انها شندي ياحميدتي!

ستظل شندي عصية على كل من تسول له نفسه المساس بقيمتها الوطنية وقداسة ترابها السوداني العزيز.
مافعلته المضادات الارضية وهي ندمير مسيرات المليشيا وضع شندى فى المقدمة كالعادة وهي تتصدى للمسيرات على طريقتها وتدمرها تدميرا، وتبرم وعدا مع الشعب السوداني بانها ستظل مقبرة للغزاة والياتهم ومدرعاتهم.
كانت شندي من قبل هدفا لجون قرنق وحركته الشعبية قبل ان يجنح للسلم ويعود للوطن موقعا على نيفاشا، ومثلت امنية بعيدة المنال لتمرد الحركة الشعبية، ( وهاك من دار جعل يا جون قرنق مكتوب من الجيلي ولاعند دامر المجذوب).
هي شندي (حريق المك فى قلب الدخيل) ، والمعاقيل، ومصنع الرجال الذىي الهبوا معارك الجنوب بقوات ( تاكل النار) ، والحقت الهزيمة تلو الاخرى بقوات قرنق فى عنفوانها، وقد كانت شندي بوهجها الوطني تسيطر على ميدان العمليات وهي تستاثر بالقوات التى تفننت فى هزيمة المتمردين.
شندي تعود الى واجهة الاحداث كل ما كان الحديث عن الوطنية والجسارة و( الرجالة والفداء) ، وقد اصبحت كذلك هي مراد الدعامة ومبتغاهم ولكن هيهات، فان شندي و ارض نهر النيل ستظل ساحة للنصر على كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن.
وبعد ان فشلت المليشيا المتمردة فى الوصول الى شندي هاهي تحاول على طريقة العاجزين المحبطين فعل شئ يؤكد انها موجودة فى الساحة، وشندى مثار غبن عند زعيم المتمردين حميدتي لانه راى فيها ما افزعه وجعله ينقلب على الجيش دون ان يضع حسابا لمغامرته غير المامونة.
فى اخر عيد للجيش قبل الحرب كنت ومجموعة من الزملاء فى شندي نحتفل مع القوات المسلحة بعيدها (الثامن والستين) ، ذات الجيش الباسل حامي العرين الذى نتخندق فى صفه الان مع كل السودانيين الشرفاء ولاءا وعرفانا بتضحياته العظيمة وتاريخه البطولي الناصع ، هذه قناعاتنا الدائمة والراسخة التى لا ننتظر الاعياد للتعبير عنها، وسنظل ننافح عنها حتى اخر رمق ،ثقة فى ان القوات المسلحة هي ( مسمار النص) العاصم لبلادنا من التفكك والانزلاق فى دوامة المصائر المجهولة ..
القناعة الوحيدة التى عدنا بها من شندي فى العام الفائت كانت تعزز حقيقة مفادها ان معركة كبيرة تنتظر قواتنا الباسلة مع الدعم السريع.
حينما بدأ العرض العسكري فى ساحة المولد بشندي او ( ميدان الاهلى) بحضور قائد الدعم السريع نائب رئيس مجلس السيادة انذاك والمتمرد الهالك الان حميدتي ، التفت الى الصديق الزميل بكري المدني الذى كان يجاورني، وقلناها بصوت واحد ان الجيش وباستعراض قوته الباطشة على هذا النحو الصريح انما يضع رسائل فى بريد قائد الدعم السريع
تمنينا ان يستوعبها المتمرد محمد حمدان دقلو قبل ان يقدم على اية مغامرة عسكرية تضعه فى مواجهة مباشرة مع هذا (الجيش المر)..
كان وجه حميدتي يعبر بوضوح عن ( حالة استياء) بالغة وهو يتابع ب( قرف شديد) الاستعراض القوى بكل لغات الاسلحة برا وجوا،
كنا نتابع بانبهار واعزاز قوة الجيش وامكاناته الكبيرة، وندرك مدى تطورها وخطورتها فى ملامح حميدتي وقسماته تتلون وتعبر بوضوح عن حالة الاحباط التى انتابته والجيش يعرفه على امكانات تخيف اعتى الجيوش ناهيك عن مليشيا الجنجويد.
كانت الرسائل واضحة ولعل حميدتي التقطها فى ذلك اليوم وادرك ان الجيش وعلى هذا النحو مستعد للتعامل مع اية مغامرة او تامر، لكنه للاسف لم يعى الدرس الذى قدمه له ابطال القوات المسلحة فى استعراض سريع لقوة جيش لم يتعرض للهزيمة منذ تاسيسه قبل مئة عام..
كان العرض مطمئنا يومها والجيش فى عيده ال ( 68) يستعرض قوته
الباطشة وحرفيته الماهرة فى ادارة المعارك امام كل العالم بهيبة وعزة مركوزة فى تاريخه الزاخر بالانتصارات ولبطولات .
كتبت يومها(ان وجود قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو كان مهما فى مشاهدة العرض العسكري باعتباره قائدا لقوات الدعم السريع التى تشارك الجيش فى ادارة الفترة الانتقالية وتواجه تفاطعات عدة تحاول تازيم علاقتها مع القوات المسلحة واظن ان كثيرا من الرسائل التقطها الرجل وهو يتابع العرض القوى الذى قدمه الجيش لقواته المختلفة برا وجوا)
نعم انتهى ذلكم اليوم برعب سكن قلب الرجل وكلام الجيش واضحا امامه لردع اية محاولة غدر او خيانة كان يتوقعها الجيش تماما، لست ميالا للاعتقاد فى الرواية التى تقول ان القوات المسلحة فوجئت بما فعله حميدتي، ربما حدث التباس فى تقدير ساعة الصفر ولكن الجيش بما قدمه امام المتمرد قبل عام كان يعلم كل شئ..
انتهى ذلكم اليوم ب( غضب حميدتي) الذى عاد الى الخرطوم قبل ان يتناول وجبة الافطار وبعد ان التقط الرسائل كاملة، مغادرته على هذا النحو كانت حديث المدينة ومجالسها فى ذلكم اليوم، وبالامس تؤكد شندي مخاوف حميدتي، وتبرم معه موعدا للنصر الكاسح فى مصفاة الجيلي وعلى تخوم الخرطوم وفى كل شبر يوجد فيه الدعامة المرتزقة..
انها شندي وكفي …