“الكرامة” تكشف ملامح الحكومة المرتقبة

تقرير :رحمة عبدالمنعم

تزايدت حدة الأزمة الاقتصادية التي يواجهها السودان خلال فترة الحرب، مايمثل تحدياً كبيراً أمام الحكومة المرتقبة التي سوف يعلنها رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان في الأيام القادمة.
وتنتظر الحكومة المرتقب تشكيلها عدة تحديات اقتصادية على رأسها برنامج الإنعاش الاقتصادي ودعم معاش الناس، وبحسب وزير المالية د. جبريل، فقد تجاوزت خسائر القطاعات الإقتصادية 200مليارات دولار.

حكومة جديدة

ونقلت صحيفة (الكرامة) يوم أمس أن الرأي قد استقر لدى قيادة الدولة ومجلس السيادة في اجتماعه الأخير، على تسمية البروفيسور محمد الأمين المدير الأسبق لجامعة النيلين رئيسا للوزراء والحاق الناظر محمد الامين ترك بمجلس السيادة.
وتوقعت مصادر مطلعة تسمية رئيس الوزراء خلال الأيام المقبلة والإعلان عن الحاق ترك بالسيادي
وبشأن تشكيل الحكومة قالت المصادر، إن عناصر الوزارة الجديدة تركت كلية لرئيس الوزراء، على أن تحتفظ كل من الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة مالك عقار بنصيبها الحالي، من حيث عدد الوزراء وكذلك العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة مناوي.
وأشارت إلى منح رئيس مجلس الوزراء صلاحية تحريك الوزراء وفقا لسياسات الحكومة الجديدة، باستثناء منصب وزير المالية الذي يحتفظ به د. جبريل إبراهيم لأنه ضمن اتفاق جوبا.
وقالت المصادر إن عدد أعضاء مجلس السيادة سيعود إلى ماكان عليه قبل الخامس عشر من أبريل بترفيع عضو من دارفور واخر من كردفان وعضو من شرق السودان.
وفي ذات السياق، أشار مساعد القائد العام للقوات المسلحةوعضو مجلس السيادة الإنتقالي الفريق اول ركن ياسر العطار،إلى إنه سيتم إعادة تشكيل مجلس السيادة وتعيين رئيس وزراء وحكومة جديدة – وذلك في حديثه لقناة العربية
“تشكيل تكنوقراط ”
وطرح أسم البروفسير محمد الأمين، مدير جامعة النيلين الأسبق، لقيادةالحكومة الجديدة، وذلك بإعتبار إنه شخصية تكنوقراطية، لديها اطلاع دقيق بالواقع السوداني،نظرا لاشتغاله لمدة طويلة في قطاعات مهمة في الحكومات السابقة
وقال الناشط السياسي مصعب أحمد لـ«الكرامة»، إن تحدي الوضع الاقتصادي يتطلب سرعة تشكيل الحكومة ومعالجة هذا الملف الذي وصل لمرحلة حرجة، مؤكداً أن استمرار الوضع الحالي ستكون له تداعيات كارثية على المواطنين
ورأى أن الحكومة السودانية المرتقبة ستكون مكونة من تكنوقراط وشخصيات لديها الخبرة في إدارة دواليب الدولة وهذه الحكومة ذات صبغة حربية تضطلع بمهام كبيرة
ويشير أحمد، في تصريح لـ” الكرامة”، إلي أن “الحكومة الجديدة تنتظرها إصلاحات هيكلية على مستويات اقتصادية متعددة بما فيها السوق المالي، وكذلك أمامها مهمة تتمثل في تحسين معاش الناس في ظل أوضاع كارثية يعاني منها جميع السودانيين بسبب الحرب “.
ويضيف :السودانيون ينتظرون أن تقوم الحكومة الجديدة بتوفير كافة احتياجات المواطنين، بعد عام من الحربٍ، التي أكلت الأخضر واليابس، وأوصلت البلاد إلى نفق مظلم ،وغيّبت خدماتٍ تعتبر من أساسيات الحياة، وأوجدت وضعاً اقتصادياً وإنسانياً مأساوياً.
تحديات قادمة
في حال تم الإعلان عن الحكومة الجديدة، وبدأت ممارسة أعمالها، فإن هناك الكثير من العوائق والتحديات التي ستواجهها، وفي مقدمتها الإزمة الاقتصادية الكبيرة والخسائر التي أصابت القطاع جراء الحرب وقدرت بحوالي 200مليارات دولار
ويقع على عاتق الحكومة الجديدة إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية ورواتب الموظفين،ومنذ عام، لم تتمكن الحكومة من “دفع رواتب موظفي القطاع العام”، كاملة بسبب المحنة الإقتصادية، وهو ما وصفه مراقبون اقتصاديون بـ”التحدي الاستراتيجي”.
ومن أبرز التحديات إعادة إعمار القطاع الصناعي بإنشاء مصانع جديدة في الولايات، والحصول على معالجات للبنك المركزي حتى لا تتفاقم أزمات البلاد التي وصفت بأنها الأسوأ ، خصوصاً انهيار العملة السودانية وارتفاع أسعار الغذاء، مع وصول سعر الجنيه إلى (1900) مقابل الدولار، فيما تتحدث الأمم المتحدة أن السودان يشهد أسوأ أزمة في العالم.
ومن بين تلك التحديات معالجة قضية التعليم، باستنئاف الدراسة وفتح المدارس والجامعات في المناطق الآمنة،وكذلك قضية إسكان النازحين داخلياً، وتأمين دخول المساعدات، وإعادة تاهيل المستشفيات والمؤسسات الصحية، كما ينتظرها عمل كبير متمثل في توفير وتأمين الخدمات الأساسية مثل المياة والكهرباء.
انتظار وترقب
وينتظر السودانيون كيف ستتعامل الحكومة الجديدة مع الملفات المعقدة، مثل ملف إغاثة المتضررين من الحرب، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب في المناطق الآمنة، ومعالجة الإزمة الاقتصادية بتوفير بدائل إنتاج وفرص عمل، ودعم رجال الأعمال الوطنين لإعادة تأهيل المصانع والشركات المتوقفة، وحل إشكالية رواتب موظفين الدولة، وتسديد مستحقاتهم،ودفع وتعزيز وتحفيز الاقتصاد، ومعالجة ملفات الفوضى والأداء الحكومي، وإصلاح المؤسسات
وتعاني الدولة السودانية من وضع اقتصادي حرج بسبب الحرب، وفقدت كثيراً من مواردها وتجاوزت خسائرها مليارات الدولارات في ظل عدم وجود أفق اقتصادي واضح.
ويرى مراقبون أن الحكومة المزمع تشكيلها والإعلان عنها قريبا، تتنظرها عدة ملفات وورشات اقتصادية وإصلاحات تنتظر العمل عليها لمواصلة برنامج الاصلاح الاقتصادي الباحث عن خلق اقتصاد وطني جديد خاصة في ظل الوضعية المترتبة عن الحرب وارتداداتها على مختلف القطاعات الاقتصادية.
قدر التحدي
من جانبها، تقول الكاتبة الصحفية أمل ابو القاسم لـ(الكرامة)، ان الحديث عن تشكيل حكومة تكنوقراط ليس حديث عهد، وتجدد الحديث عن تشكيل حكومة كفاءات مرتقبة قطع بها البرهان وهو يجهر بلاءت ثلاث تشي بأن القادم من واد ليس بذي زرع أو لون سياسي، وانها حكومة تكنوقراط صرفة، وكل ما يتمناه الشعب ان يصدق هذه المرة ويتروى في الاختيار وان يكون على رأسها رئيس وزراء وليس وزير مجلس وزراء يتلقى القرارات من السيادي ليتلوها نيابة عنهم.
وتضيف: على مجلس السيادة ان يعي تماما ويضع نصب عينيه ان هذه الفترة تحديدا لا تشبه اي فترة منذ العام 2019م عام التغيير الجذري والاحداث المتلاحقة التي افضت لحرب لم تبق او تذر، وان الحكومة المرتقبة لابد ان تكون على قدر التحدي سيما الوزارات المعنية بالاقتصاد والبلاد تشهد دمارا كاملا تحتاج معه لعقول ثاقبة وجدية منقطعة النظير وهي الأهم، ولا يستثى من ذلك الوزارات الاجتماعية والإنسانية بما فيها الشؤون الدينية الأوقاف التي ينبغي لها ان تكون فاعلة في كل ولايات السودان وهي تقدم النصح والارشاد وتحارب خطاب الكراهية الذي يمثل هذه الفترة احد اسلحة الحرب المدمرة لكيان المجتمعات ومفككة للحمته التي عرف بها دون سواه من بلاد العالم.
وتابعت أمل: ان الحكومة القادمة جميعها بلا استثناء يحتاجها وضع الإنسان والبلاد وعليه فلابد ان تكون بقدر التحدي فعليا، وليت رئيس مجلس السيادة يتحرى الدقة هذه المرة في الاختيار فالسودان مليئ بالاخيار الذين هجر بعضهم قسرا حتى من قبل الحرب وهم لا يجدون التقدير اللازم في بلادهم، يجب إعادة العقول المهاجرة التي استفاد منها الغير نحن أولى بها.