ياسر العطا.. رسائل ” الحرب ” و”السياسة”
- نتقل من خانة” المقاتل الشرس” إلى الدبلوماسي “الناعم الخشن”
- كان أكثر حنكة هذه المرة وهو يطلق تصريحاته من منصة تتبع لدولة الإمارات
- اشهر القاعدة الروسية في وجه واشنطن كسلاح جديد قديم
- انتاشته الانتقادات فى حديثه عن الغاء الوثيقة الدستورية، وتشكيل الحكومة
- أوضح، من خلال تصريحاته ان الفترة الانية، هي “مرحلة الجيش “
تقرير : هبة محمود
أثارت تصريحات مساعد القائد الأعلى للجيش الفريق أول ياسر العطا، مساء امس الاول، ردود فعل واسعة، كعادته في كل ظهور إعلامي له، سيما منذ اندلاع الحرب في الخرطوم منتصف ابريل من العام الماضي، غير انها هذه المرة جاءت، مختلفة ابتداءا من المنصة التي أطلقت منها وهي قناتي “العربية والحدث”.
وفي حين درج العطا على “فش غبينة” الشعب السوداني وفق كثيرين، ناطقا و متحدثا باسمهم، مجيبا عما يعتمل دواخلهم، فقد كان أكثر حنكة هذه المرة وهو يجلس متربعا على منصة تتبع لدولة الإمارات العربية المتحدة، الداعمة للمليشيا، ويجدد اتهامه لها، في تقديرات بحسب متابعين تعتبر “ضربة معلم” رغم تباين البعض حول هذه النقطة تحديدا، واعتبارها صك براءة للامارات يضعف الشكوى، الا ان الرجل تعامل بكل “احترافية دبلوماسية” منتقلا من خانة” المقاتل الشرس” إلى الدبلوماسي “الناعم الخشن”.
الدبلوماسي الجديد
تساؤلات كثيرة سعى العطا للإجابة عليها، من خلال اللقاء، في تقديرات متعلقة بالتوقيت وما يدور على ألسنة الناس، فشملت الإجابات الاسئلة حول تشكيل الحكومة، وما يتردد حول تباطؤ البرهان، وبطء العمليات العسكرية، والوثيقة الدستورية والعلاقات الدبلوماسية ملوحا بالقاعدة الروسية ومشهرها في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، كسلاح جديد قديم استخدمه الدبلوماسي الجديد.
ورأى كثير من المراقبين ان العطا تحدث بوصفه قائدا شاملا، مرتدياً البزة العسكرية ومتحدثا بالصيغة الدبلوماسية في ذات الوقت، مشددين على اختلاف الرجل رغم عادته على الإجابة على اسئلة المواطنين، لكن تطاول أمد الحرب وفق تقديراتهم، مع تزايد الأسئلة الملحة، جعلته يخرج ليوضح وينير.
جدلية
وعلى الرغم من تلك الصورة التي بدا بها العطا، فإن الانتقادات، انتاشته سيما حول حديثه عن الغاء الوثيقة الدستورية، وتشكيل الحكومة، واعتذاره للشعب السوداني.
ويذهب اصحاب تلك الانتقادات إلى بطء العسكريين في التعامل مع الملفات منذ اندلاع الحرب، حيث أن الوثيقة كان يجب أن يتم الغاؤها وقتذاك، اي اندلاع الحرب، وليس بعد مرور عام عليها، فيما ترى المجموعات الناقدة لتشكيل الحكومة عدم مقدرة البرهان تشكيلها واختيار رئيس زراء بسبب سيطرة الدعم السريع على عدد من المناطق في السودان، الأمر الذي يجعل من الصعب قبول اي شخص بالمنصب، الا ان ذو ولاء للنظام السابق.
كما ترى هذه المجموعات والإراء ان الأحداث في السودان تجاوزت الوثيقة الدستورية وتعيين رئيس للوزراء وان السودان دخل مرحلة ان يكون او لا يكون، لكن رغم ذلك ترى بالمقابل مجموعات كبيرة أخرى في حديث العطا بداية جديدة وان كانت متأخرة، لاعتبارات كثيرة وهي التقاطعات الكبيرة التي حدثت خلال تلك الفترة على عدد من الاصعدة العسكرية والسياسية.
المرحلة جيش
ان المهم و بحسب مختصين في الشان السياسي ان العطا أوضح، من خلال تصريحاته ان المرحلة الانية، هي “مرحلة الجيش ” وان المعادلة اختلفت، وانه لا عودة للوراء، ولا خيانه للقائد العام للجيش، وأن لا نصر ولا دولة للدعم السريع حتى وان سقطت الفاشر، فقبل ان تفرح تلك المليشيا بدولة قريش المزعومة، فإن الجيش سيلاحقها ليعيد كل شر من أرض السودان.
ويرى المحلل السياسي محجوب محمد في افادته ل “الكرامة” ان العطا على الرغم من التباين حول تصريحاته، الا انه كان لابد ليخرج ليشفي غل الصدور ويوضح، خاصة في ظل تزايد رقعة التساؤلات عما يجري تحت الجسر من مياه.
وقال محجوب ان مسألة النصر والتحرير الان أصبحت مسألة وقت ليس إلا، وهو ما جعل العطا يخرج ويتحدث للملأ متربعا على المنصة التابعة للدولة الراعية للارهاب.
وتابع: العطا وضع رسائل في أكثر من بريد، فقد خاطب االمليشا ومناصريها والمجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية والقوى السياسية، والشعب السوداني والمستنفرين و الاسلاميين، وازاح شكوك تساور الكثيرين حول الجيش.
زمام المبادرة
وامس الاول السبت أعلن مساعد القائد العام العام للجيش ، الفريق ياسر العطا، عن إلغاء البرهان الوثيقة الدستورية والاعلان عن أخرى جديدة، وتعيين رئيس وزراء مستقل.
وكشف العطا عن طلب روسيا منحها قاعدة عسكرية في مياه البحر الأحمر مقابل امداد الجيش السوداني بالأسلحة والذخائر. وقال إن البرهان سيوقع على اتفاقيات معها قريبا.
وقال ياسر العطا في تصريحات لقناة “الحدث” إن الجيش السوداني لا مانع لديه في منح روسيا قاعدة عسكرية، وكذلك امريكا إذا أرادت، ومثلهما السعودية ومصر إذا أرادتا، مضيفًا بأنه تبادل للمنافع بين الشعوب.
وهاجم العطا دولة فرنسا قائلا إنها “تسعى لإنشاء وطن لعرب الشتات في دارفور على حساب سكانها الأصليين.
وذكر إن الحديث عن خيانة قادة الجيش للسودان مؤلم، موضحا أن البرهان لو كان خائنا لتنحى وقبض الثمن. وأوضح أن “قوات الدعم السريع والسياسيون الداعمون لها فرضوا على الجيش القتال أو الاستسلام وتابع” خيارنا القتال”.
واعتذر العطا للشعب السوداني قائلا؛ نعتذر للشعب السوداني عن أي تقصير ونتحمل ما يحدث بكل مسؤولية، ما عاوزين نقول الحرب لعبة بليستيشن، بس الشعب يصبر علينا والمشاعر الوطنية للشعب عالية”. وأضاف :نريد من الدعم السريع تنفيذ اتفاق جدة للانتقال إلى المراحل الأخرى، وهي تسليمه للأسلحة الكبيرة. وذكر أن الجيش قام بسحب الأسلحة من كتائب المقاومة الشعبية ويعمل الآن على تجهيزهم لمرحلة لاحقة، مضيفا “لدينا 12 كتيبة للمقاومة الشعبية مكونة من مختلف ألوان التيار السياسي”. وزاد: “تأخرنا في استرداد بحري والخرطوم لمزيد من الإعداد لكننا جاهزون حاليا، موضحًا أن إنجاز الجيش الحقيقي يتمثل في استرداده زمام المبادرة بالهجوم على العدو.
القائد الشاملى وفيما يرى البعض ان خطاب العطا لم ياتي بجديد، وانه عبارة عن تجميع لخطابات كثيرة سابقة، وأن الجديد فيه انه بقناة العربية والحدث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة التى قامت السلطات باغلاقها لعدم مهنيتها، يرى بالمقابل الكاتب والمحلل السياسي عمار عركي ان الخطاب يحمل عدد من النقاط الجديدة.
أولى هذه النقاط بحسب عركي في حديثه ل “الكرامة” ان العطا اثبت مما لايدع مجالا للشك في ان القوات المسلحة قيادة وشعبا يقفون على قلب وحل واحد، مؤكدا انه استطاع توصيل الرسالة، وزرع الأمل داخل كل الخادبين على أمر السودان، لأن الاتهام بالخيانة كان أكثر الأمور ازعاجا للشعب السوداني.
وأضاف: العطا كان ذكيا في اختيار المنبر بصورة ذكية التي وضع من خلالها رسائل للداعمين للمليشيا والعملاء والخونة ودورهم السالب في الحرب، وأن الجميع سيطاله الحساب.
وزاد: من الأشياء المهمة في لقاء العطا السبت، انه تحدث عن امتلاك الجيش زمام المبادرة وتحول من الدفاع للهجوم، وهو عمل دبلوماسي، في وقت وضع فيه رسالة في بريد العالم الخارجي والمجتمع الدولي، بأن الأمر الان بيد الجيش وذلك من خلال التلويح بالقاعدة الروسية واشهارها كسلاح مضاد.
وتابع: ولعل الاهم في هذا اللقاء هو أن ياسر العطا تحدث كقائد شامل وانتقل من ياسر العطا المقاتل الشرس إلى الدبلوماسي الناعم الخشن وهذه رسائل مهمة جدا.