(الكرامة) تواصل سلسلة فضح جرائم المليشيا: قرى الكاملين.. الوجه الآخر للمأساة

تقرير: رحمة عبد المنعم
تصاعدت حدة الأوضاع الإنسانية التي تعاني منها قرى محلية الكاملين بولاية الجزيرة، جراء استمرار الانتهاكات اليومية لمليشيات الدعم السريع واستهدافها المتواصل للمناطق والأحياء المكتظة، وفرضها حصاراً خانقاً على مدينة الكاملين، مما خلف وضعاً إنسانياً مزرياً، كما تعرضت مؤسسات الدولة ومنازل المواطنين لعمليات نهب واسعة مع توقف كلي للخدمات، “لا كهرباء ولا ماء ولا وقود”.
نهب الأسواق
صعدت مليشيات “الدعم السريع” جرائمها وانتهاكاتها بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، من قتل ونهب وتهجير وابتزاز، حيث سبق واعتدت على مئات القرى والعزل في مختلف المناطق بولاية الجزيرة، ومارست بحق أبنائها الفظائع، ضمن محاولاتها لكسر إرادة السودانيين وإخضاعهم لمشروعها وأفكارها المتطرفة المستوردة من الإمارات.
وشهدت محلية الكاملين في الأيام الماضية عمليات نهب واسعة للأسواق، يقوم بها عناصر مليشيا “حميدتي”، حسب ما أفاد به مواطنون في المنطقة لصحيفة (الكرامة).
وفي التفاصيل، يقول المواطن “م. ح ” لـ(الكرامة)، إنه خلال الاسبوع الماضي نشطت علميات سرقة المليشيا بشكل كبير، حيث تمت سرقة أسواق الكاملين “الرئيسي، الفرعي، المعيلق”، من كامل البضائع الغذائية ومواد البناء، وأمام مرأى الأهالي الذين شاهدوا عدداً من السيارات الكبيرة التابعة لمسلحي الدعم السريع تقوم بنقل المسروقات في وضح النهار.
وأضاف أن عمليات السطو المسلح والنهب جاءت امتداداً لمسلسل الإرهاب المتجذر الذي تمارسه مليشيات “حميدتي” ضد المدنيين، ومن المؤسف جداً أن عدداً من التجار في سوق الكاملين فقدوا رؤوس أموالهم وأصبحوا تحت خط الفقر، كما لم يسلم من بطش “آل دقلو” فريشة الأسواق البسطاء.
وأشار المواطن إلى أن جميع المسروقات التي يقوم عناصر المليشيا بنهبها من أسواق الكاملين،؛ يقومون بنقلها على دفعات إلى الأسواق لبيعها في مختلف مناطق الجزيرة، كل ذلك يتم بالاشتراك والتنسيق مع أشخاص مقربين من قادة الأوباش، يقومون بفرز المسروقات قبل عرضها وبيعها في أسواق الحصاحيصا والمسيد والمسعودية والجديد، والتي يطلق عليها “أسواق دقلو”.
تخريب الممتلكات
تعرضت الكثير من المرافق الحكومية والخاصة بمحلية الكاملين لعمليات تخريب وسطو ونهب ممنهج من قبل مرتزقة الدعم السريع.
وذكرت مصادر محلية لصحيفة (الكرامة)، أن المليشيا الإرهابية نهبت البنوك ومباني محلية الكاملين ومكاتب الشرطة والأراضي والمحاكم القضائية، وقامت بالسطو على مقار شركات “سوداني، زين، أم تي أن”، للاتصالات، وألحقت الضرر بمكتب بريد السودان “سودان بوست”.
وأضافت المصادر، أن المرتزقة سرقوا الأثاثات وأجهزة الحاسوب، وأقدموا على تفكيك وسرقة أبراج شركات الاتصالات، ونقلها إلى مقرات ومخازن أنشأوها لهذا الغرض تمهيداً لبيعها أو تهريبها إلى ولايات كردفان ودارفور.
وتتم عمليات السرقة والنهب التي ينفذها الإرهابيون بشكل ممنهج للممتلكات والمرافق العامة في المناطق التي يحتلونها، بتغطية ودعم قادتهم الكبار وذلك في سياق مخططات مشروع “حميدتي” لنهب وتدمير ثروات ومقدرات الدولة السودانية.
سرقة المواشي والمحاصيل
لم تكتفِ مليشيات الدعم السريع بسرقة الممتلكات العامة في محلية الكاملين، بل قامت بنهب منازل المواطنين في مناطق “المعيلق، كلكول، الكسمبر، الحليلة، فضل… إلخ”، والتي شملت السيارات، جميع الأثاث الموجود، الأدوات الكهربائية والإلكترونية، والمقتنيات والذهب والأموال، وأضافت لقوائم جرائمها “سرقة المواشي والمحاصيل الزراعية وثمار الأشجار”.
وشكا مزارعون في محلية الكاملين لـ(الكرامة)، من عمليات الابتزاز التي تقوم بها مليشيا “حميدتي” ضدهم، حيث تقوم بإخراج مليشياتهم لملاحقة الناس في الأرياف، لسرقة محاصيلهم الزراعية بحجة “بسط الأمن” التي باتت سوطاً لنهب المحاصيل.
وقال المزارعون، إن العشرات من المزارعين اختطفتهم المليشيا بحجة تخلفهم عن حصاد أراضيهم الزراعية، ووصل بهم الأمر إلى أخذ بعض أفراد الأسر كرهينة لديهم حتى يتم دفع أموال أو تقديم “قمح وذرة”.
وأكد المزارعون لـ(الكرامة)، أن المليشيا باتت تترصدهم في “الحواشات” أثناء ذهابهم لتفقد محاصيلهم لنهبهم بالقوة، وإجبارهم على دفع مبالغ مالية وجبايات فوق طاقتهم، وأن من يرفض يتم جلده بالسوط دون مراعاة لتقدمه في العمر، ووصفوا “الدعم السريع” بأنه جائحة مدمرة تمارس النهب والسلب.
التنقل بـ”الكارو”
في ظل الحصار الذي تفرضه المليشيات على قرى محلية الكاملين، يتنقل الأهالي من منطقة إلى أخرى بعربة محلية يطلق عليها اسم “الكارو”، وهي عبارة عن مقاعد من الحديد والخشب توضع على ظهر الحمار.
وخلال تنقل العربة “الكارو” إلى مناطق مختلفة، تعبر بنقاط تفتيش نصبتها مليشيا الدعم السريع لفرض الجباية ودفع الإتاوات والتي تكون ما بين 5- 10 آلاف جنيه دون أن تستثني أحداً من الركاب الذين يعبرون بها يومياً، وضاعفت من حجم تلك المأساة مؤخراً، بشنها حملة ابتزاز وتضييق طالت المئات من المواطنين العابرين الذين اتخذت بحقهم حُزمة من الإجراءات التعسفية، وتحديداً سكان قرى “ود الترابي، البشاقرة، فضل”.
تضييق مستمر
وتشهد قرى محلية الكاملين الواقعة تحت سيطرة الميلشيات أوضاعاً معيشية سيئة، وصفها عدد من الأهالي بأنها تكاد تكون أسوأ أيام تمر عليهم في حياتهم.
وتتواصل معاناة سكان الكاملين مع استمرار الحصار والتضييق الذي تفرضه المليشيات في أنحاء المحلية والأوضاع الإنسانية الصعبة التي نتجت عن انقطاع الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ووقود وطعام ونفاد الأدوية.
وقالت مصادر من المنطقة لـ(الكرامة) إن الأهالي يشتكون من غلاء كبير طال جميع المواد الغذائية والسلع الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الأسعار بين اليوم والآخر، بحجة عدم دخول بضائع جديدة وأن غالبية الأسواق تم نهبها.
وتعاني قرى الكاملين من انقطاع التيار الكهربائي وانعدام المياه، إذ لم يعد الحصول على المياه أمراً سهلاً، وسط تحذيرات من إمكانية فقده إذا استمر الوضع الراهن- بحسب المواطنين- بسبب عدم توفر وقود لمولدات الكهرباء التي يحتاجون إليها لسحب الماء من الآبار الجوفية.

اقرأ أيضا