السودان والامارات .. معركة داخل مجلس الامن

الكرامة: هبة محمود
في تصعيد دبلوماسي جديد، وبعد اسابيع من الشكوى التي تقدمت بها بعثة السودان الدائمة بالامم المتحدة ضد دولة الإمارات بشأن دعمها لمليشيا الدعم السريع، يعقد  مجلس الأمن الدولي، عصر اليوم الاثنين، جلسة عاجلة، استجابة لطلب البعثة، لمناقشة العدوان الإماراتي على السودان وتحميلها المسؤولية القانونية والجنائية على الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب السوداني.
وينظر مختصون و مراقبون إلى أن استجابة المجلس لطلب البعثة بعقد جلسة بشأن العدوان الإماراتي، عبر المليشيا، يعتبر خطوة إيجابية تصب في صالح السودان، فيما يرى آخرون غير ذلك، ما يجعل الانظار ترنو الى التوقعات وما يمكن ان تسفر عنه جلسة اليوم!! .
قلب الطاولة
لقد ظلت الاتهامات تحاصر دولة الإمارات بشأن دعمها للدعم السريع ضد الجيش، بشكل علني رغم نفيها المستمر لذلك، واحتجاجها في ومحاولة منها لقلب الطاولة على الحكومة السودانية، غير ان ما حملته التقارير الاستخباراتية والاممية والدولية، اثبت تورط الإمارات فى اندلاع الحرب في السودان من خلال الدعم الكبير للمليشيا.
وعلى الرغم من الشكوى التي تقدم بها السودان أواخر مارس الماضي الا ان الإمارات مازالت تمارس تدخلها السافر دون احترام للسيادة الوطنية السودانية، عبر مواصلة الدعم، وفي آخر تقرير لمندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، فإن الاستخبارات رصدت 1200 عربية دفع رباعي في طريقها إلى تشاد ومنها إلى الجنينة التي تسيطر عليها مليشيا الدعم السريع المتمردة.
نجاح الدبلوماسية
ويأتي تقديم الطلب من قبل مندوب البعثة السودانية بمجلس الأمن، لعقد جلسة خاصة اليوم لمناقشة الانتهاكات التي تسببت فيها الإمارات، بدعمها للمليشيا، بعد مواصلتها التدخل السافر من خلال استمرار الدعم الكبير، وشكوتها واحتجاجها على اتهام السودان، قبل أن يقدم الحارث في رسالته لرئيس مجلس الأمن لطلب الجلسة، نماذج على الانتهاكات الشنيعة بسبب الدعم المستمر للمليشيا.
وفيما تتباين الاراء بشأن التوقعات اليوم حول النتائج والمخرجات للجلسة المهمة، الا انها تتفق على النجاح الدبلوماسي للبعثة السودانية متمثلا في استجابة المجلس لعقد جلسة خاصة لجرائم الإمارات عبر المليشيا.
وبحسب السفير علي يوسف ل (الكرامة) فان الاستجابة تشكل نجاحا كبيرا للدبلوماسية السودانيه ولجهود
المندوب الدائم وفريقه، مؤكدا أن هم دلالات موافقة المجلس لعقد جلسة عاجلة هو اخذ المجلس شكوى السودان محمل الجد مع تخوف الولايات المتحدة وحلفائها الاوربيين من تدهور الاوضاع الامنيه خاصة في دارفور في ظل حصار الفاشر والهجوم الوشيك عليها من قبل مليشيا الدعم السريع وتزايد انتهاكات
حقوق الانسان في الجزيرة وغيرها وانكشاف الدعم الاماراتي للمليشيا وشهادة العديد من المنظمات الحقوقية والدولية والاعلامية بالدعم الاماراتي وبالانتهاكات المتصاعدة.
جرائم الجنجويد
وفي رسالة إلى رئيس مجلس الأمن، فانيسا فرايزر قال مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، ان السودان يشدد على أن دعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع الإجرامية التي شنت الحرب على الدولة والمواطنين يجعل الإمارات شريكة في كل جرائمها وفظائعها بما تترتب عليه مسؤولية دولية وفقا لأحكام القانون الدولي، كما أن السلوك الإماراتي العدواني يمثل انتهاكا صارخاً لميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية وقرارات الأمم المتحدة بشأن إقليم دارفور، وبالأخص القرار 1591 والقرارات الأخرى ذات الصلة.
وقدم الحارث عبر رسالته نماذج للجرائم التي ارتكبتها المليشيا المدعومة من دولة الإمارات، والتي استهدفت مقار الدولة والبنى التحتية
وقال: على سبيل المثال لا الحصر نذكر من تلك الجرائم، الهجوم على مقار الدولة الرسمية والبنى التحتية، والتحالف مع عناصر أجنبية لشن الحرب ضد الدولة. واحتجاز الرهائن وتدمير الطائرات المدنية، والاعتداء على المستشفيات والمقار الصحية،واقتحام الأعيان المدنية ودور العبادة ومساكن المواطنين. ونهب ممتلكات المواطنين وسرقة السيارات الخاصة والمصارف، واستهداف مراكز الخدمات ومحطات الكهرباء والمياه والاتصالات. ومهاجمة المدن الآمنة ونهب الأسواق بهدف شل الاقتصاد والتعدي على مقرات البعثات الدبلوماسية ومراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة. والاعتقال التعسفي للمواطنين الذين بلغ عددهم 8 آلاف مُحتجز في مراكز الاعتقال والإخفاء القسري. وجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي والجرائم التي ترقى إلى الإبادة العرقية وجرائم الحرب، وارتكاب جرائم تندرج تحت جرائم الإرهاب. والتهجير القسري وتصفية أسرى الحرب، وعرقلة حصاد الموسم الزراعي بغرض تعريض المدنيين إلى المجاعة.
بينات ودفوعات
ويرى الخبير الامني اللواء امين اسماعيل مجذوب، أن الصراع بين السودان والامارات وصل قمته وهي مجلس الأمن بعد أن تقدمت الإمارات بشكوى تشتكي فيها السودان، قبل أن يرد الاخير بقوة بطلب جلسة لمناقشة اعتداء الإمارات عليه، مشيرا إلى انه سيتم وضع البينات والشواهد التي يملكها السودان فيما ستقدم الإمارات دفوعاتها.
ويتوقع مجذوب في حديثه ل “الكرامة ” ان تتحدث الإمارات اليوم من خلال الجلسة، عن اتفاقيات سابقة للتسليح واتفاقيات اقتصادية سواء كان مع مليشيا الدعم السريع او مع الحكومة السودانية السابقة، كما يتوقع ان يكون هناك طلب من مجلس الأمن غير ملزم بالرجوع اما للجامعة العربية او إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي لمعالجة هذه الأزمة.
ويؤكد في ذات المنحى ان السودان يضع الان اقدامه بثبات حيث يوضح انه مستهدف من عدة جهات وان الجهة الأولى التي يتم اتهامها بكافة البيانات والادانات في مجلس الأمن هي الإمارات.
توقعات
وحول التوقعات بشأن الجلسة وما يمكن ان يسفر عنها من قرارات، وكذا مصير العلاقات بين الدولتين، فيري السفير علي يوسف انه من غير المتوقع صدور قرار
قوي وحاسم ضد الامارات لان أمريكا لن تسمح بذلك فضلا عن بريطانيا وفرنسا، بحد تعبيره.
ويؤكد ل ء(الكرامة) ضرورة استمرار الجهود المدعومة من
قبل الدول الصديقه كروسيا والصين والجزائر ومصر مع
التواصل مع الاتحاد الافريقي لاهمية دوره.
في مقابل ذلك يتوقع الخبير الامني امين اسماعيل مجذوب ل “الكرامة “ان تضع الجلسة اليوم نهاية للعلاقات الطبيعية بين السودان والامارات من علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية، مشيرا إلى ان هذه الخطوة ستلقي بظلال سالبة على الجالية السودانية المقيمة في الإمارات.
وتابع: من المهم ان يسير السودان والحكومة السودانية إلى آخر الشط بجانب توضيح لماذا هذا الاستهداف وتوضيح موقف السودان التاريخي مع الإمارات منذ السبعينات القرن الماضي.
واستدرك: رغم كل ما أشرت اليه بالمقابل فإنه قد تكون جلسة اليوم بمثابة جسرا للتراجع من قبل الإمارات وان تكون وسيلة لإعادة العلاقات لعلاقاتها الطبيعية ومساهمة الإمارات فى إيقاف الحرب وإعادة الاعمار والعلاقات إلى ما كانت عليه.