لماذا تاخرت عملية التحرير؟.. الجزيرة في أنتظار المعركة الحاسمة
تقرير :رحمة عبدالمنعم
مضت نحو أربعة أشهر على إطلاق الجيش عملية عسكرية لاستعاد السيطرة على ولاية الجزيرة ،او ما عرفت بمعركة “تحرير الجزيرة ” ،وعلى الرغم من حجم القوات المشاركة والغطاء الجوي لسلاح الطيران الذي لاينقطع ،إلا أن الحسم تأخر كثيراً، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل بشأن تأخر القوات المسلحة في تحرير الولاية ،وكلما يمضى الوقت تتوسع مليشيات الدعم في السريع في جرائمها الشنيعة ضد ألمواطنين في مدن وقرى المدينة الخضراء.
عملية التحرير
منذ انطلاق عملية تحرير ولاية الجزيرة من قبضة مليشيات الدعم السريع في شهر مارس الماضي وحتى الآن لم تحسم القوات المسلحة المعركة، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل بشأن التحديات التي واجهت متحركات الجيش على مدار الاربعة أشهر الماضية، وأدت إلى تأخر حسم تلك المعركة، وهي تحديات تتعلق بالخطة العسكرية.
وتعتبر ولاية الجزيرة من الولايات التي شهدت انتهاكات واسعة لمليشيات الدعم السريع و على إثرها سقط قتلى وجرحى مدنيون ، يقدّر عددهم بالمئات ، الكثير منهم سقطوا بقصف مدفعي شنته المليشيات عندما اقتحمت القرى، وقامت بمجازر بشرية في مناطق الحرقة والتكينة ودالنورة
ولاتزال ولاية الجزيرة تعاني من مرتزقة مليشيات الدعم السريع الذين يحاصرون المدن والقرى من كل الاتجاهات ،وأثيرت العديد من التساؤلات حول الأسباب والعوامل التي أدت إلى استمرار الوضع الكارثي في الجزيرةوتأخر الحسم العسكري،وقد طالب ناشطون في مواقع التواصل الإجتماعي بسرعة تحرير ولاية الجزيرة من دنس المتمردين ووقف نهر الدم المتدفق منها بشكل متكرر.
وفي الوقت الذي يرى البعض أن الجيش أراد تأخير تحريرها لعوامل تتعلق بالتقديرات الميدانية وإدخال العدو مرحلة الاستنزاف، ينظر آخرون إلى أن تحرير الولاية تأخّر بسبب بطء سير العمليات العسكرية
ولا ينفي مصدر عسكري، أن هناك العديد من الأسباب التي أدّت إلى عدم تحرير الجزيرة من المليشيات، رغم بدء المعركة منذ نحو أربعة أشهر ، لكنه يؤكد أن قوات الجيش تخوض معارك ضارية ومستمرة ضد ميليشيات الدعم السريع.
العمليات البرية
وفيما يخص العمليات العسكرية في ولاية الجزيرة وسط السودان، فهي تدور في ثلاثة محاور رئيسية، محور الفاو– ود مدني عاصمة الولاية والذي قطع فيه الجيش مسافة كبيرة نحو ود مدني ويبعد عنها حوالي 17 كيلو مترًا، بالإضافة إلى محور الفاو – ود مدني و الذي يبدو أنه الأكثر صعوبة بالنسبة للجيش، كذلك محور سنار– ود مدني والذي تحول إلى حالة دفاع نتيجة لإمكانية تسلل قوات الدعم السريع إلى الخطوط الخلفية للجيش والقيام بعمليات عسكرية.
تدخل العمليات العسكرية في ولاية الجزيرة وسط السودان شهرها الرابع، حيث بدأ الجيش عملياته العسكرية، في مارس الماضي بمساندة من هيئة العمليات القوات القتالية التابعة لجهاز المخابرات العامة، وبمساعدة وحدات قتالية من حركة العدل والمساواة التابعة لجبريل إبراهيم، وأيضًا حركة جيش تحرير السودان قيادة مني أركو مناوي.
ويقاتل الجيش ووحداته المساندة على ثلاثة محاور رئيسية، الفاو– ود مدني وهو المحور الشرقي، والمحور الجنوبي سنار– ود مدني، والمحور الغربي المناقل– ود مدني.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن الجيش متقدم في المحورين الشرقي والغربي، فيما يتأخر في المحور الجنوبي. وقالت مصادر عسكرية، إن سبب تراجع الجيش في المحور الجنوبي نتيجة تسلل قوات الدعم السريع خلف الخطوط المتقدمة للجيش وتوغلها في الأجزاء الشمالية من ولاية سنار مما يجعل الجيش في حالة انكشاف وقد يتم ضرب خطوطه المتقدمة، هذا بعد مهاجمة جبل موية في سنار.
وأضافت المصادر ان مليشيات الدعم السريع تعتمد على التسلل في شكل مجموعات قتالية صغيرة، ومن ثم تجتمع في نقطة معينة، وغالبًا ما تهاجم منطقة حساسة مثل القرى التي تحتوي على الوقود أو البحث عن سيارات من أجل استخدامها في القتال، و أن تسلل هذه القوات يتم عبر النهر، حيث يتم استخدام مراكب الصيد الصغيرة التي تستخدم بشكل كبير في منطقة سنار.
وبالنسبة للمحور الغربي، قال مصدر عسكري بمدينة المناقل إن تقدم الجيش يسير بشكل سريع، على عكس المحور الجنوبي مرجعًا تقدم الجيش إلى أن «مليشيا الدعم السريع» لم تتوغل في القرى بشكل مكثف، أو تحاول إقامة كمائن دفاعية ما جعل الجيش يتقدم ويكسر الدفاعات الأمامية لها، مضيفًا أن معركة ود مدني لن تكون سهلة، بسبب طبيعة المدينة المفتوحة ووجود مدنيين فيها حيث ستكون معركتها أقرب إلى معركة الخرطوم ونموذج مصغر منها.
الخطة العسكرية
وقال الخبير العسكري العميد م عثمان حسين لـــ “الكرامة” ،أن معركة تحرير الجزيرة شهدت هذا التأخير لأن الجيش الذي يخوض حربا ضارية ضد الإرهاب،يعمل وفقاً لخطط عسكرية تتطلب تمرحل في استنزاف عتاد العدو.
وأضاف : الحرب ضد ميليشيات الإرهاب تختلف عن أنواع الحرب الأخرى، لأن جزءًا من السكان يمكن أن يُتخذوا كدروع بشرية، فالمعارك تجري في مناطق سكنية والجيش يريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا يريد دمارا كبيرا في الجزيرة
وأشار عثمان إلى أن من الأسباب أيضا تمركز مليشيات الدعم السريع في المناطق السكنية بعدد من مدن ولاية الجزيرة مما يعيق استخدام الكثافة النارية أثناء عمليات الاقتحام، فضلا عن حقول الألغام المنتشرة في الطرقات والمواقع والتي تصعب مهمة الأفراد في التقدم.
وأوضح إلى أن الفرصة كانت سانحة لحسم المعركة في مارس الماضي عندما أطلق الجيش عملية عسكرية واسعة وشن هجمات على تمركزات مليشيات الدعم السريع في المحاور الشرقية والغربية للولاية
لكن المتحدث ذاته أوضح أن عملية تحرير الجزيرة مرتبطة بالخطة العسكرية العامة للجيش لتحرير بعض المناطق المتاخمة للولايةو التي تشهد مواجهات ولا يمكن الحديث عنها بمفردها، لكنه لم يستبعد أن تكون متزامنة مع عملية “الكماشة” ، من دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل.
“كماشة الموت ”
وكتب الصحفي عبد الماجد عبد الحميد في صفحته على موقع “الفيسبوك :ولاية الجزيرة لن تكون محل مساومة ولا ورقة ضمن صفقة تضمن لمليشيا التمرد الخروج من كماشة الموت التي تحيط بها من كل جانب،و الذين يروجون لأحاديث عن تأخير أو تأجيل العمليات العسكرية لتحرير ولاية الجزيرة لأن هنالك مساومات تحت الطاولة مع عصابات التمرد، هؤلاء عليهم مراجعة مظان أخبارهم
وأضاف:تحرير الجزيرة من دنس مليشيا التمرد مسألة وقت،والقوات العسكرية التي تحاصر مدني من كل الإتجاهات ، هذه القوات قوامها رجال مخلصون نذروا أنفسهم لتلقين العملاء والخونة دروساً ستبقي في ذاكرة المعارك لأجيالٍ قادمة
وتابع :ستعود الجزيرة عنوة ً وإقتداراً وسيخرج الغزاة والمرتزقة صاغرين،ففي الحرب يتأخر خط سير المعارك ويتم تعديله وفقاً لظروف تقدرها القيادة الميدانية ويقين الشعب السوداني بنصر الله هو زاد قواته المسلحة في حربها ضد مليشيا التمرد وعملائها
علامات استفهام
من جانبه ،يقول المحلل السياسي عزمي عبد الرازق :إن صمت القوات المسلحة على ما يحدث في ولاية الجزيرة مشين وغير مُبرر ويترك علامات استفهام كثيرة موجعة، خصوصًا وأنها سلمت هذه الولاية إلى التمرد وأخلت فِرقتها بصورة غامضة، واليوم تتفرج على المجازر والانتهاكات البشعة في حق المواطنين العُزّل
ويضيف : هنالك، حيث لا دواء ولا كهرباء ولا شبكة اتصالات، وأخرها مجزرة السريحة وأزرق التي راح ضحيتها العشرات، وكذلك الشريف مختار وأفطس وقرى الحلاوين وجنوب الجزيرة، وكافة المحليات المسلوبة المقهورة
ويتابع : فإذا كانت امرأة واحدة استغاثت بالمعتصم بعد أن دخل عليها الروم خيمتها في الشام، فقال لها الخليفة العباسي “لبيك أختاه” وجرّد لها جيشاً أوله عند ملك الروم وأخره في سامراء، فما بالك يا سيادته برهان وكباشي والحسين والربيع بآلاف النساء اللواتي يستغثن بكم وينتحبن كل يوم وليلة، في أنحاء مدني والمعيلق وأبوعشر والمسيد والشبونات والمسلمية وأبوعدارة ومريود والعيكورة ومعجينة والجنيد وبطانة أبو علي وحسان، بل الجزيرة كلها يا سادة تحولت إلى صيوان عزاء كبير