ياسعادتك….الجرح صاحي (من كل النواحي).!
(دا لايف).؟.
نطق ذلك السؤال وعيناه مثبتتان على جهاز هاتف جوال كان يصوب نحوه، ليتردد صاحب الجوال في الاجابة، فالسؤال الذي اطلقه ذلك الضابط النحيل والصارم القسمات ربما كانت له تبعات مخيفة.
والشمس تبدأ في البزوغ في ذلك الصباح لترمي باشعتها على تلك الاجساد المتكدسة حول القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة.
(حرية سلام وعدالة…والثورة خيار الشعب)…!
هتاف يشق الصمت، وكورال سريع يصطف ليردد ذات الهتاف ليصبح فيما بعد (الشعار الرسمي) للثورة التي اطاحت بنظام البشير.
ونعود وسط ذلك الزحام للمشهد الاول في افتتاحية هذا السرد، فالضابط الشاب الذي سأل ذلك الشاب عن مايقوم بتصويره وهل هي صورة ام فيديو (لايف)، جعل الشاب يتردد قليلاً، فربما جأت الاجابة بعكس توقعاته وربما تمت مصادرة هاتفه الذي كان يكتظ في تلك اللحظة تحديداً بفيديوهات ولقطات وشعارات الثورة.
يحاول الشاب تشتيت انتباه الضابط عن السؤال، لكنه يتفاجأ بالاخير وهو يعلن دعمه ومساندته وبوضوح لهم كشعب بل يذهب لابعد من ذلك وهو يخاطب اخوته في القوات المسلحة من خلال اللايف ويدعوهم للانحياز للشعب موصياً اياهم وبوضوح: (دفن الدقون دا مابنفع).!
ويصرخ الشاب بهستيريا عقب كلمات الضابط النحيل، وينضم اليه العشرات من رفقاءه ويحيطون بالضابط وكل منهم يرفع شاشة جواله للتسجيل، فقد سرى في تلك اللحظات (احساس الامان).!
و….
من هنا…عرف الجميع محمد صديق.!
وذات الضابط النحيل (ود صديق)، يقتحم الاعتصام بدبابة، وذات الشاب الذي قام بتصوير الفيديو ينهض جزعاً من مرقده اثر رؤية ذلك المشهد وهو يردد بهلع: (الحاصل شنو).؟
رفيقه الذي يقاسمه (المرقد الخشن) يطبطب على كتفه برفق ويطالبه بالهدوء، فالضابط النحيل القادم على متن دبابة لم ينكص العهد، بل اكد عليه بذلك الاقتحام الذي كان الهدف منه وبوضوح (الحماية).
و…..
(الزول دا ماخايف).؟….سؤال آخر يقفز من آخر الصفوف، قبل ان يعترض طريقه سؤال آخر (هو الزول دا واقف معانا ليه).؟…وسؤال ثالث من احدهم يغلق مزاد الاسئلة الصعبة…(ياجماعة الزول دا نضيف وواقف معانا…لكن حيقيف معانا لحدي متين)..؟
واجابة السؤال تظهر خلال الايام الماضية….
وتحديداً حول مصفاة الجيلي، حيث ظهر ذات الضابط النحيل ليجيب على السؤال بياناً بالعمل (انا واقف معاكم لحدي آخر نفس).!
وآخر الانفاس التي التقطها الضابط النحيل حملها فيديو مشؤوم يوثق للحظة اسره من قبل شرذمة الضلال واعوان الشيطان الذين احتفلوا بذلك (الصيد الثمين)…
وبئس احتفالهم…
وبئس ذلك المشهد…
(من ياتو ناحية).؟..
نطقها الضابط النحيل وهو وسط (كماشة الموت)…لم يكن جزعاً او خائفاً، بل كان ثابتاً صنديداً راسماً على شفتيه ابتسامة ساخرة وهم يسألونه عن رسالته…ليجيب بسخرية وكبرياء (من ياتو ناحية).؟
تلك الاجابة التي تستحق ان تدرس في اعلى مناهج البطولات، فقد كانت رداً واضحاً على عدم رؤية او اعتراف ذلك الضابط العظيم بمن حوله، فإجابة (من ياتو ناحية) كانت قاسية عليهم للدرجة التي جعلت احدهم يوجه اليه (صفعة) بسبب تكسير تلك الاجابة وتحطيمها ل(هيبتهم المزيفة) واسهامها في ادراجهم ضمن (السراب) بعد ان ظنوا انهم كل الحقيقة وكل الوجود.!
المشهد الاخير:
جسد الضابط العظيم على الارض، ودماءه تختلط بتراب بلده، في لوحة ربما كانت الاغلى في العالم ليس (سعراً) ولكن (بطولة وفدائية)، ومااقل لوحات البطولة (الغالية) في مثل هذا الزمان (الرخيص).!
خروج:
ياسعادتك (طب مرقداً) فالجرح صاحي (من كل النواحي).!