التحالف السوداني مع روسيا وايران.. هل يقلب الموازين ؟!!

تقرير: لينا هاشم

مع اقتراب السودان توقيع اتفاف تعاون عسكري مع وروسيا يتيح للاخيرة انشاء مركز لوجستي علي ساحل البحر الاحمر ، وزيارة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار الي سان بطرسبورغ الروسية للمشاركة في النسخة ال27 للمنتدي الاقتصادي الدولي وبقراءة ما اوردته (الكرامة) امس بأن مسؤولا حكوميا رفيعا سيزور العاصمة الايرانية طهران قريبا لافتتاح مباني السفارة السودانية هناك يبرز السؤال المهم عن ماستحدثه هذه التطورات على صعيد الميدان العسكري بالسودان ومع تنامي حاجته لحليف استراتيجي قوى خلال المرحلة الراهنة وانعكاسات العلاقات مع روسيا وايران على مستقبل الحرب مع المليشيا المتمردة.
و تسارعت وتيرة تحسن العلاقات السودانية الايرانية خلال الاونة الاخيرة حتى وصلت مرحلة اعادة العلاقات الدبلوماسية وتبادل البعثات بعد قطيعة دامت ثمانية اعوام .
ومن واقع الحراك الذى يدور الان بين بورتسودان وموسكو وطهران ، ينظر المراقبون لمستقبل التحالفات الروسية والايرانية مع السودان بالتاكيد على احتياجه لحليف عسكري ودبلوماسي اقتصادي قوي خاصة من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن، فهل يمكن ان يكون السودان فى موقع يستطيع من خلاله ادارة تباينات السياسة الخارجية _وهل سيقلب هذا التقارب الموازين لصالح الجيش السوداني في معركته مع المليشيا _ ويقطع الطريق امام مشروع تفكيك وتفتيت البلاد الذي ترعاه بعض الدول عبر مليشيا الدعم السريع كفصيل عسكري وتحالف تقدم كغطاء سياسي _ وهل يخدم هذا التحالف والتقارب المصلحة العامة علي المستوي الاستراتيجي.
وتشير تقارير الي ان الاتفاقات الجديدة الموقعة ستعمل علي تعزيز الوجود الروسي في السودان من خلال 5 وحدات عسكرية تعني بالعلاقات العسكرية الخاصة بالاسلحة والتدريب واخري امنية تعمل في حماية المنشات او الافراد اضافة الي الوحدة التعدينية وهي تضم عددا من الشركات العاملة في مجال تعدين الذهب او اليورانيوم والمعادن الاخري الي جانب الوحدة العقارية التي تعمل في مجال البناء والتعمير وغيره والوحدة الزراعية العاملة في مجال التنمية الزراعية والحيوانية .
وكشفت التقارير ان مشروع اتفاق التعاون العسكري المرتقب يستند الي مسودة اتفاق تم اعدادها في العام 2019 يمنح روسيا اقامة مركز دعم فني ولوجستي عسكري في بورتسودان لمدة 25 عاما ويجدد تلقائيا ل 10 سنوات اخري في حال لم يطلب احد الطرفين انهاءه .
ويرى كثير من المراقبين ان السودان يحتاج الي حليف عسكري ودبلوماسي واقتصادي قوي من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن ويرون ان موسكو يمكن ان تحقق مصالح عسكرية واقتصادية ايضا حيث تملك خاصية الاستشعار عن بعد التي يمكن استخدامها بالسودان في مجالات النفط والتعدين عن الذهب واليورانيوم ، ويؤكدون ان علاقة السودان مع روسيا ستجعله يدير تباينات السياسة الخارجية .
وفرضت مستجدات الاوضاع السودانية نفسها علي مشهد التقارب السوداني الايراني الاخير بما حملته من تحديات ملحة وضعت سقفا لما يمكن توقعه من خطوة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين وقال وزير الخارجية السابق علي الصادق ان علاقات السودان مع ايران ليست موجهة ضد اي دولة او نظام اقليمي او دولي واعتبر ان العلاقات بين البلدين امر طبيعي لا يثير علامات استفهام خاصة وان العلاقات كانت مقطوعة وتمت اعادتها معتبرا ان هذا امر طبيعي في العلاقات الدبلوماسية.
الخبير العميد (م) ابراهيم عقيل مادبو قال انه ومنذ اليوم الأول لتمرد الدعم السريعن وإندلاع الحرب تحول السودان ليصبح ساحة ساخنة للصراع الدولي والإقليمي، ويبدو أن الحكومة السودانية قد حسمت موقفها بالمصادقة والتوقيع على تنفيذ اتفاق يشمل العديد من الجوانب منها الإقتصادي ومنها التعاون العسكري من خلال إقامة مركز دعم لوجستي وليس قاعدة عسكرية كاملة، مقابل إمدادات عاجلة للجيش خاصة بعد اقترابه من الإنتصار وإنهاء التمرد وقال ان هذه الخطوة ليست عيباً ولا تنتقص من السيادة على الإطلاق فالسودان دولة من حقها إبرام اتفاقات مماثلة مع دول أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية ومصر وأيران، مع إعطاء الأولوية لمصالح السودان فوق كل شيء.
تقارب استراتيجي :
واعتبر عقيل التقارب بين السودان وروسيا بالنسبة استراتيجي للدولتين بالنظر للموقع الجيوسياسي للسودان من ناحية وتأثيره في العمق الأفريقي من ناحية اخرى، لذلك لا مانع أيضاً من التعاون مع ايران وقال عقيل ان موقف روسيا الداعم للشرعية السودانية واحتياج البلاد الي حليف عسكري ودبلوماسي اقتصادي قوي خاصة من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن يمكن ان يحقق مصالح للسودان، مؤكدا وجود مخطط اقليمي ودولي يضمر شراً بالسودان لأسباب باتت معلومة لكل السودانيين وبقية دول العالم و ان هناك تعاون خفي معاد للسودان تقوم به دولة الأمارات مع بعض دول الجوار الأفريقي في دعم المليشيا المتمردة والعمل على استمرار الحرب والعدوان على السودان لتحقيق مصالح واجندات ضارة بالوطن، لذلك لا بد من الذهاب إلى خطوات أكثر حسماً.
دول الجوار :
وبأعتقاد عقيل فان علاقة السودان بروسيا تجعله في موقع يستطيع من خلاله ادارة تباينات السياسة الخارجية لأنه ينظر إلى مصالحه ويراعي في نفس الوقت مصلحة دول الجوار، ويوازن بين المهددات الإقليمية ولذلك فإن الاتفاق السوداني الروسي مطلوب خاصة في هذا الوقت الذي تشهد فيه البلاد حرباً بالوكالة تهدف لنهب الموارد وتخريب الدولة وتفكيكها وهذا لن يتم السكوت عنه فمن الواضح أن السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة تحديدًا عبر وكلائها في المنطقة دعت إلى إبرام الاتفاق الروسي السوداني ليأتي لقطع الطريق أمام مشروع تفكيك وتفتيت البلاد الذي ترعاه دول عظمى وتنفذه الإمارات عبر «الدعم السريع» عسكرياً والمؤسف أن عملاء تنسيقية «تقدم» التي يفترض أن تدافع عن السودان يعملون الان كغطاء سياسي مدني للحرب التي تشنها الإمارات عبر المليشيا
ابطال الجيش :
واكد عقيل في افاداته (للكرامة) ان هذا التقارب سيقلب الموازين لصالح الجيش السوداني في معركته ضد المليشيا وقال ان ذلك بدأ يظهر منذ أيام ، خاصة وان المليشيا على وشك الإنهيار تحت ضربات ابطال الجيش السوداني والقوات النظامية الأخرى وجحافل المقاومة الشعبية ، و تابع ان هذا التقارب سيجعل الحرب تذهب إلى مستويات جديدة، وربما يؤدي ذلك إلى أن يتم الضغط على «المليشيا المتمردة» من أجل تنفيذ مخرجات منبر جدة، أو أنهيار المليشيا وداعميها وهذا وحده الذي يمكن ان ينهي الحرب، واضاف : لكن علينا أن ننتبه لخطر التآمر الدولي ومحاولات بعض الدول استخدام هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن حيث من المقرر عقد اجتماعات بشأن دارفور وهذا عمل بائس لاساءة استخدام هيئة الأمم المتحدة ، واوضح عقيل ان هذا التحالف يمكن ان يقطع الطريق امام مشروع تفكيك وتفتيت البلاد الذي ترعاه بعض الدول عبر الدعم السريع كفصيل عسكري وتحالف تقدم كغطاء سياسي مبينا ان الإتفاق سيمنح السودان القوة اللازمة والرادعة لمقابلة حلقات التآمر الأقليمي والدولي وهزم المليشيا
غبار كثيف :
واضاف عقيل _ نظراً لطبيعة الصراع قد يصبح التقارب الأيراني السوداني سبباً في أن تعمد بعض الدول الغربية إثارة غبار كثيف حول هذا الاتفاق إذا ما تم، واضاف ان موقف السودان من هذا التقارب سيكون بحسب حجم التهديد الذي تجابهه الدولة في وجودها وبقائها فهذا ما سيدفع إلى المضي قدمًا في أي اتفاق حتى نهاية الشوط، ولن نخسر أكثر مما خسرناه جراء هذه الحرب
وقال ان دخول السودان في تحالف مع ايران وروسيا يمكن ان يخدم المصلحة العامة علي المستوي الاستراتيجي والتكتيكي وقال _ ستلاحظون ثمار ذلك في الميدان العسكري في الأيام القادمة وسيري السودانيين الوطنيين ما يثلج صدورهم
مصالح الوطن
وذكر مصدر دبلوماسي (للكرامة) ان لكل دولة الحق في إقامة علاقات وتحالفات مع أي جهة بما يخدم مصالحها – وطالما أن القيادة السياسية في بلادنا قد انتهجت هذا التحرك، فمن المؤكد انه سيخدم مصالح الوطن في هذا التوقيت الحرج ، مبينا ان موقف روسيا الداعم للشرعية السودانية واحتياج السودان الي حليف عسكري ودبلوماسي اقتصادي قوي خاصة من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن يمكن ان يحقق مصالح للسودان رغم ظروف الحرب التي تمر بها روسيا حالياً.
تباينات السياسة :
ويقول المصدر للكرامة ان علاقة السودان بروسيا ستجعله في موقع يستطيع من خلاله ادارة تباينات السياسة الخارجية مع ضرورة تكامل عدد من العوامل الأخرى مؤكدا ان التقارب سيقلب الموازين لصالح الجيش السوداني في معركته مع المليشيا وسيحسن، بلا أدنى شك، من مستوى العمليات التي يقودها الجيش على الأرض موضخا ان ذلك رهين، بعدم تصعيد الأطراف الأخرى الداعمة للتمرد، وباستمرار الدعم الروسي.
وبحسب المصدر فأن مشروع تفتيت السودان قد انهدم، بشكل كبير، بسبب فشل الدعم السريع في الاستيلاء على السلطة وبسبب تماسك الجبهة الداخلية ووقوفها خلف الجيش واستبعد المصدر ان يكون تطور العلاقات السودانية الايرانية سببا في ابتعاد السودان من الدول الغربية وقال لا ينبغي أن يُنظر للعلاقات الدولية بمنظار اللونين الأبيض والأسود فقط وتابع ان السودان يمكن أن تكون لديه علاقة جيدة مع روسيا مع بقاء علاقاته مع الغرب، بل لروسيا وإيران تفاهمات على كثير من القضايا مع الغرب.
نمط التحالف :
ومع دخول السودان في تحالف مع ايران وروسيا وامكانية ان يخدم المصلحة العامة علي المستوي الاستراتيجي والتكتيكي افاد المصدر بان هذا يعتمد على نمط التحالف مع هاتين الدولتين هل هو إستراتيجي أم مرحلي.
التحالف الروسي والايراني :
في ذات السياق يري المحلل السياسي د. ابو بكر محمد يوسف ان منهج التحالفات الروسية والايرانية مع السودان ليس جديدا معتبرا ان العلاقات السودانية الروسية راسخة وضاربة الجذور علي مر التاريخ ماعدا في فترات عابرة اعترتها بعد الاضطرابات وقال ان الاساس في العلاقات الدولية المصالح المشتركة والمتبادلة والدول المحترمة تمضي لبناء المحاور وفقا لمصالحها والان مع إنخراط العديد من الدول الغربية في اتجاه المؤامرة التي طالت بلادنا يبقي الإتجاه صوب المحور الروسي فرض عين لما في ذلك من مصالح تسهم في حسم المعركة.
مجلس الامن :
واكد ابو بكر ان موقف روسيا الداعم للشرعية السودانية واحتياج السودان الي حليف عسكري ودبلوماسي اقتصادي قوي خاصة من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن يمكن ان يحقق مصالح للسودان موضحا ان السودان أحوج مايكون لحليف دائم العضوية بمجلس الأمن في ظل إصطفاف بعض الدول دائمة العضوية في الصف الداعم للمليشيا وقد رأينا كيف دافعت روسيا عن سوريا ووقفت بالفيتو في وجه كل العقوبات التي كانت لتصدر ضدها مبينا ان السودان أحوج ما يكون لحليف مثل روسيا يدعم بلادنا عسكريا ويوقف ضد الدول الغربية التي تسعي لخنقنا بالعقوبات ، وقال ان العلاقات بين الدول واتجاهاتها يجب أن تمضي بناءا للمصالح لذا فالعلاقة الواضحة مع روسيا ستسهم في فتح الكثير من الأبواب التي تحتفظ بعلاقات مميزة مع روسيا اما في ما يختص بالتباينات فروسيا من الدول التي لا تتدخل كثيرا في السياسات الخارجية للدول وإنما تبني علاقاتها وفقا لمصالحها الاقتصادية ونحن الآن في حوجه للشراكات الاقتصادية مع روسيا واكد ان هذا التقارب سيسهم في توفير الكثير من العتاد الذي تحتاجه القوات المسلحة في مواجهتها للمليشيا لاسيما في ظل تأثر وخروج الكثير من مصانع التصنيع الحربي عن العمل وان التوجه شرقا نحو روسيا قطعا سيسهم في كسر شوكة المليشيا وسيسهم في الحفاظ علي الدولة من التفكك فالبديل لانتصار الجيش هو استيلاء المليشيا علي الدولة مما يعني تفكك الدولة السودانية بشكلها الحالي.

علاقات دبلوماسية :
وقال ابو بكر ان اتجاه السودان نحو إيران لايعني أن نقطع العلاقات مع كل الدول في الاتجاه المعاكس، والان نري الإمارات والسعودية اتجهت لبناء علاقات دبلوماسية مع إيران وذكر ان العلاقات مع المحور الروسي يجب أن تكون استراتيجية وليس تكتيكية في ظل إنعطاف المحور الآخر نحو كل مايهدد بلادنا مبينا ان العلاقة مع روسيا ستثمر خيرا لبلادنا في القريب العاجل إذا مااتجهنا لبناء هذه العلاقة دون تردد.