اسماء جديدة تنضم كل يوم لقوائم المجد والخلود
اسماء جديدة تنضم كل يوم لقوائم المجد والخلود
شهداء الكرامة.. “مصابيح الطريق”
تقرير: رحمة عبد المنعم..
قدمت القوات المسلحة السودانية والمساندة من حركات الكفاح المسلح والأجهزة الأمنية والمقاومة الشعبية في حرب 15 ابريل 2023م، ضد مليشيات الدعم السريع “الإرهابية”، اعداداً مقدرة من الشهداء الذين سالت دماؤهم الطاهرة على ثرى الكرامة، فهؤلاء الأبرار جعلوا للشهادة معنى جديدا، تميز بالموقف الذي اختاروه طواعية، ليمهدوا طريق الوطن، ويوما بعد آخر تنضم إلى القائمة أسماء جديدة، لتعبد طريق المجد والكرامة لقوافل الشهداء الذين لحقت بهم إلى دار الخلود، وتكتب تاريخ السودان بأحرف من نور ونار، نور يضيئ طريق الأجيال، ونار تحرق مليشيات “الجنجويد”، فالشعب السوداني يفخر بما قدمه أبناؤه من تضحيات عزيزة في سبيل تثبيت أركان الدولة، فسلام لأرواح شهداء الوطن النفيسة، وسيرتهم العطرة التي ستبقى خالدة أبد الدهر، وطوبى لمستقرهم الرفيع في جنان الرحمن.
«االكرامة»، في عددها، اليوم، تروي بعضاً من سيرة شهداء، شاركوا في صدّ عدوان “مليشيا ال دقلو” منهم من استشهد على أرض القيادة العامة، ومنهم من سقط في ساحات أخرى، على الدرب نفسه، حكاياتٌ بَعضُها تروى، اليوم، وأخرى «لها يومها».
شهداء الحرس الرئاسي
في اليوم الأول لاندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، أشرقت الشمس في سماء الخرطوم باهتة منكسرة، على وجوه سمراء لفحتها حرارة حارقة، وعيون ساهرة تحرس رمز سيادة البلد وقائد الجيش، ابتسامات بريئة لضباط وضباط صف وجنود في اعمار مختلفة يحملون الخير والوطن في خريطة منقوشة على جدران قلوبهم، نفوس تحمل طيبة السودانيين تؤدي واجبها الوطني، في حياة لم ترسم ملامحها بعد.. تنطلق رصاصات الغدر في القيادة العامة من قبل “مليشيات الدعم السريع التي هاجمت مقر اقامة الرئيس البرهان بـ200 عربة قتالية من اجل الاستيلاء على السلطة، وذلك في تمام التاسعة وعشرة دقائق صباحاً، وقد تصدت لها قوات الحرس الرئاسي وسحقت اسطورة تفوقهم العسكري واحبطت محاولة الاستيلاء على السلطة وفرض واقع جديد، وتقدم جحافل الأبطال رجال القائد الفذ المغفور له بإذن الله العقيد احمد النور رافعةً الهامة بهمة تعانق كبد السماء لمقاتلة عدوان “دقلو اخوان”، وأصوات الرصاص من كل حدب وصوب، فكانت البطولة على أرض القيادة العامة لبواسل الحرس الرئاسي وهم يواجهون الموت موحدين ومهللين بروح قتالية يحسدون عليها فكان سقوطهم الواحد تلو الآخر في ساعة المعركة، واستشهد 35 من ضباط وضباط الصف والجنود في ساحة المعركة، ليسجلوا اسماءهم مع ابطال السودان الذين خلدهم التاريخ عبر الأزمان، وسيذكر ابطال الحرس الرئاسي وقائدهم العقيد أحمد النور الأمام الذين قدموا تضحيات كبيرة ودافعوا ببسالة عن القائد العام للجيش الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في اليوم الأول لاندلاع الحرب، عندما حاولت قوات المتمرد حميدتي اقتحام منزل القائد العام أو القبض عليه، سيخلدهم التاريخ بانهم انقذو السودان من أكبر مؤامرة في تاريخه.
وقد تمت مواراة جثامين شهداء الحرس الرئاسي الطاهرة في القيادة العامة للجيش، وتساقطت دموع السودانيين عليهم حارقة، كشمس أبريل، مالحة كالبحر الأحمر، مختلطة بدماء طاهرة تصبغ الأرض بلون كئيب يبدو أنه لن يزول سريعًا، لتكتب به نشيدًا لا يموت.
قائد الاستطلاع المتميز
في السابع والعشرين من رمضان العام 2023، توغلت عناصر من مليشيا الدعم السريع ناحية المنطقة الشرقية للقيادة، فتوجه لهم اللواء حسين عرديب قائد الاستطلاع بالاستخبارات العسكرية، ليعاين الأمر بنفسه، وفي مسيره، شاهد مجموعة من عناصر المليشيا، وكان سباقاً إلى فتح النار واردى جنودا من المجموعة بين قتيل وجريح، وفي اثناء تبادل اطلاق النار، اصيب بطلقة نارية ليستشهد في رمضان.
اختار عرديب ان يكون موجوداً في أخطر جزءً من القيادة “الناحية الشرقية”، مستطلعاً ومقاتلاً لصد محاولات تقدم العدو، متابعا ميدانيا عن كثب، يجيد التعامل مع التفاصيل بشكل دقيق، اشتهر بقيادته لفرق الاستطلاع، وتميز باستشرافه في نشر القوات وقبضات سلاحه في الأماكن الصحيحة.
ويقول عنه طارق محمد خالد: “يوم حاولت مليشيا الدعم السريع الدخول للقيادة، انبرى لهم اللواء حسين إسماعيل عرديب ابن هداليا وقائد الاستطلاع بالاستخبارات العسكرية شخصياً حاملاً كلاشه وذخيرته واليوم ذاك تحول لجندي شاب وصال وجال وارتفعت روحه شهيداً وهو لواءا كامل ، وتردد اسمه الآن كثيراً نسبة لتسمية متحرك ام درمان بإسم “متحرك الشهيد عرديب”.
ويضيف: “ودعناك الله يا عرديب ولن ننساك ما حيينا وسنخبر عيالنا عنك وعن استبسالك وبرك لقسمك ونفاحاً عن قشم قضيت به ومعهم ردحاً من الزمن والعزاء أن هناك قبر به شاهداً باسمك داخل القيادة وسيظل للأبد عنواناً وشاهداً ودليلاً على تضحيتكم استطلاع ومتحرك عرديب”.
الفريق المغدور
في يوم 19 أبريل 2023 “أطلقت مليشيا الدعم السريع النار على الفريق أحمد عبد القيوم وابنته اثناء وقوفه لشراء الخبز في الشارع العام، مما ادى إلى استشهاده هو ابنته.
وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة قد اصدرت استنكارا قالت فيه: “درجت المليشيا المتمردة منذ بداية تمردها المشؤوم على مخالفة كل أعراف وعادات الحرب والقانون الدولي الإنساني، وارتكاب جرائم وممارسات إرهابية لا علاقة لها بموروثات الشعب السوداني، وأشدها استهداف المعاشيين من ضباط القوات المسلحة وقتلهم بدم بارد،وقد تم إطلاق النار على الفريق أحمد عبد القيوم مما أدى إلى استشهاده هو وابنته أثناء وقوفه لشراء خبز في الشارع العام”.
وجاء في البيان: “تدين القوات المسلحة هذه التصرفات الإرهابية حيال ضباط وضباط صف وجنود عزل أصبحوا خارج الخدمة، وتتوعد برد قاسٍ حيال هذا السلوك المستهجن، وتحمل المتمردين المسؤولية كاملة تجاه الضحايا وأسرهم أمام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإنسانية، وتنوه بأن هذه التصرفات خير دليل يكشف للشعب السوداني حقيقة هذه المليشيا التي لا علاقة لها بأي أخلاق أو قيم ذات صلة بالشعب السوداني الكريم، وتضعها بجدارة على رأس التنظيمات الإرهابية في العالم”.
العقيد الإستثنائي
ارتقى إلى ربه شهيدا في يوم 11 يونيو 2023م، البطل والقائد العسكري الميداني العقيد الركن عبد الرحمن الطيب والمشهود له بالشجاعة وروح الإستبسال في مواجهة اعداء الوطن وكان قائد القوة التي تصدت لعصابات الشفتة في الشفقة؛ ورغم وجوده في القضارف إلا أنه وصل للخرطوم لمواصلة دوره البطولي وتقدم الصفوف في معارك المواجهة المباشرة مع “الجنجويد دون تراجع أو تردد.
لاشك أبداً بأن إستشهاد القائد العقيد عبد الرحمن الطيب في الحادي عشر من يونيو 2023 م تمثل خسارة حقيقية كبرى للقوات المسلحة؛ بالنظر لأدواره البطولية المتميزة؛ فقد أستشهد وهو يقود معركة الكرامة ضد بقايا مليشيا دقلو الإرهابية وقد أثبت أصالة معدنه الوطني المشرف؛ وقدم روحه رخيصة دفاعاً عن البلد ؛ وهذا كله محل فخر وإعتزاز لكل السودانيين.