من بربر السلوى إلى كررى التاريخ والصمود

بقلم سامى هاشم عثمان

وصلت قبل أيام خلت إلى العاصمة الوطنية امدرمان محلية كرري التاريخ والصمود، فى مهمة أسرية. حللتُ بها قادماً من بربر السَلوى، التي أفلَحَت في إستقبال أبنائها النازحين من ولاية الخرطوم بعد اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م، محلية بربر التي قَدَمَت عبر وحداتِها الإدارية الخمس للأسُر النازحِة من الخرطوم والجزيرة المأوى والطمأنينة، في صورةٍ جسدت معنى التكافل والإخاء. وبالطبع هذا ليس بالشيء الغريب على اهل بربر السلوى، وهم أهلُ الكرم والجود، ويستحضرُني حديثُ المدير التنفيذي لمحلية بربر حسن إبراهيم كرار في لقائه بمكتبه وفد رابطة إعلاميي الخرطوم بولاية نهر النيل، حيث قال إنً محلية بربر إستضافت حوالي 17 ألف أسرة من الأٍسر الوافدة من الخرطوم بسبب الحرب.
تحركتُ من منطقة أرتولي بالوحدة الإدارية العبيدية الفاروق التابعة لمحلية بربر، في الصباح الباكِر بعد رحلةٍ استمرت حتى المساء، وطول الزمن يشير إلى التأخير بسبب التفتيش في نقاط الارتكاز المنتشرة. على امتداد الطريق الرابط بين ولاية نهر النيل وولاية الخرطوم، وذلك يشير إلى هِمة وحرص الأجهزة الأمنية المختلفة على تأمين ولاية نهر النيل.
رحلة شاهدتُ من خلالها مستوى استعداد وجاهزية القوات النظامية المختلفة والمستنفرين للزود عن حياض الوطن، (جيش قوقو ). يعملون ليل نهار وفى عز الهجير .. إرتكازات ونقاط تفتيش موزعة وفقاً لرؤية إستراتيجية وبحسب الطبيعة الجغرافية والموانع الطبيعية.
وفي الطريق وعلى مشارف ام درمان تجد العمران والمحلات التجارية تتوزع يميناً ويساراً،
إحساس وشعور غريب ينتابك وأنت داخل كرري، الحزن والفرح في آن واحد، الشوارع تضج بحركةِ السيارات والمارة، لكنها للأسف مفصولة عن باقي الجسد ( الخرطوم المنطقة المركزية والخرطوم بحري).

زيارة خرجتُ من خلالها بعددٍ من الملاحظات والمشاهدات التي تتمثل في :
* زيادة الكثافة السكانية فى محلية كرري، بسبب النزوح إليها من بقية محليات الخرطوم بالإضافة إلى عودة بعض الأسر التي خرجت منها
* تحسن ملحوظ فى الأوضاع الأمنية بمحلية كرري، وذلك نتيجة انعدام بعض الظواهر السالبة التي تفشت فى الشهور الأولى بعد اندلاع الحرب.
* التنمية والعمران والتوسع البائن وزيادة الحركة التجارية في سوق صابرين.
* تشغيل بعض خطوط المواصلات الداخلية، مثل خط مواصلات الريف الشمالي صابرين ومؤخراً وفى الأيام القليلة الماضية خط مواصلات الثورة بالنص سوق ام درمان … إلخ.
* إستقرار الخدمات بمحلية كرري مثل الكهرباء والمياه والاتصالات.
* مواصلة القصف المدفعي من كررى ومنطقة وادي سيدنا العسكرية على مناطق تجمعات التمرد وبعض الأهداف المشروعة، لكنه أقل بكثير من القذف المدفعي فى الشهور الأولى للحرب.
وتبقى المحليتان ( كرري وبربر )، ينبوعاً يتدفق بالعطاء ونبراساً يضيئ معالم الطريق وهما تحتضنان كل من أتى إليهما طالباً الأمن والأمان، بل تعملان على دفع عجلة التنمية بالبلاد فى ظروف استثنائية بالغة التعقيد، لذلك يجب على المواطنين أن يعملوا على مزيدٍ من التكاتف والتعاون، وأن يتعاهد الجميع على أن يكونوا معاول للإنتاج والتنمية، بالإضافة إلى الإتجاه نحو ترقية وتطوير الخدمات بالتنسيق مع اللجان الإدارية بالمنطقة، فضلاً عن بلورة الأفكار والخطط واختيار أنجع السبل والأدوات الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة.
ونسأل الله أن يعود لبلادنا أمنها واستقرارها ، وأن يخزي الله التمرد والعملاء .. وينصر القوات المسلحة .

ونسأله التوفيق والسداد ..

جيش واحد .. شعب واحد