الكرامة تواصل رصد خسائر الحرب: القطاع الزراعي..حصاد الهشيم
- المليشيا نهبت الآليات ومدخلات الإنتاج والأسمدة من مشروع الجزيرة
- تراجع انتاج الحبوب..وفقدان 10 ملايين فدان
- خسائر القطاع الإقتصادي قدرت ب 200 مليارات دولار.. والزراعة دمرت بنسبة 65٪
تقرير : رحمة عبدالمنعم
دمرت مليشيات الدعم السريع خلال حربها المروعة والمتواصلة على المدنيين، أكثر من 65٪ من القطاع الزراعي بحسب التقارير الرسمية، فقد تقلصت نسبة المساحات الزراعية، وانخفض انتاج الحبوب، مخلفاً وراءه اثاراً كارثية على الناس والإقتصاد
خسائر الزراعة.
أجبرت الحرب في السودان، الناس على الهروب من أماكن، عيشها،وشردت آلاف المزارعين من مناطقهم،وأدى ذلك إلى خسائر فادحة في انتاج المحاصيل،ودمار في نظم الري الزراعي، وتضررت مناطق زراعية واسعة في الخرطوم والجزيزة وكردفان، وازدادت تكاليف المدخلات الزراعية مثل البذور والأسمدة والمبيدات زيادة حادة..
ويعتمد ما يقرب من (65%) من سكان السودان على العمل في الزراعة، وهي مورد رئيسي للغذاء المحلي، ويصلح للزراعة نحو 175 مليون فدان، أي ما يعادل 73.5 مليون هكتار، ويبلغ متوسط المساحة المزروعة حوالي 26 مليون هكتار.
وبحسب وزير المالية د. جبريل ابراهيم، فإن الإنتاج في كثير من المشروعات تعطّل، والنقل حتى بعد الإنتاج تعطل وتوقع الوزير أن تبلغ خسائر الحرب 200 مليار دولار
وأكد أن أجزاء واسعة من الأراضي الزراعية تأثّرت بالقتال المتصاعد، كما لم يتمكن آلاف المزارعين من الحصاد بسبب انعدام الأمن وعدم توفّر التمويل.
وتعذرت زراعة أكثر من 12 مليون فدان مخصّص لزراعة الموسم الصيفي في ولايات دارفور وغرب وجنوب كردفان في السودان والجزيرة بسبب المعارك المسلّحة التي أثّرت على مقدرة المقيمين على الوصول إلى أراضيهم الزراعية وخفّضت العمالة المتاحة وعطّلت القدرة على إيصال المعدّات والأسمدة الزراعية، وهو ما يهدّد بمفاقمة أزمة الجوع المتفجّرة في بلد القسم الأكبر من سكّانه يقتات من الغذاء المنتج محلياً.
في ولاية الجزيرة المعروفة بخصوبة تربتها، خرج 250 ألف هكتار من الأراضي الزراعية من الخدمة ما أدى إلى انخفاض بنسبة 70% في إنتاج السودان من القمح الذي كان يبلغ 800 الف طن سنوياً.
وتقدر قيمة الخسائر الناتجة عن تضرر القطاع الزراعي بسبب الحرب بنحو 65٪ بحسب مختصين، حيث تقدر قيمة الأضرار التي لحقت بالأصول الزراعية ووسائل الإنتاج من معدات ومزارع وعيادات بيطرية وحظائر الحيوانات والبيوت البلاستيكية وأنظمة الري بأكثر من 2مليار دولار أمريكي،ولم يتم تحديد قيمة الخسائر التي لحقت بإنتاج المحاصيل .
وتؤثر الصدمات الاقتصادية بشدة على موارد الانتاج الزراعية وتؤثر على الدخل الفردي بشكل عام. وتهدد المخاطر المتعددة توقعات نمو الاقتصاد الزراعي السوداني بشكل كبير،حيث تميل المؤشرات إلى توقع استمرار منحى هابط للنمو، ولهذا الأمر تداعيات مستقبلية أهمها انهيار سلسلة الإنتاج الزراعي التي يحتاج إعادة بنائها لسنوات طويلة
تأثر المزارعين
من جانبه، قال عوض الله عيسى (61 عاما): “لا أستطيع الذهاب إلى أرضي في ولاية الجزيرة التي تعرضت لعبث مليشيات الدعم السريع، وهي تقع داخل مشروع الجزيرة بقرية” عشرة فضل”، ولدي16 فدن، لم أستطع زراعتها بسبب تواجد المليشيا في منطقتنا ، حيث أصيبت مضخات وأنابيب الري بأضرار كبيرة”.
بنبرة حزينة، أضاف لـ(الكرامة) : “لم أتمكن من جني اي شيء من أرضي، بسبب نزوح العمال أثناء دخول المليشيا إلى ولاية الجزبرة وقيامها بانتهاكات واسعة”.
وأردف: “جراء الحرب الدائرة منذ 15 أبريل ، تكبدت خسائر بما لا يقل عن إلى 6 مليار جنيه بالقديم ، ولدي ديون للتجار حيث كنت أستدين لزراعة أرضي”.
والدموع في عينيه، أعرب عوض الله عن أسفه لأن الدولة لا تعوضه عن الخسائر، متسائلا: “مَن يدفع عني الديون؟.. لن نزرع الأرض بعد الآن، وخاصة أن الحرب قد تطول إلى أمد بعيد “.
فحال عوض الله ، مثالا لملايين الحالات المشابهة التي تعرضت لخسائر فادحة وانقطع مصدر رزقها من الزراعة، نظراً لماتعرض له المزراعين من عمليات نهب واسعة، شملت المحاصيل وإلاليات وتضمنت جبايات كبيرة
في ظل وضع كارثي ينذر بالمجاعة
تقلص المساحات
وقال وزيرالزراعةوالغابات عمر البشرى في تصريح للجزيرة، إن الحرب أثرت على الزراعة في السودان والمحاصيل النقدية والغذائية، لأنها حرب شاملة شملت عدة ولايات، حيث تأثرت ولايات إقليم دارفور الـ5، وولايتي غرب وجنوب كردفان، والجزيرة والخرطوم، وكان الأثر بالغا في إيصال مدخلات الزراعة لهذه المناطق، ونقص الأيدي العاملة.
وكشف البشرى عن نهب قوات الدعم السريع للآليات ومدخلات الإنتاج والأسمدة من مشروع الجزيرة، حيث تم التخطيط لزراعة 650 ألف فدان من القمح، ولكن لم يزرع سوى ما بين 220 إلى 250 ألف فدان فقط.
وأضاف “نعول على بقية الولايات المنتجة للقمح، وهي ولاية النيل الأبيض، وولاية الشمالية، وولاية نهر النيل ومؤسسة حلفا الزراعية”.
وقال وزيرالزراعةوالغابات عمر البشرى -في تصريح للجزيرة- إن الحرب أثرت على الزراعة في السودان والمحاصيل النقدية والغذائية، لأنها حرب شاملة شملت عدة ولايات، حيث تأثرت ولايات إقليم دارفور الـ5، وولايتي غرب وجنوب كردفان، والجزيرة والخرطوم، وكان الأثر بالغا في إيصال مدخلات الزراعة لهذه المناطق، ونقص الأيدي العاملة.
وكشف البشرى عن نهب قوات الدعم السريع للآليات ومدخلات الإنتاج والأسمدة من مشروع الجزيرة، حيث تم التخطيط لزراعة 650 ألف فدان من القمح، ولكن لم يزرع سوى ما بين 220 إلى 250 ألف فدان فقط.
وأضاف “نعول على بقية الولايات المنتجة للقمح، وهي ولاية النيل الأبيض، وولاية الشمالية، وولاية نهر النيل ومؤسسة حلفا الزراعية”.
إنتاج الحبوب
تقول تقديرات منظّمة الفاو إن الإنتاج الوطني من الحبوب بلغ في العام 2023 نحو 4.1 مليون طن، أي 56% إلى 68% من الحاجات الغذائية المقدّرة في السودان، وهو أيضاً أقل من الإنتاج الوطني للعام الذي سبقه بنسبة 46% وأقل من المتوسط السنوي للسنوات الخمس السابقة بنحو 40%.
سجّل الإنتاج الوطني من الذرة الرفيعة والدخن في العام 2023 (3.74 طن) انخفاضاً بنسبة 48% مقارنة بالعام 2022، و41% مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية، ومن المتوقع أن يصل إنتاج القمح المقرّر حصاده إلى نحو 378 ألف طن، أي أقل بنحو 20% عن العام السابق وأقل بنسبة 46% عن متوسط السنوات الخمس الماضية.
تُقدّر احتياجات السودان الغذائية بنحو 6 ملايين طن على الأقل من الحبوب (وفق تقديرات المسؤولين السودانيين) فيما تشير «الفاو» إلى أن استخدام الحبوب الغذائية يصل إلى نحو 7.3 مليون طن، الأمر الذي يُشير إلى صعوبة تأمين الكميات اللازمة التي تحتاجها البلاد من الحبوب في ظلّ تدني الإنتاج الزراعي.
ويرجع الانخفاض الكبير في إجمالي إنتاج الحبوب بشكل أساسي إلى تأثير الصراع المستمر على العمليات الزراعية كانعدام الأمن الذي يعيق عملية الحصاد والزراعة، إضافة إلى محدودية توفر المُدخلات الزراعية وارتفاع أسعارها، فضلاً عن التوزيع غير المنتظم للأمطار الموسمية مع فترات جفاف طويلة في مناطق الإنتاج الرئيسية في جنوب شرق البلاد. هذه العوامل أدّت بطبيعة الحال إلى تدني المساحات المزروعة والمحصودة.
وتم تسجيل أكبر انخفاض في الإنتاج في إقليم دارفور الكبرى بلغت نسبته 82% مقارنة بالعام الماضي، كما لوحظ أيضاً انخفاض كبير في منطقة كردفان الكبرى (وهي منطقة أخرى تأثرت بشدّة بالنزاع)، حيث انخفض الإنتاج بنسبة 51% عن العام الماضي. وبحسب المعطيات، فإن المساحات المزروعة في السودان انخفضت بنسبة 3% عن العام السابق و9% عن متوسط السنوات الخمس السابقة.
وكانت ولايتي سنار والنيل الأزرق أكثر الولايات التي شهدت انخفاضات حادة في المساحات المزروعة فيما أبلغت ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان عن عدم وجود زراعة كلياً في موسم المحاصيل الصيفي لعام 2023.
في المُقابل، زادت المساحة المزروعة في ولاية القضارف، وتشير التقارير إلى أنها أعلى بنسبة 27% من العام الماضي، فيما أفاد القطاع التقليدي عن زيادة في المساحة المزروعة بنسبة 7% مقارنة بالعام السابق، ويرجع ذلك أساساً إلى الزيادة في ولاية سنار، حيث أفادت التقارير أن المساحة المزروعة أعلى بثلاث مرّات من السابق بسبب تدفّق النازحين داخلياً، ومعظمهم من ولاية الخرطوم، الذين شاركوا في العمليات الزراعية. وقد عوّضت الزيادة في المساحة المزروعة في ولاية سنار الانخفاض الحاد الذي لوحظ في ولايات غرب وجنوب ووسط دارفور بسبب انعدام الأمن السائد الذي يعيق وصول المزارعين إلى الحقول
أهم القطاعات
ويقول الخبير الاقتصادي د. هيثم عبدالرحمن لـ(الكرامة)،إن القطاع الزراعي من أهم القطاعات في السودان، فإنه يشكل ركنا أساسيا ومصدر دخل لحوالي65% من السكان. ويعتمد العديد من المزارعين في معيشتهم مئة بالمئة من القطاع الزراعي من خلال تربية الأبقار والأغنام . وسترخي الأضرار التي أصابت هذا القطاع جراء اعتداءات مليشيات الدعم السريع العنيفة تداعياتها على الزراعة وعلى الإنتاج الحيواني والثروة الحيوانية.
ويضيف :لقد أدت هجمات “الجنجويد” على القرى والمناطق بعدد من ولايات السودان، إلى نزوح السكان إلى مناطق أكثر أمانا، وشهدت تدمير كامل للمحاصيل الزراعية التي تعتبر مصدر رئيسي للعديد من الأسر بعد توقف المزارعين عن الذهاب إلى حقولهم وطرح محاصيلهم في الأسواق الداخلية.
وتابع : ، إن مليشيات الدعم السريع ألحقت أضرارا بالغة في القطاع الزراعي تضرر من خلاله ما لا يقل عن 12مليون فدان من الأراضي الزراعيةض بشكل مباشر و250الف هتكار بشكل كامل،وأكد إن المليشيا قضت على القطاع بالكامل، وإذا كانت بعض التقديرات تقول ان الخسائر بلغت 65٪، أنا أقول أكثر بكثير من هذا الرقم، إذا ما احتسبنا الأضرار المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد الوطني السوداني أولا، وعلى الناتج المحلي الوطني ثانيا_حد قوله..