عودة المواطنين لأم درمان ….. مخاوف وتطمينات

تقرير : ضياء الدين سليمان

بعد عام من تمرد مليشيا الدعم السريع واندلاع حرب الخامس عشر من ابريل التي عبثت فيها المليشيا بامن المواطن ونهبت الاموال واحتلت المنازل واغتصبت الحرائر عادت ام درمان لحضن الوطن .
وما ان أعلنت القوات المسلحة سيطرتها على أجزاء واسعة من مدينة أمدرمان في الثاني عشر من مارس الماضي حتى بدأت أفواج السودانيين تتوافد بالعودة الي العاصمة التاريخية للبلاد حيث لم يلبث أن يمر يوماً الا وتدخل العشرات من البصات السفرية وهي تحمل على متنها المئات من المواطنيين يسبقهم شوقهم لام درمان والقها البهيج وجمالها الآخاذ ولسان حالهم يلهج برائعة عبدالباسط سبدرات التي تغنى بها البلابل ( رجعنالك وكيف نرفض رجوع القمرة لوطن القماري ).
فقبل يومين دشنت ولاية كسلا برنامج عودة المواطنين لأم درمان الذي شهده امين عام حكومة كسلا ووداعه لأكثر من (102) أسرة عطفاً على عودة عدد من الذين نزحوا الي داخل وخارج البلاد
ويتلمس سكان أحياء أم درمان الذين ضاقوا ذرعا بالنزوح امكانية العودة إلى منازلهم في الأحياء العريقة، لكن هذه التطلعات لا تبدو سهلة التحقق فعودتهم لمنازلهم حملت مخاوف عديدة من صعوبة الحياة وتردي الأوضاع في جوانبها البيئية والصحية والامنية عطفاً على انعدام مصادر الدخل اليومي الا أن المجهودات التي تبذلها حكومة ولاية الخرطوم بقيادة ربانها الماهر احمد عثمان حمزة تحمل بين طياتها تطمينات للأسر وتترك رسالة في بريد المواطنيين فحواها بأن عودوا الي منازلكم.
الولاية في الموعد
بعد مرور قرابة الشهرين من اعادة الجيش لسيطرته على أحياء أم درمان وإلحاقه الهزيمة بمليشيا الدعم السريع ظلت حكومة الولاية تسرع خطواتها لتطبيع الحياة اتساقاً مع رغبة المواطنين في العودة والذين أطلقوا عدد من المبادرات على منصات التواصل الاجتماعي من ضمنها مبادرة باسم “راجعين”.
فالولاية بذلت مجهودات جبارة لإعادة تأهيل محطات المياه كمحطتي القماير والمنارة اللتين تغذيات مناطق واسعة من ام درمان عطفاَ على صيانة شبكات الكهرباء وحصر الأضرار التي لحقت بالمحولات والأسلاك ، وفتح المصارف وعودة شبكات الاتصالات للعمل بعد توقف دام طويلاً وفتح الطرق وتنظيف بعض الأسواق وانسياب حركة المواصلات بين الأحياء والشروع في فتح سوق أم درمان اكبر الأسواق في البلاد وإعادة قوات الشرطة والمرور
مخلفات الحرب
بدأت بعض الفرق التابعة للمركز القومي لإزالة الألغام قبل اسابيع في تنظيم حملات لإزالة مخلفات الحرب من المتفجرات والذخائر والقذائف غير المتفجرة وشملت الحملات أحياء أم درمان القديمة وهي أكثر المناطق التي شهدت اشتباكات
والسبت الماضي أكمل 90 متدرب دورات متخصصة في إزالة مخلفات الحرب والأجسام الغريبة في منطقة أم درمان القديمةالذين انخرطوا فوراً في عمليات إزالة مخلفات الحرب كبداية لأعمال التطوع على أن تدعم لجان الاستنفار والمقاومة الشعبية فرق المتطوعين وعلى أن تشمل مهامهم ايضاً ازالة الجثث التي بدأت بالتحلل في عدد الشوارع.
مخاوف صحية
تتلخص المخاوف الصحية ليس بمحدودية المرافق الصحية فقط بل تعدى الأمر الي الخوف من التلوث الحاد الذي لحق بالمواقع التي شهدت مواجهات ضارية استخدمت خلالها جميع أنواع الأسلحة الفتاكة بصورة تتطلب وجود اجهزة لقياس مستوى السموم التي لحقت بالهواء والأرض والمياه قبل استقبال المواطنين وعودة الحياة لطبيعتها عطفا على تفاعلات الرصاص والهواء والقذائف الكثيفة التي أطلقت في سماء العاصمة لعام كامل، علاوة على تدمير واسع أصاب المعامل والمختبرات في المستشفيات والكليات الطبية، وجميعها كانت تحتوي على عينات لبكتيريا وفيروسات محفوظة بمواصفات علمية محددة، لكنها فسدت بفعل انقطاع التيار الكهربائي وتسربت وباتت مهددا صحيا وبيئيا في غاية الخطورة.
وطبقاً لشهادات شهود عيان عائدين إلى أم درمان القديمة لتفقد منازلهم فإن تراكم الجثث وتزايد الكلاب والقطط والفئران و انبعاث الروائح الكريهة وتهدم جزئي لبعض المنازل يشكل اكبر المخاطر والمخاوف الا ان السلطات قد شرعت فعلياً في جمع جثث المليشيا لاسيما في منطقة أم درمان القديمة والتي بحسب الشهود تم جمع أكثر من 1000 جثة خلال الأيام الفترة الماضية وإجراء مسح صحي وبيئي شامل للأحياء السكنية يتوافق مع مكافحة النواقل والنفايات وإزالة المتاريس ومكافحة الآفات.

اقرأ أيضا