الحكومة والحركة الشعبية: العودة للمفاوضات

  • مبادرة لوقف العدائيات للأغراض الإنسانية امام الطرفين
    الجزيرة ومأساتها شكلت حضورا في ساحة التفاوض..
  • تزامن جلسة افتتاح مفاوضات السلام مع احتفالية الجيش الجنوب سوداني بعيده ال( 41)
  • الحضور العربي في القضية السودانية كان باهتا باستثناء مصر ..
  • عمار اموم : للتفاوض حول وثيقة وقف العدائيات لتمرير الإغاثة لجنوب كردفان وغرب كردفان والنيل الأزرق..
  • كلمة مؤثرة للفريق يسن ابراهيم الذى ظل بعيدا عن دائرة الضوء فظلم نفسه ومنصبه الرفيع..

 

  • جوبا : يوسف عبدالمنان

منذ انفضاض جلسة المفاوضات الأخيرة قبل عامين من الزمان وتسرب مياه كثيفة تحت جسور الحكومة والحركة الشعبية معا عادت الأطراف أمس إلى الوعي بضرورة الحل السلمي لقضايا السودان وإقليم جبال النوبة، وربما قرا خلال هذه الفترة الطويلة الجنرالان شمس الدين كباشي وعبدالعزيز الحلو، كتاب (عودة الوعي) لتوفيق الحكيم حيث قاد الرجلان بصورة مفاجئة مفاوضات اليوم الواحد والتي أفضت للاتفاق على تسيير المساعدات الانسانية لشعب يتضور جوعا ويمشي على حافة الهاوية دون السقوط في لجتها.
عادت اليوم لفندق (براميد( وسط عاصمة الجنوب التي أغلقت اسواقها ومدارسها احتفالا بالذكرى ال41 لتاسيس الجيش الشعبي في 16 مايو من عام 83 ، ولهذه الذكرى إثر عميق في نفوس الجنوبيين وهم ينهضون بدولة من رماد الحروب الطويلة.
ولجنا في التاسعة من الصباح قاعة في الطابق الأرضي من فندق فخيم تتمنى أن تشاهد مثله في الخرطوم بقية عمرك وضجيج الزوار والتجار والعمار والسواح والعابرين من أطراف الدنيا لاعماقها يمرون من هنا يتكئؤون ويستريحون ريثما يواصلون الترحال.
دخل الوفد الشعبي لجبال النوبة والنيل الأزرق وغرب كردفان يتقدمهم الدكتور حسن عبدالحميد النور بجلبابه الأبيض ومركوب النمر وعمامته ويتوكأ على عصاه وهو في عز الشباب وحسن يجمع بين الإدارة الأهلية ووظيفة الأستاذ الجامعي والبرلماني السابق .
جاء وفد الحركة الشعبية بقيادة الأمين العام للحركة عمار امون الرجل الذي أسقط إبراهيم نايل ايدام من قمة جبل النتل في الانتخابات الأخيرة، يقود وفدا يطغى عليه العنصر الشبابي اكبرهم عادل شالوكا وقمر ضلمان ومزيج من النساء والشباب الذي درس في أروبا وشرق أفريقيا ولم ياكل المجو مجو ولم يرقص الكرنق ولم تكتحل عيناه بسبر النتل وليالي اللوبا وموسيقي المورو ولكنهم يحلمون بجبال النوبة وقد صمت فيها صوت السلاح للأبد وجاء وفد حكومة السودان بقيادة اللواء يسين إبراهيم وزير الدفاع الذي اكتشف نفسه وقدم أداء لرجل دولة جدير بالاحترام وكان خطابه أمسالاول في غاية الروعة والمسؤولية حيث صفقت له القاعة بحرارة شديدة.
غياب عربي وحضور مصري

رغم الدعوة التي وزعتها حكومة الجنوب على السفارات الأجنبية بجوبا وتزامن جلسة افتتاح مفاوضات السلام مع احتفالية الجيش الجنوب سوداني بعيده الواحد والأربعين جاء السفير البريطاني والنرويج وإثيوبيا ويوغندا وكينيا وزمبابوي وجنوب أفريقيا مما يعكس اهتمام الأفارقة بالشأن السوداني ولكن الحضور العربي في القضية السودانية كان باهتا باستثناء مصر التي كانت حاضرة مما يؤكد كل يوما بأن مصر ماتخلت عن السودان في الوقت الجهام وكان سفيرها وقنصلها وحدهم يمثلون عربا تعلقت بهم قلوب أهل السودان ولم يحصدون منهم غير الاسي والموت الذي ترسل دولة الإمارات العربية المتحدة أدواته كل يوم.

مواقف توت قلواك

ابتدر احتفالية المفاوضات الوزير الوسيم ضيو مطوك بكلمة رزينة وجهها إلى الفرقاء السياسيين في السودان والي السفراء الأجانب بلغة انجليزية نظيفة من الأخطاء حيث طالب الطرفان بالنظر لواقع الأزمة التي يعيشها الشعب السوداني والمناطق الثلاثة ودارفور والجزيرة وقال ضيو مطوك وزير الاستثمار ومقرر الوساطة التي يقودها المستشار توت قلواك أن هناك أمل لاستغلال الفرصة الراهنة وتحقيق السلام ووصول المساعدات للشعب السوداني بما يحقق الاكتفاء من حاجته الحالية ودعا الوفدين للعودة لإكمال ملفات السياسة والترتيبات الأمنية وصولا لاتفاق سلام شامل.
من جهته بدأ عمار اموم كلمته بتحية حكومة جنوب السودان المستضيفة للمفاوضات وخص الرئيس سلفاكير ميارديت وقال إن الجلسة للتفاوض حول وثيقة وقف العدائيات لتمرير الإغاثة لجنوب كردفان وغرب كردفان والنيل الأزرق وقال لقد استعصي حل مشكلة الحرب في السودان لمدى 69 عاما وخضنا حروبا بلا معنى وكل الاتفاقيات التي يتم توقيعها لاتحترم وحكومات الخرطوم تعمل جاهدة للتجزئة في الحلول واليوم تعيش بلادنا واقع أكثر مأساوية في الخرطوم والجزيرة ودار فور وكل هذه المناطق تحتاج إلى إغاثة لأن المواطنيين يعانون بشدة وتقع عليهم انتهاكات وشكلت الجزيرة وماساتها حضورا في ساحة التفاوض حيث جاء الحديث عن ماساتها على لسان قائد الحركة الشعبية والمستشار توت قلواك.
وبدا ان الفريق يسن إبراهيم وزير الدفاع شخص بليغ وعميق في رؤيته ومتواضع جدا لكنه ظل في السنوات الماضي بعيدا عن دائرة الضوء فظلم نفسه ومنصبه الرفيع بدأ بشكر حكومة جنوب السودان وقيادتها الحكيمة وحيا احتفالية جيش الجنوب بعيده الحادي والأربعين وأثنى على قبول الحركة الشعبية دعوة الحكومة على مبادرتها لوقف العدائيات للأغراض الإنسانية.
وقال إن توصيل المساعدات الإنسانية أمر متفق عليه لإغاثة جنوب وغرب كردفان والنيل الأزرق وكل مناطق سيطرة الحكومة والحركة الشعبية لذلك تقدمنا بمقترح وقف العدائيات وفقا لاتفاقيات جنيف ونحن الآن يجب علينا بحث الآليات الأكثر فاعلية لتوصيل المساعدات الإنسانية وجئنا بقلب مفتوح للتجاوب مع أي مقترحات من الحركة الشعبية للوصول لتوقيع الاتفاق ولما كنا على مشارف الوصول لاتفاق نهائي نتطلع ليساعدنا المجتمع الدولي في تقديم المساعدات للمواطنين
وبلغة صارمة رغم بشاشته وحميمية حديثه حذر الفريق توت قلواك مستشار الرئيس سلفاكير لشئون الأمن الطرفين من المزايدات السياسية التي تعطل هذا الاتفاق المرتقب ، وقال توت بحزن عميق السودان تدمر وشرد شعبه واصبح يواجه مشاكل في الحصول على الغذاء والدواء وقال كفاية حربا كفاية دمارا ويجب أن يتجه السودان للتصالح والتعافي الوجداني ولأننا شعب واحد في بلدين أصدر الرئيس سلفاكير ميارديت قراراته مع بداية الحرب في السودان أن يفتح الجنوب قلبه وارضه للشماليين بلا وثائق ثبوتية لأنهم مواطنون ارغمتهم الحرب للجوء للشق الآخر من البلد وبدأ توت قلواك واثقا من نجاح الجولة الحالية من المفاوضات .
من جهة اخرى دخلت الوفود في اجتماعات مشتركة في مناخ يخلو تماما من المشاحنات السابقة وكان مقررا ومتفقا عليه بين الجنرالين شمس الدين كباشي وعبدالعزيز الحلو أن يتقدم كل طرف بورقة حول ملف توصيل المساعدات ولكن الحركة ربما بحسن نيه تركت لوفد الحكومة تقديم ورقته وإبداء ملاحظات حولها مما أدى لرفع الجلسة ليوم لتمكين الحكومة من الرد على الملاحظات التي ابدتها الحركة في وقت يؤكد الوسيط الجنوب سوداني أن الاثنين القادم هو الموعد المنتظر للتوقيع على الاتفاق الإنساني بحضور الرئيس الفريق البرهان والفريق سلفاكير ميارديت الذي يهتم كثيرا بهذا الملف.

وصول كباشي
ووصل صباح امس الاول الخميس الفريق شمس الدين كباشي صاحب مبادرة توصيل المساعدات الإنسانية إلى جوبا وسط احتفاء كبير جدا من حكومة الجنوب واهتمام كبير بقدومه الذي يشكل دفعة كبيرة لمسار التفاوض باعتباره ان المرجعية النهائية لوفد الحكومة أصبحت قريبة من غرف التفاوض مثلما يشكل وجود عبدالعزيز الحلو في جوبا وقربه من التفاوض دليل آخر على جدية الحركة في التوقيع لأول مرة على اتفاق مع حكومة الفترة الانتقالية حيث امتنعت الحركة الشعبية في المرات السابقة من التزحزح عن الرفض ولكن الاختراق الذي أحدثه القائدان شمس الدين كباشي والحلو قد حطم جدار عدم الثقة المسدود..

اقرأ أيضا