مؤتمر القاهرة..قطار الحل يمر بجميع المحطات..

علم الدين عمر
.. بطريقة عمياء* تمشط مسطولة كما يقول صديقي الشاعر الفلسطيني الكبير هلال الفارع أنتقلت حمي التوجس والتصنيف والتحليل في ألاوساط السودانية بين يدي مؤتمر القاهرة للقوي المدنية الذي أتخذت الكثير من التيارات السياسية وشبه السياسية (وهذه حالة سودانية خالصة ) موقفها منه عطفاً علي أمرين لا ثالث لهما إما الإحتجاج علي عدم الدعوة أو علي دعوة الآخرين ..فبأستثناء الحزب الشيوعي ما من حزب تمت دعوته وأعتذر من حيث المبدأ حتي الآن ..بينما لازالت دعوات عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور ( مستر نو) معلقة بين الرفض والقبول (ربما تكون قد بت فيها حينما تطالعون هذه المادة) وأتوقع ألا يستجيب عبدالواحد الذي يرتبط بدوائر لا تريد له أن يكون ضمن أي برنامج حل بشري للأزمة السودانية ربما ..إذن لا زالت أزمة الساحة السودانية المتجذرة في الشكليات تسيطر علي المشهد فقد أنشغلت الدوائر بالدعوات ومساراتها ومستهدفيها وشخوصها وتغافلت تماماً عن أصل الموضوع وأجندة المؤتمر ووضعية الطاولات وشكلها الهندسي إن كانت مستديرة أو مستطيلة ( المحبذة لعشاق الكرفتات الحمراء) ..لم يسأل أحد عن كيفية إدارة الحوار بقدر ما كان همهم من الذين يتحاورون ..ولم يتوق أحدهم لسؤال الجهة المنظمة عن الإستراتيجية التي أتبعتها في عمل سكرتارية المؤتمر وكيفية صياغة مداولاته وليس مخرجاته التي يستطيع أي كاتب هاوي أن يدونها الآن وينتظر فقط الإعلان ليجده متطابق حذو الحافر بالحافر مع مخرجات أي منبر آخر بحث الأزمة السودانية أو تناقش حولها ..لم يترفعوا ويحدثونا عن ترحيبهم بأي مخرجات تعزز سيادة السودان وتحفظ كرامته طالما ناقشها سودانيون مثلهم علي الطاولة المصرية غير المتهمة بالتآمر علي السودان وشعبه ..
ويظل السؤال الأهم هل مؤتمر القاهرة هو النقطة الأخيرة في سطر القضية السودانية الذي سيتشكل عليه المشهد القادم ؟ بكل تأكيد الإجابة هي لا ..لأن المنبر هو محطة من محطات القطار ..ربما هي أهم محطاته ولكنها ليست الأخيرة علي أي حال ولذلك علي القوي التي ملأت الدنيا ضجيجاً خلال الساعات الماضية أن تعد عدتها للمحطة القادمة وتتابع معنا علي شاشات العرض رباعية الأبعاد(الدبلوماسي والسياسي والإداري وا ل م خ ا ب ر ا ت ي) مداولات هذه المحطة الهامة وهوامشها إذ ربما تلتقط رواصدها جنداً ما يعبر عنك وأنت غير موجود فتدعمه وتسجل نقطة في مرمي غيابك الحاضر ..
ومن خلال متابعتي لمسار التمهيد لهذا المؤتمر من الجانب المصري أستطيع أن أجزم أنه يمضي في إتجاه فتح الساحة السودانية للحوار وليس إغلاقها فقد أقمت والزميلة رشان أوشي حلقة نقاش بقاعة الصداقة بالخرطوم الجريحة حول الدعوة المصرية السابقة للحوار السوداني السوداني قبل عامين وحشدنا لها عدد كبير من قادة الأحزاب والكتل والشخصيات القومية وتواصلت معنا يومها السفارة المصرية بالخرطوم مشيدة ومحتفية بالحلقة ومداولاتها ومخرجاتها ثم شعرت بعد ذلك أن ثمة كوابح وضعت لهذا الحوار ربما أعتقدت أننا روجنا له أكثر مما يجب ..فبدا لي أن الأجهزة في القاهرة تدير هذا الشأن برؤية مختلفة وتتقاطع علي طاولاته عدة دوائر لدي كل منها برنامج عمل يختلف عن الأخري ..فقد جري إستبعاد عدد من الداعمين الكبار للدعوة من الذين شاركوا في الحلقة ووجهت الدعوة لشخصيات ذات أوزان أخف وأقل حماساً لها ..ما يعضد عندي فرضية أن القاهرة تتدرج في نظرتها للملف السوداني ولا تتبع سياسة حرق المراحل ..فحتي الدعوة الحالية تم التمهيد لها منذ زمن كمؤتمر جامع لكل القوي المدنية في السودان قبل أن يتم حصرها لاحقاً في قوي منتقاة بطريقة معينة تختلف عن ذلك ..ما يعني عندي أن الدعوة تهدف لتهيئة الأجواء لجولات قادمة ..ربما جدة؟ ممكن..
عموماً علي السودانيين ألا يتوجسوا من مؤتمر القاهرة فمصر أولي من غيرها بإستضافة الحوار السوداني وإستكمال الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء الأزمة السودانية لأنها من حيث المبدأ غير متهمة بالعمل ضد مصالح الشعب السوداني وقضيته وسيادة اصلسودان ..وهي كذلك الأحرص علي إستقراره وأمنه والأجدر علي مخاطبة أزمته .
نعود لنري إن كانت إضاءة القاعات ونظام الصوت جيد بما يكفي .

اقرأ أيضا