قيادة الجيش.. تحركات ميدانية
- تلاحم وتفاعل جماهيري والتزام بحسم الميليشيا
- تدافع جماهيري عفوي وسط القيادات يتسيده هتاف ( جيش واحد شعب واحد)..
- هل يجرؤ قادة تقدم ومليشيا ال دقلو على مخاطبة جمع من السودانيين.
- قتال في أم درمان، وتنمية في بورتسودان، والرؤية هي استقرار السودان..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو
لقد كان لافتاً للانتباه خلال الأسبوع المنصرم، الحراك المتزامن الذي قام به القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بزيارة الولاية الشمالية مع تحرك مماثل لنائبه الفريق أول شمس الدين كباشي، الذي تفقد عدداً من المواقع الأمامية في ولايات السودان المختلفة، في وقت كان يقوم فيه مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا بجولة ميدانية في أم درمان، تتزامن مع زيارة تفقدية استهدفت قطاع التنمية ابتدرها مساعد القائد العام الفريق مهندس بحري إبراهيم جابر إبراهيم، فماذا وراء هذا الحراك، وماهي الرسائل والدلالات التي تختبئ خلف خروج هذه القيادات العسكرية إلى الميدان؟
قهوة في الهواء الطلق:
ووجدتُني وبدون أدنى تفكير أردد (وبتصرف ) مقطعاً من أغنية الاستحالة التي تتغنى بها فرقة عقد الجلاد:
المناظر هي ذاتها
والصور نفس المشاهد
( (التلاحم والهتاف
والفريق بين شعبو صامد))
رددتُ هذا المقطع الذي تصرفتُ في شطرته الثانية مع الاعتذار المسبق لفرقة عقد الجلاد وجمهورها الراقي، فقد تحركت داخلي هذه المقاطع بلا استئذان، وأنا أشاهد صوراً للسيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وهو يجلس على حافة حمالة أزيار (مزيرة) أمام إحدى بائعات الشاي ويرتشف فنجاناً من القهوة، مع مجموعة من شباب منطقة نوري، وقد بدا الفريق البرهان يجاذبهم أطراف الحديث بعد أن توقف في المنطقة وهو في طريقه إلى الولاية الشمالية.
الصور نفس المشاهد:
الصورة التي حصدت تفاعلاً كبيراً من رواد منصات التواصل الاجتماعي، أعادت إلى ذاكرتي صوراً مماثلة للبرهان نفسه تكررت بذات النسق في أوقات سابقة في عدة مناطق من السودان، سواءً في أم درمان، أو نهر النيل، أو بورتسودان، حيث يظهر القائد العام للجيش ملتحماً مع الجماهير وملتصقاً بالمواطنين البسطاء في الشارع العام، وأمام بائعات الشاي، وهو يجلس القرفصاء على (الضرا) يتناول مع الصائمين إفطار رمضان، ويأكل (الزلابية ) ب(شاي اللبن) ، ويتقاسم مع المواطنين لقمة العيش، قبل أن يقاسمهم همّ البلد المنكوب، الرازح تحت وطأة المعارك والحروب.
ليست صدفة:
قطعاً لا يمكن قراءة هذه المواقف التلقائية والعفوية للقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والتحامه بالجماهير وتفاعله مع المواطنين البسطاء، بمنأى عن تفاعلات أخرى يحصدها السادة أعضاء هيئة القيادة العليا للقوات المسلحة وقد نشطوا هذه الأيام في حراك متزامن التزم عدداً من المناطق سواءً في ولايات السودان، أو المواقع الأمامية للبواسل الفرسان.
كباشي في الميدان:
اختار نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي تفقد جنوده من أبطال القوات المسلحة والقوات المساندة لها في المواقع الأمامية في كل من الفاو بولاية القضارف، والمناقل بولاية الجزيرة، وسنار، وكوستي بالنيل الأبيض، وشهدت جولات الفريق كباشي الميدانية تفاعلاً جماهيرياً كبيراً وهتافات تثمن مواقف الرجل البطولية، وتدعوه إلى الاستمرار في قتال ميليشيا آل دقلو المتمردة، حيث تزوّد الفريق كباشي بمعنويات كبيرة من قبل المواطنين، ومن خلال حماسة المقاتلين في الصفوف الأمامية والتي بلغت عنان السماء.
العطا في أم درمان:
واصطحب مساعد القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن ياسر العطا، القيادة الجوالة لإسناد عمليات قيادة الجيش في معركة الكرامة الوطنية ليقف على أحوال المقاتلين ويتفقد غرف العمليات والمواقع الأمامية المتقدمة بمنطقة أم درمان، وكعادته أطلق العطاء كلمات رصاصية أكد من خلالها استمرار العمليات العسكرية وفق ما هو مخطط له، وأن المرحلة القادمة التي تستهدف بناء وتعمير البلاد، تستند على أطر وطنية، معتمدة في ذلك على الشعب السوداني والمقاومة الشعبية، ومتجاوزة الحواضن السياسية، ومتجنبة العملاء والمرتزقة الذين ستتم محاسبتهم ومحاسبة كل من تورط في حق الوطن.
جابر في بورتسودان:
وفي ميدان قتالي آخر بعيداً عن المدافع والرشاشات، تحرك الفريق مهندس بحري إبراهيم جابر إبراهيم مساعد القائد العام للقوات المسلحة متفقداً هيئة الموانئ البحرية التي دشنت الرافعات الجسرية المستوردة من الصين في خطوة متقدمة على طريق مواكبة التطور العالمي لتعزيز النقلة النوعية في الأداء التشغيلي لهيئة الموانئ البحرية، والترتيب الاستباقي لمرحلة ما بعد الحرب بتطوير أداء هيئة الموانئ البحرية لتكون جاهزة بتسريع عمليات الشحن والتفريغ في أزمان قياسية تحقق نسبة انتظار صفرية، وكان الفريق جابر محاطاً بالتفاف جماهيري حاشد من المواطنين الذي هتفوا باسم القوات المسلحة، وجددوا الولاء دعماً وإسناداً لجنودها البواسل وهم يذودون عن الأرض والعرض.
التفاف:
إذن فقد تحرّك (أربعتهم) كلٌّ في وجهة ومهمة تستهدف الدفع والإسناد بما يحقق أمن واستقرار البلاد، وقد شغل التوقيت المتزامن لجولات قيادة الجيش، مساحات واسعة من الاهتمام والتدافع الجماهيري العفوي الموسوم بهتافات صادقة ( جيش واحد شعب واحد) وهي رسالة واضحة المعاني تبلور المفهوم العميق لحقيقة التفاف الشعب حول قواته المسلحة ومساندته لها في حرب الكرامة الوطنية ضد تمرد ميليشيا الدعم السريع الإرهابية.
إغاظة:
لقد أخرج قادة الجيش بهذا الحراك الميداني ألسنتهم في وجه قيادة الميليشيا المتمردة التي تولت هاربة من ميدان القتال، تاركة جنودها تواجه مصيرها المحتوم، بعد أن أحكم الجيش سيطرته الميدانية وامتلاك زمام المبادرة على كافة مسارح العمليات وجبهات القتال منذ منتصف فبراير الماضي تأريخ التحام قوات منطقة وادي سيدنا العسكرية مع قوات سلاح المهندسين في أم درمان والتي بدأ منها الزحف الأخضر، وصولاً إلى النصر الأكبر.
شجاعة وثبات:
تلاحم قيادة الجيش مع الجماهير وسط الهجير، وتحت سحائب من دخان وبارود العمليات القتالية، يعكس مدى الشجاعة والثبات والثقة التي تعتمل في دواخل هذه القيادة العسكرية، والتي عبّرت عنها الخطابات حامية الوطيس التي أطلقها هؤلاء القادة الأربعة كلٌّ في موقعه، الأمر الذي زاد من حماسة الجماهير، ورفع سقف التفاؤل عند المواطنين، وعلا بالروح المعنوية لدى المقاتلين.
قراءات ورسائل:
إن أبرز ما يمكن قراءته من بين سطور هذا الحراك المتزامن لهيئة قيادة القوات المسلحة، هو التطمينات التي أراد الجيش إيصالها للمواطنين أن معركة الكرامة الوطنية ماضية إلى غاياتها، حسماً ميدانياً، وأن قيادة الجيش على قلب رجل واحد، وأن التفاوض مع ميليشيا آل دقلو، يتم في منصات التواصل الاجتماعي فقط ولا حقيقة له على أرض الواقع، وأن موقف الجيش من الجنوح للسلم ثابت لا يتزحزح، ينطلق من مخرجات منبر جدة القاضية بخروج الميليشيا من منازل المواطنين والأعيان المدنية ومغادرة العاصمة.
هل تجرؤ تقدم؟:
وبقيت رسالة مهمة في بريد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” مفادها أن الشعب ملتفٌ حول جيشه، وأن قيادة القوات المسلحة تتحرك وسط الجماهير، في محبة وتفاعل ومناصرة منقطعة النظير، فهل تستطيع ” تَقَدُم ” أن تُقَدِم نفسها وتختبر مكانتها وسط الشعب السوداني ليس في السودان بالطبع، فهنا ممنوع الاقتراب أو التصوير بأمر الجماهير، ولكننا نقصد أن تظهر تنسيقية ” تَقَدُم ” إلى العلن في أماكن وجودها في بلاد الغربة، مثلاً هل يجرؤ حمدوك أن يخاطب جمعاً من السودانيين، أو حتى يغامر بحضور مناسبة اجتماعية سودانية في دولة عربية؟ وإن كانت دولة الإمارات نفسها التي تساند عمالته، وتدعم ميليشيا آل دقلو التي استمالته، هل يجرؤ؟؟.