ماذا بين مدني وسنار.. ؟!

# عندما سقطت مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، وتوالى بعد ذلك سقوط محلياتها الاخرى، كنا نحدّث الناس، قبل ان يصبح السقوط واقعا حتميا، ونقول لهم حديثا موحشا عن (الطابور الخامس) والمندسين الذين يفخخون طرقات المدينة، وعندما كانت المدينة تبتهج بانتصار الجيش قبل يوم واحد من نهارية السقوط المر، كان الطوابير يبتسمون ابتسامات الخبث ومراكبهم تعدى بالجنجويد والملايش من الضفة الاخرى الى داخل المدينة، والقناص والموتر بمائة الف جنيه، وكان هناك مواطن كنا نحسبه صالحا يتغذى بالحرام ولا يبالي.. اكتشفت الاجهزة الامنية حجم المخطط وبدأت في التعامل مع (الخلايا النائمة) ولكن مضى كل الزمن وسبق السيف العزل.
# لم تصمد مدني، ايها السادة، لان جاهزيتها العسكرية على مستوى الاسلحة التي تصنع الفارق عند الاشتباك لم تكن تتعدى عدد تسعة قطعة سلاح من الدوشكا في مواجهة 70 مدفع ثنائي عيار (23).. فكان الهروب هو الخيار الاسلم، حسب تقدير موقف قائد الفرقة، وبعلم قيادته العليا التي تعرف تماما قدر نفسها وان الحال لا يسر، والسترة والفضيحة متباريات.
# كان هذا قبل 6 اشهر من عمر الكارثة وعمر الفجيعة.. لذلك نقول ان سنار الآن غير، باعتبار ان القيادة العليا وقيادة المتحرك والمنطقة العسكرية.. اخذوا جميعا وقتا كافيا لتجهيز القوات وامدادها بالسلاح والذخائر والمرتبات، فصار عتادها مناسبا وقدراتها كافية لسحق هذه المليشيا، والا لا احد يحترم هذا الجيش العرمرم يمكن ان يقبل بما حدث للجزيرة بالكربون في سنار.. ليس لان هناك مدينة اعز من مدينة.. حاشا لله.. ولكنا هنا نذكر بالوقائع ونوضح بعض الحيثيات والاسباب.
# بالامس القريب كاد المخطط الذي نجح في مدني، ان يُطبق على سنار، حيث نشطت الخلايا النائمة ونجحت في استغلال كل المتاح امامها.. ولكن الخطورة الكبرى لم تكن في نزوح المواطنين، لا، ان النزوح هو قدر اخف من قدر البقاء في مرمى التدوين، والافضل للقوات ان يبتعد المواطن عن مرمى النيران حفاظا على سلامته، ولكن الاخطر هو وجود من يسوق للمعلومات المضللة وسط القوات التي تضاربت في تحركاتها وبدأت عملية عودة بعضها الى داخل المدينة سواء بسبب التشوين او الاخلاء، كأنه انسحاب من ارض المعركة.. فوصلت الرسالة السالبة الى بقية القوات التي كانت في حالة استعداد للخروج الى حيث الدوي والنيران.. هنا تدخل الطابور الخامس واستطاع ان يحدث كثير اثر في ظل غياب المعلومة.. وغياب الاعلام وانعدام التواصل الذي كان من شأنه ان يوسع دائرة الخسائر.
# اعود واقول ان هذه المحنة ساعدت في تماسك الجبهة الداخلية وابانت للقيادة وجود بعض الثغرات والتحسب لها، ولكن الاهم من ذلك انها اكدت بسالة المستنفرين وقوة شكيمتهم واستعدادهم التام للدفاع عن سنار، يكفي انهم بقطعة كلاش وخزنة واحدة هرولوا مسرعين الى مكان الاشتباك لكي يلحقوا باخوتهم في الدفاعات الامامية.. هذا يقودنا لاعادة النظر في تسليح هؤلاء الشباب باسلحة نوعية وتوزيعهم على الدفاعات لانهم اهل ثبات ولديهم استعداد لمواجهة الموت.. ربنا يتقبل شهداء معركة الكرامة بمنطقة جبل موية وكوبري العرب ويشفى جميع الجرحى.