جهات أخرى..!
“في الثقافة الغربية ثمة علاقة وثيقة وعضوية بين السحر والفلسفة القديمة التي مهدت الطريق أمام اللجوء إليه”.. بريان كوبنهافر..!
كل النكات التي تُنسب إلي “حمودة” حلاق الجامعة كانت تدور حول إصراره على استخدام مصطلحات لغوية فصيحة على الرغم من جهله بمعانيها، فتتحقق النكتة باعتبارها لغزاً إدراكياً يُحدثه انعدام المُواءمة، ويضحك المُستمع بعد فك شفرة المُفارقة التي تقوم عليها..!
الحرص على إظهار الثقافة والمعرفة فخ لم يسلم من الوقوع فيه أي سوداني، حتى “حمودة” الأمي البسيط الذي كان “يتثاقف” بتوظيفه الخاطيء لبعض المصطلحات التي يلتقطها من أفواه زبائنه أساتذة وطلاب جامعة الخرطوم..!
الوقوع في ذلك الفخ أنتج ظاهرة العلاقة العكسية بين حرص السوداني على إظهار درجة تعليمه ومقدار ثقافته من جهة، وإصراره على التعبير عن عدم اقتناعه بوجود السحر كأحد الشرور الطاقية التي تندرج تحت تصنيف الماورائيات من جهةٍ أخرى..!
فضلاً عن إصرار السوداني مثقفاً كان أم غير ذلك – متعلماً كان أم “زول الله ساكت” – على الخلط بين السحر كظاهرة كونية وحقيقة كارثية مذكورة في القرآن الكريم والدجل والشعوذة كأساليب خداعية تعول في انتشارها على النصب والاحتيال..!
يحدث ذلك على الرغم من انتشار السحر بكل أنواعه وألوانه ومسمياته في السودان، بينما يعترف الشعب وتقر السلطات في دولة مثل السعودية بوجود السحر وتجتهد في مكافحته من خلال وحدات مختصة تتبع للجهات الرسمية، ولا تستنكف وسائل إعلامها عن نشر أخبار القبض على بعض السحرة الذين يستخدمهم الحوثيون للتسلل إلى الحدود السعودية في أثناء المعارك هناك..!
استخدام السحر في العلاقات الدولية والمعارك السياسية والحروب “الجد جد” ظاهرة مستترة أي نعم، لكنها رائجة عالمياً. وقد اعترف رئيس جنوب أفريقيا السابق “جاكوب زوما” بأنه كان يمارس السحر ضد البيض خلال فترة الفصل العنصري. وفي إحدى جولات الانتخابات الرئاسية التي جرت في رومانيا قبل سنوات اتهم رئيس الحزب الاشتراكي منافسه باستخدام السحر لتحقيق الفوز..!
وعقب وفاة الرئيس المصري “جمال عبد الناصر” تبنى حاخامات إسرائيليون مسؤولية قتله باستخدام السحر الأسود. وبعدها كتب “محمد حسنين هيكل” مقالًا بعنوان “تحضير الأرواح” تحدث فيه عن انشغال كبار رجال عبدالناصر – الذين انقلب عليهم السادات – بتحضير الأرواح لمعرفة مستقبلهم السياسي في عهده..!
وهنالك أجهزة مخابرات عالمية تتعامل مع السحرة لتفكيك غموض بعض القضايا الغامضة، فضلاً عن الحكايات التي تروى عن تعامل بعض شيوخ الأسرة الحاكمة في الإمارات مع بعض نجوم السحر والشعوذة في السودان..!
قبل الدخول في هذه الحرب أنفقت قيادات الدعم السريع مبالغ طائلة على استقدام مشاهير السحرة الأفارقة لتسهيل مشروع حربها الاستيطانية التهجيرية في السودان. فربطوا القرود وعلقوا الطلاسم لمضاعفة أعداد مقاتليهم أمام مقاتلي الجيش، وقد تم رصد مواجهات كثيرة كان ترديد الأذان خلالها كافياً لإبطال مفعول تلك الأسحار وظهورهم بأعدادهم الحقيقية..!
وكانت هنالك بهارات تم إعدادها خصيصاً من قبل أولئك السحرة لتتم إضافتها إلى وجبات الطعام داخل معسكرات الدعم السريع، بالتزامن مع “تفريع” المئات منهم لصناعة أحجبة وطلاسم “الدعامة” الذين يعملون وفقاً لتوجيهاتهم..!
السحرة الذين يقاتلون مع المليشيا – على طريقتهم – لا يقلون خطورةً عن بعض الحكومات الداعمة لها، لذا أقترح “وبمنتهى الجدية” أن يجتمع علماء وشيوخ السودان “بمختلف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية” لمُنازلتهم – في تلك المعركة الجانبية الظلامية – بما يلزم!.