هل يسكل تقرير (هيومن رايتس) علامة فارقة في تعامل المجتمع الدولي مع الجنجويد؟!
الكرامة: هبة محمود
تقرير حديث يضاف إلى قائمة التقارير الاممية التي تدين مليشيا الدعم السريع، منذ اندلاع القتال في الخرطوم، منتصف ابريل من العام الماضي، يكشف انتهاكاتها والميليشيات المتحالفة معها في مدينة الجنينة، بولاية غرب دارفور، غربي السودان.
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، امس الاول الخميس، فقد قتلت مليشيا الدعم السريع آلاف من الأشخاص على الأقل وخلّفت مئات آلاف من اللاجئين في الفترة من أبريل إلى نوفمبر 2023م.
وأكدت المنظمة أن المليشيا ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب واسعة النطاق في سياق حملة تطهير عرقي ضد إثنية المساليت وغيرهم من السكان غير العرب في الجنينة وما حولها؛ ما يفتح باب التساؤلات حول إمكانية توظيف الادانة في حق المليشيا وتأثيرها على محاصرتها، سيما في ظل دعوات المنظمة لكل من للاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة للتحرك لحماية المدنيين؟
جرائم موثقة
جرائم موثقة بالصور والافادات، على لسان رواتها، في مناطق مختلفة من الخرطوم والجزيرة ودارفور وكردفان، تصف بشاعة مليشيا الدعم السريع والإنتهاكات التي ظلت تمارسها في حق المواطنين، منذ تمردها على الجيش بدعوى تحقيق الديمقراطية.
وفيما ظلت الادانات الاممية على مدار عام تكشف من وقت لآخر، بالأرقام والاحصائيات، عبر تقارير تلك الانتهاكات، الا ان الامر لم يتحرك من مربع الادانة قط، قبل أن تدعو منظمة هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للتدخل العاجل لحماية المدنيين.
وحددت هيومن رايتس ووتش قائد مليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي” وشقيقه عبد الرحيم حمدان دقلو، وقائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور جمعة بارك الله باعتبارهم من يتحملون مسؤولية قيادة القوات التي نفذت هذه الجرائم.
علامة فارقة
واعتبر مراقبون ان التقرير ربما يشكل علامة فارقة في تعامل المجتمع الدولي مع المليشيا، والانتقال من مربع الادانات إلى مربع التدخل العاجل، خاصة عقب تعليق المبعوث الامريكي الخاص بالسودان توم بريليو.
وقال توم الخميس، انهم يدعمون جهود المساءلة ضد المسؤولين عن ذلك، مقدما الشكر للمنظمة وللعديد من وصفهم بالسودانيين الشجعان الذين شهدوا لجعل هذا التقرير ممكناً بحد تعليقه.
وفيما حددت هيومن رايتس حلفاء مليشيا الدعم السريع، بمن فيهم قائد جماعة تمازج المسلحة وزعيمين قبليَّين عربيَّين، على أنهم يتحملون المسؤولية عن مقاتلين ارتكبوا جرائم خطيرة، قال الناطق باسم حركة “تمازج” عثمان عبد الرحمن ان تقرير “هيومن رايتس ووتش” يجافي الحقائق وغير محايد، مؤكدا أن حركتهم لا تقوم على عداء لأي إثنية، وأنهم مستعدون للتعاون مع أي لجنة لتقصي الحقائق ميدانياً.
بعثة طارئة
واكدت المنظمة في تقريرها على انه ينبغي للأمم المتحدة، بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي، نشر بعثة جديدة بشكل طارئ لحماية المدنيين المعرضين للخطر في السودان.
وقالت انه ينبغي لمجلس الأمن فرض عقوبات موجَّهة ضد المسؤولين عن الجرائم الخطيرة في غرب دارفور، والأفراد والشركات التي انتهكت الحظر أو تنتهكه، كما ينبغي لها توسيع الحظر الحالي على الأسلحة المفروض على دارفور ليشمل السودان كله.
و رأت ان “التقاعس العالمي عن مواجهة فظائع بهذا الحجم غير مقبول وانه على الحكومات ضمان محاسبة المسؤولين، بسبلٍ تشمل فرض عقوبات موجَّهة وتعزيز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية”.
وثيقة إدانة
ويرى متابعون ان تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش لا يمكن القفز عليه، ولا اعتباره كغيره من التقارير السابقة، يل انه يعتبر وثيقة إدانة، وأن ما فعلته في مدينة الجنينة، تم مثله في الخرطوم والجزيرة ومختلف المناطق التي اعتدت عليها المليشيا.
ورفضت في مقابل ذلك مليشيا الدعم السريع الاتهامات التي وجهت اليها من قبل منظمة هيومن رايتس، وقال عمران عبدالله عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع لـ”الشرق”: لم نتورط في ارتكاب جرائم تطهير عرقي في دارفور
ودعت المليشيالإرسال لجنة تقصي حقائق دولية إلى دارفور للتحقيق فيما حدث في مدينة الجنينة
واعتبر المحلل السياسي الطيب محمد التقرير ضربة قاضية للمليشيا والجهات الداعمة لها، والجهات الأخرى المحايدة، لاعتباره تقرير اممي، لا علاقة للجيش او الفلول بصياغته او اعداده، مؤكدا في حديثه ل “الكرامة” انه يتوجب على المجتمع الدولي الان وعقب هذا التقرير التحرك في خطوات إيجابية.
ورأى الطيب في افادته، ان إنكار الدعم السريع امر طبيعي، في ظل الاكاذيب التي ظل ينطق بها منذ اندلاع الحرب والادعاء بممارسة الديمقراطية والقضاء على دولة 56 وغيرها من الاكاذيب المضللة، غير ان الان الوضع اختلف خاصة انه يسيطر على إقليم دارفور عدا الفاشر، وأن المناطق التي وقعت فيها الإبادة وفق التقرير هي مناطق واقعة تحت سيطرته.
بالتفصيل
ووثق التقرير الصادر في 218 صفحة بعنوان “لن يعود المساليت إلى ديارهم التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية في الجنينة، غرب دارفور، قيام مليشيا الدعم السريع، بما فيها “الجبهة الثالثة- تمازج”، وهي جماعة مسلحة، باستهداف أحياء الجنينة التي تسكنها أغلبية من المساليت في هجمات متواصلة بين أبريل ويونيو، وتصاعدت الانتهاكات مرة أخرى في أوائل نوفمبر، وقال التقرير إن المهاجمين ارتكبوا انتهاكات خطيرة أخرى مثل التعذيب والاغتصاب والنهب، وفرّ أكثر من نصف مليون لاجئ من غرب دارفور إلى تشاد كان 75% منهم من الجنينة.
وقالت المديرة التنفيذية لـ هيومن رايتس ووتش تيرانا حسن: “بينما يدرك مجلس الأمن الدولي والحكومات الكارثة التي تلوح في الأفق في الفاشر، ينبغي النظر إلى الفظائع الواسعة التي ارتكبت في الجنينة على أنها تذكير بالفظائع التي يمكن أن تحدث في غياب عمل منسق، على الحكومات، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة التحرك الآن لحماية المدنيين”.
غير مؤهل
في مقابل ذلك يعتقد الكاتب الصحفي المحلل السياسي، عبد الله آدم خاطر، أن السودان أصبح تجربة من تجارب العالم فيما يتعلق بالقوانين الدولية و بالقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، دون أن تأتي تلك التجارب بالنتائج، وذلك لعدم وعي السودانيين الكافي بالقوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني.
ويرى عبد الله في افادت ل( الكرامة) ان انتهاكات قانون الإنسان يجب ان لا تتم بالطريقة التقليدية وهو جمع المعدتي والمعتدى عليه في حجرة واحدة، على أن يطلب منهم التحاور، مؤكدا على انه يتوجب ان تكون هناك إجراءات وقائية.
وقلل في الاثناء من دعوات هيومن رايتس ووتش للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالتدخل لحماية المدنيين.
وقال: يجب علينا أن لا نتوقع ان يساعد المجتمع الدولي السودانيين أكثر من السودانيين أنفسهم.
وأضاف: يجب أن يكون هناك حراك وحوار سوداني بواسطة مسهلين سودانيين، لحل مشكلاتنا، ثم يتم طلب تسهيلات من المجتمع الدولي لكن بالتجارب فان المجتمع الدولي اثبت انه غير مؤهل ان يحل مشكلة السودان.