حوار مع الإخصائية النفسية د. إسراء شبيكة عن الآثار النفسية للحرب
حوار :رحمة عبدالمنعم
الدكتورة إسراء عزالدين شبيكة إخصائية نفسية، ومدير الصحة النفسية والتدريب بمؤسسة الجودة التعليمية، مسؤولة وصاحبة مركز كيوتيد للاستشارات النفسية والتدريب، متخصصة في الاختبارات السكيولوجية، والارشاد الأسري والتربوي، التقتها الكرامة في حوار عن الآثار النفسية للحرب، فإلى مضابط الحوار
مرحباً بك في صحيفة الكرامة، د. إسراء عزالدين ؟
في البداية، التحية للقوات المسلحة السودانية واسأل الله أن يشفي جرحانا ويرحم موتانا ويتقبلهم ونحسبهم شهداء
بداية ً، ماهي الاضطرابات النفسية التي تخلفها الحرب وكيف تعالج؟
للحرب تأثير كارثي إذ تدمر المجتمعات والأسر و تاثر علي تنمية النسيج الاجتماعي والاقتصادي، وتشمل آثار الحرب الأضرار الجسدية والنفسية طويلة المدى على مختلف الأعمار من الأطفال والبالغين،فضلا عن الفقر وسوء التغذية، والإعاقة، والتدهور الاقتصادي، والأمراض النفسية والاجتماعية، ولربما أبرز تلك الأمراض النفسية ناجم هي صدمة الحرب.
ماهي أبرز الأمراض التي تنجم عن صدمة الحرب؟
قد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة الناجم عن صدمة الحرب، وفي الغالب تظهر معايير تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة لدى النساء بمقدار الضعف مقارنة بالرجال، كماتاثر الحرب علي الأشخاص المصابين باي نوع من الاضطرابات الجسدية او الإعاقات أو اضطرابات عصبية أو عقلية شديدة موجودة مسبقا أو المشكلات النفسية بزيادة الأعراض او تدهور الحالة.
ماهي الأعراض التي تظهر عليهم؟
يعاني معظم الأشخاص المتأثرين بحالات الحرب من مشاكل عديدة مثل مشاعر القلق والحزن واليأس وصعوبة النوم والتعب والتهيج أو الغضب، ومن المتوقع أن يتضاعف معدل انتشار الاضطرابات النفسية الشائعة مثل الاكتئاب والقلق خلال الأزمات الإنسانية بالإضافة لمشكلة عدم الضبط الانفعالي
كيف يتجاوز مراهقو السودان التاثيرات النفسية لصدمة الحرب؟
مرحلة المراهقة من المراحل العمرية الأكثر حساسية وتتأثر بكل الظروف البيئية والأسرة والمجتمعية والاقتصادية، لذا نجد تاثيرا نفسيا كبير لهذه المرحلة ويمكن أن يكونوا أكثر عرضة للتأثيرات النفسية للصدمات الحرب، كما ان هنالك أسبابا أخرى تجعل من المراهق أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية أثناء الحرب، مثل أن يكون قد تعرض لأحداث أو صدمات شديدة (من قبيل خسارة أفراد الأسرة المقربين أو سبل عيشه بأكملها، أو أن يكون قد شهد فظائع من قتل وتشويه)
كيف يمكن تخطي القلق، الناتج عن الحرب في السودان؟
يمكن تخطي القلق الناتج عن الحرب بتوفر بعض الدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الذاتي لبعض الحالة الاضطرابات الخفيفة؛ كما توجد العديد من الحالات تحتاج للعلاجات القائمة على الأدلة لاضطرابات الصحة العقلية بعد الصدمة (مثل اضطراب ما بعد الصدمة) بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي الذي يركز على الصدمة (TF CBT)،
ومن ناحية أخري _كيف تلعب الحرب النفسية دورا في ساحات القتال؟
تلعب الحرب النفسية دورا في ساحات القتال منذ امد بعيد في العالم، وتحديداً قبل الحرب العالمية الثانية ببضعة أعوام .
لعبت دوراً خطراً في الصراعات عبر الأجيال وأضحت وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات الذكاء الاصطناعي أسلحة تلك المعارك الصامتة، فالحروب النفسية لا تستهدف الجنود فحسب بل تسعى لكل المكونات الاجتماعية الحكومات والمنظمات والجماعات والأفراد بشتي السبل ولها تاثير كبير في الواقع وتغير مجري الأحداث .
ما تعليقك على آخر الاحصائيات التي تقول إن 80 ٪ من السودانيين يعانون من أمراض نفسية بسبب الحرب؟
لا علم لدي تلك الإحصائيات لأن الإحصائيات دائما تأتي بعد الدراسات ونحن مازلنا تحت الضغوط ولا اعتقد الدراسات الآنية الموجودة يمكن أن تحدد النسبة الحقيقية ولكن من وجهة نظري، ويمكن أن تكون النسبة أكبر من ذلك بكثير حسب واقع الحالة الموجودة الآن تأثيرات الواضحة بعد انتشار الحرب العدد. من ولايات وقري السودان
كم تبلغ نسبة المرضى النفسيين بعد قيام الحرب وفقاً لإحصائية د.اسراء شبيكة ؟
نحن نحتاج حقيقة للدراسات مكثفة على أيدي متخصصة بشكل علمي دقيق من باحثين و متخصصين في العلوم النفسية الإنسانية والاجتماع لوضع الانسان السوداني المتضرر من الحرب ولا اضطرابات ما بعد الصدمة.
كيف يمكن تقليل الآثار النفسية للحرب على المواطنين؟وكم عدد الحالات التي استقبلتها طلباً للعلاج ؟
يمكن التقليل من الآثار النفسية للحرب بواسطة الدعم النفسي أو اللجوء للمتخصصين في هذا المجال خاصة تلك الحالات التي بدأت تؤثر على حياة الأفراد في شكل حياتهم اليومية وتعيق الاستقرار النفسي والاجتماعي، الأعداد الآن المتابعة مع كبيرة جدا وخاصة المراحل العمرية المختلفة للطلاب
بالنسبةللذين تعرضوا لانتهاكات من اغتصاب وتعذيب وإعتقال.. كيف يتم علاجهم وهل هنالك أرقام كبيرة تواصلت معك؟
لا توجد إحصائيات للأشخاص الذين تعرضوا الانتهاكات جسدية أو اغتصاب، ولكن توجد بعض الحالات هذه الحالات تحتاج لعلاج طويلة المدى حسب كل حالة وتأثيرها و شخصية الفرد ولكن في أغلب الحالات تحتاج للعلاج السلوكي وبعض العقاقير في حالة الاكتئاب المزمن
ماهي الدوافع النفسية لعناصر مليشيات الدعم السريع وهم يقتلون المواطنين بدم بارد، ويمثلون بجثث الموتى، ويغتصبون النساء؟
التقييم النفسي لجنود مليشيات الدعم السريع مصابون بالقسوة وجمود المشاعر والعنصرية وبرود العواطف ولا تربطهم بهم أية مشاعر وجدانية ومريضون بالانانية، ويرتكبون جرائم العنف كالقتل وقطع الطريق وهتك العرض وقد ثبت وجود علاقة بين الاصابة الفعلية بالمرض العقلي والاجرام
ماهو تقييمك النفسي لجنود مليشيات الدعم السريع؟
أن لكل فرد تكوين شخصي يشمل في آن واحد العناصر الوراثية والعناصر المكتسبة خصوصا في مرحلة الطفولة بيد أن هذا التكوين يكون لدى البعض أضعف مما يجعلهم أكثر عرضة للإجرام، وبمعنى آخر فإنه يفسر استجابة بعض الأفراد للجريمة دون البعض ورغم وحدة الظروف الخارجية لوجود ميل سابق للإجرام لدى هؤلاء الأفراد ويعود ذلك نتيجة لما يتسمون به من صفات نفسية وعضوية خاصة وراثية أو طبيعية أو مكتسبة ومن شأن توافر هذه الصفات أن تنمي قوى الذات الغريزية الطبيعية وبالتالي يصبح الفرد أكثر استعدادا لارتكاب الجرائم إذا توافرت مؤثرات خارجية بسيطة
ماتعليقك على جريمة إخراج المرضى النفسيين من المراكز العلاجية ، كمثال مستشفى التجاني الماحي؟
بالتأكيد إخراج أي مريض من مستشفى وهو يحتاج لعناية جريمة حرب كبيرة ولكن هي جريمة من ضمن جرائم كبيرة جدا ارتكبت في حق الإنسان السوداني العاصمة الخرطوم في ظروف الحرب القاسية
ماهي خطورة غياب العلاج عن المريض، وتأثير ذلك على المجتمع؟
بالتأكيد غياب الرعاية الطبية والعلاجية خاصة للمريض النفسي كبيرة جدا ومآلاتها خطرة جدا، لأن المريض النفسي يحتاج رعاية مختلفة من مختلف خاصة الذين تم اخراجهم من المستشفيات وحالاتهم مستعصيه
هناك من يقول إن مستشاروا مليشيات الدعم الذين يكذبون في الفضائيات هم الذين خرجوا من مستشفى التجاني الماحي.!
مليشيات الدعم السريع مسؤولة من جرائم عديدة وخطيرة حرمتها كل القوانين الإنسانية و الديانات السماوية فما بالك بإخراج مرضى من المستشفى، ويعني ذلك لا شيء امام الاغتصاب والقتل وما تم فعله على مرأة ومسمع أمام العالم كله.
ماتقييمك النفسي للخطابات التي تصدر بعد كل معركة، وكيف تقرأ تفاعل المواطنين في السوشيال ميديا؟
الإنسان السوداني في بداية الحرب كان أكبر تاثير ولكن الآن ارتفعت نسبة الوعي وبدأت الرؤية بمنظور مختلفة وفية كثير من المسؤولية والوعي ومعرفة أبعاد الميديا باستخدام الذكاء الصناعي وغيرها مما يجعل الأكذوبة واقع وتغيير الحقائق وتدجين الأشياء في صالح من يقوم بذلك، لذا لا يوجد تاثير لأي شيء تقوم به هذه الملشيات بواسطة ميديا إلا اللذين يقفون في صفها ولهم معاها مصالح
من ناحية اخري _هل للجوانب النفسية علاقة بتعثر المفاوضات؟ وهل توصي باستصحاب خبراء نفسيين في وفود التفاوض؟
هذه المفاوضات لا ترضي الكثير من الشعب السوداني لأن هذه الحرب لها بعد كبيرة وكثيرة والإنسان السوداني بخصائص النفسية والاجتماعية لا يرضى القهر والظلم و الآن أصبح المجتمع أكثر وعي ولكن هنالك فئات تريد أن تتوقف الحرب من اجل الحفاظ على ما تبقي من موارد ومناطق وانسان السودان و بالتأكيد في الحالتين في المفاوضات لها أبعاد نفسية على الشعب السوداني
رايك في ارتفاع معدلات الطلاق في السودان بسبب الحرب، وماهي الحلول لإيقاف ذلك الإرتفاع المخيف؟
لا توجد إحصائيات لمعدل ارتفاع الطلاق ولكن الظروف الاجتماعية قد تؤدي إلى ذلك في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والاختلافات الأسريه وبوجود الأسرة الممتدة التي لها تأثر سلبي احياناً على الزواج، وقد تذداد هذة المعدلات
ايضاً _هنالك جرائم خطف الاطفال من قبل مليشيات الدعم السريع، ماتعليقك على ذلك، وكيف يتم العلاج النفسي للضحايا؟
تاثير الحرب علي الأطفال كبير لما يتعرض له الأطفال الذين عاشوا تجربة الحروب من مشاهد رعب وقتل ودمار “سيترك آثاراً نفسية سلبية عديدة عليهم، سواء على المدى القريب أو البعيد، لذلك هم بحاجة إلى جلسات تأهيل نفسي تجعلهم يخرجون من هذه الحرب بأقل الخسائر النفسية”
وماهو تأثير مشاهد الحرب على المواطنين؟ وكم نسبة الذين يعانون صدمات نفسية بسبب الحرب بالتقريب؟
غالباً ما تؤدي الحروب إلى إصابات جسدية وصدمات، مثل بتر الأطراف والحروق وغيرها من الإصابات الخطيرة التي قد تكون لها عواقب طويلة الأمد،
ورغم ذلك فإنَّ التأثير النفسي للحروب في الأفراد يمكن أن يكون أكثر تدميراً، و كما اسلفت فقد يؤدي التعرض للعنف والصدمات المرتبطة بالحرب إلى حالات صحية عقلية مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق، وربما يكون لهذه الظروف تأثير كبير في قدرة الفرد على العمل، وهذا يؤثر في عمله وعلاقاته ونوعية حياته.
– كيف يتم الدعم النفسي للمتضررين من الحرب في مناطق اللجوء والنزوح؟
المقصود بالدعم النفسي في الكوارث والأزمات والحروب هو المساعدة المعنوية والمساندة التي تتمثل في مشاركة المصاب في أوجاعه، ومرافقته في رحلة المعاناة والتخفيف عنه بشتى الطرق، من إظهار التعاطف وتهوين المصيبة، والبحث عن طرق الخروج من الأزمة بأقل خسائر ممكنة وغيره.
وربما يختلف الدعم النفسي قليلاً عن مفهوم الرعاية الصحية النفسية التي تتطلب تدخل معالج متخصص، وبروتوكولات محددة.
ثانياً
كيف يتم ذلك؟
يعد التعامل مع ضحايا الحروب من الناحية النفسية ليس أمرًا سهلا؛ لذا يجب الوعي بالطرق الصحيحة لاحتوائهم ودعمهم، وعدم الاستسلام فقد يستغرق تعافي ضحايا الحروب وقتًا طويلًا يصل إلى عدة أشهر أو سنوات وربما يمرون خلالها بانتكاسات، ولكن مع تلقي الدعم النفسي والاجتماعي بجانب العلاج لدى مختص نفسي يساعد على التعافي إلى حد كبير والعودة إلى ممارسة الحياة الطبيعية.