقوق الإنسان بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان، الذي سيجري تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان في الدورة الثامنة والخمسين في مارس 2025.
وكان الخبير الأممي للسودان قد شدد في يناير الماضي على اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة حالة حقوق الإنسان في البلاد. ودعا أطراف القتال إلى ضمان «التحقيق الفوري والشامل في جميع الانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي ومحاسبة المسؤولين عنها».
ووصف نويصر في تقريره السابق أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الحرب الدائرة في السودان بـ«المروعة»، وقال: «إن ما يجري جريمة في حق السودان والسودانيين»
المنظمات الحقوقية
وقالت منظمات حقوقيةلـــ “الكرامة”، إن “المعاناة التي تعرض لها المدنيون في السودان تقتضي اتخاذ خطوة من مجلس حقوق الإنسان للتصدي للإفلات من العقاب في النزاع الدائر وتوجيه تحذير واضح لمليشيات الدعم السريع التي ارتكبت انتهاكات بشعة ضد المدنيين ،مع ضرورة إخضاعهم للمساءلة على جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
واضافت انه ينبغي على الدول الأعضاء استحداث آلية تحقيق دائمة جديدة للإثبات للشعب السوداني أن الأمم المتحدة لن تغض الطرف عن معاناتهم وأنها تدعم المساءلة الدولية على الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحقهم.
وتابعت المنظمات بأن “المجتمع الدولي لا يستطيع أن يقف مكتوف اليدين ويسمح بأن يكون ذلك الصمت المخزي والتعبير عن القلق بشأن جهود المساءلة على الانتهاكات وجرائم الحرب في السودان “.
وحثت المنظمات المفوض السامي لحقوق الإنسان بإجراء تحقيق في أخطر الانتهاكات والإساءات للقانون الدولي المرتكبة في السودان، وإعداد تقرير علني حولها. وفي الوقت نفسه،ستقدم المنظمات الأدلة وتُعدّ الملفات لتقديمها لمفوص حقوق الإنسان رضوان نويصر لمقاضاة جنائية دولية لعناصر المليشيا الإرهابية
وأردفت المنظمات بأن زيارة المفوض السامي رضوان نويصر إلى السودان مطلوبة لضمان فضح الانتهاكات الخطيرة المرتكبة ضد المدنيين – أمام العالم. ليس هذا فحسب، بل أيضاً يمكن استغلال المجالات المحتملة للمساءلة على الجرائم المنصوص عليها بموجب القانون الدولي استغلالاً فعالاً في المستقبل للتصدي للإفلات من العقاب وتقديم سبيل انتصاف فعال للضحايا”.
ولقد ارتكبت مليشيات الدعم السريع انتهاكات واسعة النطاق وممنهجة، من ضمنها إيقاع عشرات الآلاف من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين على حد قول المنظمات؛ فمنذ العام الماضي ، شنت المليشيات عشرات الضربات بالاسلحة والمدافع الثقيلة غير المشروعة التي أسفرت عن مقتل وجرح المدنيين وتدمير المنازل، والمستشفيات، والمدارس، والأسواق، وغيرها من البنى التحتية المدنية أو إلحاق أضرار بها، وسلّحت دول مجاورة الميليشيات التي ارتكبت انتهاكات خطيرة.وقد أطلقت قوات الجنجويد قذائف الهاون والقذائف الصاروخية وغيرها من الصواريخ عشوائياً على مناطق ذات كثافة سكانية، من بينها مدن الجزيرة وسنار ودافور ، وأطلقت مسيرات عشوائياً على مناطق آهلة بالسكان في السودان ،وعمدت المليشيا إلى منع المساعدات الإنسانية التي تُنقذ الأرواح من الوصول إلى الذين يحتاجونها. وقالت المنظمات إن السلوك الإجرامي للمليشيات أودى بحياة آلاف المدنيين وتسبّب في السودان بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.

هيومن رايتس
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد طالبت “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اتخاذ إجراءات أقوى لمواجهة التدهور السريع لحقوق الإنسان والوضع الإنساني في السودان.
وقال آلان نغاري، مدير المناصرة في قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يتعيّن على مجلس الأمن زيادة ضغطه على الأطراف المتحاربة في السودان لوضع حدّ لانتهاكات القانون الدولي الإنساني. كخطوة أولى، ينبغي للأعضاء الأفارقة الثلاثة إثبات اضطلاعهم بدور ريادي من خلال الدعوة إلى توسيع حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة ليشمل البلاد بأكملها، وفرض عقوبات على القادة العسكريين المتورطين في انتهاكات خطيرة”.
وذكرت هيومن رايتس ووتش، بأنّ استمرار تدهور الوضع في السودان يؤكد ضرورة اتخاذ مجلس الأمن لتدابير أقوى ،وانه يتعين على مجلس الأمن التأكيد مجددا على أنّ حماية المدنيين هي ركيزة أساسيّة لمهمّة يونيتامس، لا سيما في دارفور. وينبغي له أيضا الضغط على يونيتامس والأمم المتحدة على نطاق أوسع لتأمين مراقبة مكثفة للوضع هناك، ونشر موظفين إضافيين، والإبلاغ بانتظام عن خرق القانون الدولي الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل القوات المتحاربة. يتعين عليه أيضا تقديم توصيات لتعزيز حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان.
وطالبت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ إجراءات سريعة وملموسة لمنع المزيد من الفظائع، وتعزيز المحاسبة على الانتهاكات الجسيمة. قالت هيومن رايتس ووتش إنّ هذه الإجراءات يجب أن تشمل فرض حظر موسّع على الأسلحة في كل أنحاء السودان وعقوبات مركّزة على المتورّطين في انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. رغم أنّ الدول والهيئات الأفريقية تلعب دورا حاسما في الضغط على الأطراف لوقف أعمالها الضارّة والمسيئة، إلا أنّ بعض التدابير ستطلّب جهدا عالميا لتحقيق الأثر الضروري
جرائم حرب

ويرى المحامي الطيب عبدون بأن مليشيات الدعم السريع،هاجمت المناطق السكنية، وهاجمت المدنيين بنيران المدافع وجنّدت الأطفال واستخدمتهم في القتال، وفرضت الحصار على مدن الخرطوم والجزيرة ودارافور ،ما أدى إلى قتل و ترويع وتشريد المدنيين
وأضاف لـــ “الكرامة”: إن انتهاكات المليشيا لم تتوقف، بما في ذلك استخدام الإغتصاب والعنف الجنسي ضد النساء، واستخدام الجنود الأطفال، والقصف العشوائي للمناطق المدنية، ومنع دخول المساعدات إلى المدنيين في المدن.
وقال عبدون ان مليشيات قامت بتدمير ممنهج للبنى التحتية وأصابت المدارس والمستشفيات والأسواق والمباني السكنية والبنية التحتية العامة والخاصة، وفرضت المليشيا حصارا على بعض المدن التي دخلتها وساهمت في تفاقم الأزمة الإنسانية،وقد وثّقت منظمات حقوقية انتهاكات المليشيا قد يرقى بعضها إلى جرائم الحرب،وانها قتلت أكثر من 46الف مدنيا، وهجرت قسرياّ مئات السودانين
وتابع :ابدت مليشيات حميدتي استهتاراً بلا شفقة بحقوق الإنسان وحياة البشر. ومن شأن الإفلات من العقاب أن يزيد الأمور سوءاً ،ومن الملّح أن يصحح مجلس حقوق الإنسان هذه الخطوة الخطيرة،وعلى المفوض السامي لحقوق الإنسان إجراء تحقيق لجمع الحقائق والإبلاغ عنها وجمع وحفظ الأدلة لمعاقبة المتورطين في جرائم الحرب
تقديم المتورطين
ويقول الصحفي محمد يوسف لـــ “الكرامة”،إن الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان في السودات قد ترقى الى جرائم حرب، ومن المؤسف أن المنتهكين لازالوا بعيداً عن أيدي العدالة، آمنين من العقاب،وان زيارة المفوض السامي لحقوق إلى بورتسودان جاءت متاخرة في ظل انتهاكات مستمرة يتعرض لها المدنيون في السودان
ويضيف :منذ أكثر من عام، يعيش الشعب السوداني ضحيةً لعدد لا يحصى من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان،ويشهد على ذلك توثيق المنظمات الحقوقية المحلية والدولية للجرائم التي ارتكبتها مليشيات الجنحويد ،ويجب على المفوض السامي إطلاع العالم عليها في ظل وجود التزام بالتصدي للإفلات المستشري من العقاب على هذه الجرائم. وقد أظهر ذلك للمدنيين في السودان بأن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لا تغض طرفها عن معاناتهم.
ويتابع :على المفوض السامي لحقوق الإنسان القيام بمهامه ومسؤولياته بشكل أكثر جدية، والعمل بحزم لتقديم المتورطين في جرائم الحرب للعدالة الدولية والعمل على حماية المدنيين من كل الانتهاكات التي يتعرضون لها وضرورة إدراج أولويات حقوق الإنسان مثل المساءلة والتعويضات وجبر الضرر ضمن أولويات أي عملية سياسية قادمة.