العام الدراسي .. تحديات وتعقيدات
- وزارة المالية أخفقت في صرف رواتب المعلمين في 11 ولاية..
- تحولت معظم المدارس في الولايات الآمنة نسبيا إلى مراكز للإيواء..
- يزنسيف: 19 مليون طفل في السودان توقفوا عن الذهاب للمدارس
- بعض الولايات شهدت اشتباكات بين النازحين والمعلمين..
تقرير : ضياءالدين سليمان
اعلنت عدد من ولايات السودان مؤخراً بما في ذلك الولاية الشمالية وغرب كردفان وولاية سنار وبعض المناطق الآمنة صافرة انطلاقة العام الدراسي واستئناف الدراسة للطلاب في المراحل الدراسية المختلفة، وانضمت هذه الولايات الي ركب الولايات الاخرى التي سبقتها في الانطلاقة في ظل إشتداد المعارك التي تخوضها القوات المسلحة ضد مليشيا الدعم السريع وصراع ادى إلى توقف قطاع التعليم عن العمل تمامًا لأكثر من عام مما أثر بشكل مباشر على الطلاب والمعلمين.
تواجه عملية انطلاق العام الدراسي العديد من التحديات والمشكلات..
ومع توقف العملية التعليمية وتصاعد موجة النزوح من العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد والمدن الأخرى في دارفور وكردفان والتي امتدت إليها الحرب، تحولت معظم المدارس في الولايات الآمنة نسبيا في شمال وشرق ووسط السودان إلى مراكز للإيواء يقيم فيها آلاف من النازحين الذين فروا من ويلات الحرب بحثا عن ملاذ آمن.
وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من 8.5 مليون شخص داخل السودان وخارجه وتسببت في أكبر أزمة نزوح في العالم وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن نحو 19 مليون طفل في السودان توقفوا عن الذهاب للمدارس ومباشرة دراستهم منذ بداية الحرب.
و تواجه عملية انطلاق العام الدراسي في البلاد العديد من التحديات والمشاكل وكيفية المعالجة للولايات المتأثرة بالحرب والتي من الصعوبة بمكان ان تشهد انطلاقة العام الدراسي.
اوضاع النازحين
تحولت المدارس والدور التعليمية في عدد من الولايات الآمنة الي دور لايواء النازحين الذين نزحوا باعداد كبيرة لتلك الولايات ومع انطلاقة العام الدراسي ستكون هذه القضية من اكبر العقبات التي تعتري طريق استقرار العام الدراسي في تلك الولايات .
بعض الولايات لجأت لإيجاد بدائل سكنية أخرى تستوعب العدد الكبير من النازحين وتوفير فرص أخرى للسكن على غرار ماحدث في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل التي قامت بترحيل النازحين من مدارس المدينة الي القرية 6 بالمناصير الا أن هذا الامر قوبل برفض بعض النازحين الأمر الذي أدى بأن تستخدم السلطات القوة لإخراجهم من المدراس في عطبرة وكذا الحال في ولاية القضارف.
وفي ولاية سنار اقترحت اللجنة الأمنية بالولاية في إجتماعها مع قطاع التعليم وضع حلول للنازحين المتواجدين في المدارس، بحيث يتم جمعهم بمدرسة واحدة في الفترة الصباحية، وتدريس الطلاب في المدارس الأخرى وهو ما عده مراقبون على انه سيترك حملاً ثقيلاً على كاهل الدولة التي ستضطر يومياً الي ترحيل النازحين عطفاً على ان بعض المدارس ستحتاج لوقت كبير لتهيئتها كل يوم.
وبحسب شهود عيان تحدثوا (للكرامة) بأن بعض الولايات شهدت اشتباكات بين النازحين والمعلمين إن هناك بعض المدارس الحكومية حاولت فتح أبوابها للتلاميذ، لكن النازحين في المدرسة قاموا في اليوم الأول برشق المعلمين بالحجارة رفضًا لفتح المدارس.
المرتبات والكتب
من التحديات التي تواجه طريق العام الدراسي هي أن “بعض الكتب المدرسية غير متوافرة لكثير من المراحل الدراسية نتيجة توقف المطابع بسبب الحرب الدائرة في البلاد مما جعل هناك شح في كتب بعض المواد الدراسية الا أنه في بعض المدارس السودانية في دولة مصر ولضمان استقرار عامها الدراسي لجأت الي طباعة بعض الكتب غير المتوفرة بعد حصولها على النسخة الإلكترونية الا أن هذا الامر ربما يصعب تطبيقه في ولايات السودان الأخرى التي ربما لا تتواجد فيها مطابع كبيرة.
الي جانب الكتب فإن التحدي الأكبر يتعلق بالمعلم ذات نفسه والذي لم يصرف راتبه من الدولة لعدة اشهر فمن اصل 18 ولاية هنالك 11 ولاية لم يصرف فيها المعلمون رواتبهم ما خلّف واقعاً مأساوياً يعايشه المعلمون وجعل حياة أكثر من 350 ألف عامل بالتعليم العام جحيما لا يطاق، إضافة إلى ذلك فإن الكثير من المعلمين اضطروا إلى النزوح من مناطق الحرب والنزاع”.
تكدس الطلاب
من الملاحظ أن بعض الولايات التي بدأ فيها فعلياً العام الدراسي شهدت تكدساً ملحوظاً للطلاب في الفصول وهذا الامر يعزى لأسباب عدة اولها هو أن هذه الولايات شهدت تواجد عدد كبير من الطلاب يرافق الأسر التي نزحت الامر الذي اضطرت معه بعض الأسر مع المصير لهذه الحرب أن تدخل ابناءها المدارس لإكمال دراستهم مما جعل عدد الطلاب في المدراس اكبر من طاقتها الاستيعابية
وبالتالي فان هذا الوضع يؤثر على جميع الطلاب بسبب الازدحام، وعدم الراحة في الجلوس وعدم الاستيعاب الجيد، ما يجعل من توصيل المعلومات والتفاعل مع الطلاب أمرًا صعبًا للمعلم الي جانب أن هنالك بعض الدفعات الدراسية المتراكمة منذ جائحة كرونا
*الحالةالنفسية *
هذه الحرب خلفت حالة نفسية حرجة لدى بعض الطلاب من واقع أصوات المدافع والقذائف وهول مناظر الجثث على قارعة الطريق لاسيما وأنهم اطفالاً لذلك فإن عملية فتح المدارس تتطلب وقفة جادة من القائمين على امر العملية التعليمية، فرجوع هولاء الأطفال بعد انقطاعهم لفترة طويلة عن الدراسة يشكل خطرًا كبيرًا على الصعيد الأكاديمي والنفسي، حيث يفتقرون للشعور بالأمان، ومن الصعب تنظيم عملية تعليمية في ظل الخطر الوشيك ووسط أصوات المدافع، حد قوله.
عطفاً على حالة القلق التي يمكن تنتاب اولياء الامور تجاه أبنائهم وقت الدارسة الي جانب أن كثير من الأسر تضررت اقتصادياً والذي من المفترض أن تقابله السلطات باجراءات لتخفيف الضغوط الاقتصادية على أولياء الأمور من خلال إعفاء الرسوم ودعم الطلاب بكل السبل الممكنة.
علاوة على أن عملية الاستيعاب تحتاج إلى استقرار وأمان، وفي حال عدم توفرهما، تصبح العملية التعليمية غير مجدية الامر الذي يتطلب ضرورة توفير المرشدين النفسيين في المدارس، لأن الطلاب وأولياء الأمور يحتاجون إلى دعم نفسي كبير لتجاوز هذه الفترة.
تعقيدات بالغة
من جهته يرى شهاب الزاكي وهو معلم بمرحلة الأساس بالسودان، أن العام الدراسي الجديد “يواجه تعقيدات بالغة، خاصة وأن وزارة المالية أخفقت في صرف رواتب المعلمين في 11 ولاية من ضمن 18 ولاية”. ما جعل كثير من المعلمين تحولوا للعمل في مهن هامشية كعمال بناء أو حاملي بضائع (عتالة)
بدوره يقول جميل مزمل وهو أب لعدد من التلاميذ، إن “مستقبل الطلاب السودانيين أصبح في خطر بالغ جراء الحرب التي ستؤدي إلى تدمير العملية التعليمية في السودان”.
وأضاف جميل “ليس لدينا خيار لتعليم أبنائنا في الوضع الراهن، وكل الظروف غير مواتية لإيجاد بدائل لتعليم الأبناء”.