بعد فشل مخططات المليشيا:  فقدان سيطرة القيادة جعلها عصابات ترويع ونهب

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو
وسّعت ميليشيا الدعم السريع من نطاق عملياتها القتالية التي كانت قد ابدأتها بالهجوم على القيادة العامة للقوات المسلحة بالعاصمة الخرطوم صبيحة الخامس عشر من أبريل العام الماضي، عندما اطلقت الرصاصة الأولى من فوهة بندقية الغدر والخيانة في محاولة للاستيلاء على السلطة وتقويض نظام الحكم في السودان، تحت فرية الحفاظ على الديمقراطية والقضاء على الكيزان وفلول نظام الإنقاذ المحلول، ولكن مع مرور الوقت وشعورها بفشل مخططها بالسيطرة على مفاصل القوة العسكرية في الخرطوم سواءً في المدرعات أو سلاح المهندسين أو قاعدة واي سيدنا العسكرية وغيرها، انتقلت ميليشيا الدعم السريع، إلى خطة بديلة تقوم على توسيع نطاق عملياتها العسكرية بالهجوم على مناطق خارج ولاية الخرطوم، في كردفان، ودارفور، والجزيرة، والنيل الأبيض، والقضارف، وسنار.
فقدان سيطرة:
ووثقت تقارير لمنظمات الأمم المتحدة الانتهاكات والجرائم غير الإنسانية التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع، والتي يبدو أن قياداتها قد فقدت السيطرة على قواتها في معظم ميادين القتال، تبرهن على ذلك الجرائم والانتهاكات التي ظلت تمارسها هذه الميليشيا المتمردة بالقتل والاغتصاب والنهب والسلب والتنكيل والتهجير القسري وارتكاب الكثير من الفظائع التي تخالف القانون الدولي الإنساني، وليس أدلّ من ذلك تلك الجرائم التي وقعت في مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور، وفي بعض قرى الجزيرة كمجزرة قرية ود النورة، ومجازر أخرى شهدتها قرى ولاية الجزيرة، والفاشر والفولة وغيرها من المناطق التي ما انفكت تبكي وجعاً على فقد أعزاء راحوا ضحايا الهجوم البربري لميليشيا الجنجويد.
مقتل قيادات:
وفقدت ميليشيا الدعم السريع أبرز قياداتها الميدانية على تخوم مدينة الفاشر التي تحاول اجتياحها منذ منتصف مايو 2024 م من خلال موجات متكررة من الهجمات تجاوزت السبعين محاولة باءت جميعها بالفشل، بل راح ضحية هذه المحاولات الانتحارية لدخول الفاشر، عدد من القيادات الميدانية للميليشيا المتمردة كان أبرزهم القائد المسؤول عن محور شمال دارفور اللواء علي يعقوب جبريل الذي لقي حتفه غير مأسوف عليه مخلِّفاً حسرةً وندامة كبيرة في نفوس ميليشيا الدعم السريع، وغصةً مريرة في حلق ومناصريها من قوى الحرية والتغيير، وداعميها من دولة الإمارات وتشاد.
الفولة وسنار:
ومنذ مقتل اللواء علي يعقوب جبريل هدأت موجة هجمات ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر إلا من بعض التدوين من على البعد استهدافاً لبعض الأحياء الطرفية، الأمر الذي دفع الميليشيا المتمردة إلى تغيير بوصلة عملياتها العسكرية، لتجتاح في العشرين من شهر يونيو الماضي مدينة الفولة حاضرة ولاية غرب كردفان، بعد أن يئست من اقتحام الفرقة ٢٢ مشاة بابنوسة، وفي الخامس والعشرين من يونيو الماضي نقلت ميليشيا الدعم السريع عملياتها العسكرية إلى ولاية سنار في محاولة للسيطرة على الطريق الرابط بين ولايات الجزيرة والنيل الأبيض والنيل الأزرق والقضارف، حيث لا تزال القوات المسلحة تتعامل مع هجوم الجنجويد على ولاية سنار بين الكر والفر.
تدمير جسر الحلفايا:
وفي طريقها إلى فزع وإسناد قواتها المحاصرة في ولاية سنار، قامت ميليشيا الدعم السريع بقصف جسر الحلفايا شمال مدينة بحري، والذي يربط بين مديني أم درمان والخرطوم بحري، وقال بيان لمكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة إن قوات الدعم السريع أقدمت، مساء الأحد، على تدمير جزء من كبري الحلفايا من الناحية الشرقية، مما تسبب في حدوث أضرار بالهياكل الخرسانية، ويرى مراقبون أن استهداف ميليشيا الدعم لجسر الحلفايا يأتي لقطع الطريق على الجيش ومنعه من التقدم إلى مدينة بحري ومنطقة شرق النيل التي ظلت تسيطر عليها الميليشيا المتمردة منذ اندلاع الحرب، منوهين إلى أن الخطوة تعني أن الدعم السريع أصبح لا يمتلك قوات كافية في منطقة شرق النيل، ويحاول منع الجيش من الوصول والسيطرة على هذه المنطقة التي تبدو حالياً مكشوفة.
توسع فوضوي:
ويصف القانوني والكاتب الصحفي الأستاذ تاي الله محمد سليمان توسع نطاق العمليات الذي تقوم به ميليشيا الدعم السريع، بالفوضى وانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم مخالفة للقانون الدولي والإنساني من خلال ترويع وتشريد المواطنين وممارسة أعمال النهب والسلب، وقال تاي الله في حديثه للكرامة إن هذه الأعمال الفوضوية تقوم بها الميليشيا المتمردة دون هدف أو خطط مدروسة لإسقاط الحاميات والمناطق العسكرية، أو حتى لإدارة الولايات والمدن التي يقتحمونها، وإنما هي محاولة لإشعال الحريق في كل مكان، حيث لا يتورعون في فعل ذلك، إذ لا عاصم ولا مانع لهم.
تحالف جديد:
وعلى العكس تماماً من حديث تاي الله سليمان يرى الكاتب الصحفي إبراهيم عربي أن ميليشيا الدعم السريع تحاول بتوسيع عملياتها الميدانية أن تفتح الطريق لخروج “كيكل والبيشي من وسط السودان، وانضمامهما إلى أبو شوتال في النيل الأزرق، من أجل تأسيس تحالف جديد ترعاه الإمارات يضم ثلاثتهم بالإضافة إلى عبد العزيز الحلو، ونائبه جوزيف توكا، حيث ينتهج هذا التحالف الجديد سياسة شد الأطراف، وتوقع عربي في حديثه للكرامة أن يسحب كيكل والبيشي ما تبقى من قواتهما في الجزيرة وسنار إلى منطقة الحزام الرابط بين (دولة جنوب السودان والنيل الأزرق وولاية سنار والنيل الأبيض) بسبب الأمطار والتي ربما تعيق حركة الميليشيا التي تعتمد على التحركات السريعة لتفادي طلعات سلاح الطيران التابع للجيش.
خاتمة مهمة
على كلٍّ فإنه من الواضح، وبعد مرور نحو 15شهراً على اندلاع الحرب، فقد فشلت ميليشيا الدعم السريع في تحقيق مقصدها الاستراتيجي بالاستيلاء على السلطة، والسيطرة على القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش، ويبدو أن استراتيجيتها الحالية تقوم على حرب العصابات باجتياح المدن وارتكاب جرائم القتل والاغتصاب وسط المواطنين ونهب ممتلكاتهم، ومن ثم التوجه إلى مدينة أخرى، وهي خطة تبدو مفضوحة تتطلب استراتيجية مضادة من الجيش، وحذراً ووعياً كبيراً من المواطنين..