المبعوث الامريكي.. عقبات امام منبر جدة

  • واشنطن تضع العقد فى المنشار باصرارها على الحاق الامارات..
  • المبعوث الامريكي.. عقبات امام منبر جدة..
  • المبعوث الامريكي الجديد لايملك اية حلول للواقع السوداني..
  • العملية التفاوضية معقدة بسبب عدم التزام المليشيا بمقررات منبر جدة..
  • بيرييلو: قوات الدعم السريع لا تتجه نحو نصر عسكري أو دبلوماسي..

الكرامة: هبة محمود

عقب جولته الأخيرة لبحث تطورات الأزمة في السودان وآفاق التوصل لتسوية سياسية لإنهاء الصراع، قال المبعوث الامريكي للسودان، توم بيرييلو، انهم يتطلعون لاستئناف محادثات السلام في جدة في ال 18 من أبريل المقبل.
وذكر للصحفيين، مساء امس الاول الثلاثاء، إن واشنطن أوضحت أن محادثات السلام مع الأطراف المتحاربة في السعودية يجب أن تكون شاملة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة ومصر وهيئة شرق أفريقيا “إيغاد” والاتحاد الأفريقي، مؤكدا ان الإمارات وجهات أخرى بالمنطقة تدرك أن قوات الدعم السريع لا تتجه نحو نصر عسكري أو دبلوماسي، ما يطرح تساؤل حول إمكانية وعقبات التفاوض في ظل تصريحات قادة الجيش السوداني بعدم التفاوض مع الدعم السريع مرة أخرى واختيار الحل العسكري، فهل يسعى المبعوث الامريكي لوضع بصمة في أولى مهامه بالسودان من خلال فتح ملف التفاوض مجددا؟ وماذا يحمل معه من مفاتيح لإدارة هذا الملف؟ و لماذا تصر الولايات المتحدة الأمريكية على الحاق دولة الإمارات بالعملية التفاوضية رغم دعمها للتمرد؟

أكبر الأخطاء

ربما بدت العملية التفاوضية لحل الازمة السودانية، أكثر تعقيدا وذلك من واقع عدم التزام قوات التمرد في تنفيذ ما اتفق عليه خلال منبر جدة التفاوضي، بالخروج من الأعيان المدنية ومساكن المواطنين، بجانب الاستمرار في ممارسة الانتهاكات ضد المواطنين.
ويرى مراقبون ان المبعوث الامريكي من خلال تصريحاته امس الأول، بضرورة استئناف التفاوض في ال 18 من ابريل المقبل، لن يستطيع تحقيق أي نتائج على أرض الواقع سيما انها اي _ تصريحاته _ تأتي متزامنة مع تصريحات مساعد قائد الجيش السوداني، الفريق ياسر العطا، بأن لا تفاوض مع الدعم السريع، فضلا عن وقوعه في أكبر الاخطاء وهي الحديث عن رؤية واشنطن في أن محادثات السلام مع الأطراف المتحاربة في السعودية يجب أن تكون شاملة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة.
وينظر كثير من المتابعين إلى الرؤية العسكرية الثاقبة تتمثل في مواقف الفريق اول ياسر العطا والتي يمكن ان ترى شواهدها على الأرض، مؤكدين أن المبعوث الامريكي الجديد لايملك اية حلول للواقع السوداني؛ وليس لديه مفاتيح للحل، غير انه اداة لتنفيذ الاجندة الأمريكية بشأن السودان، وتحقيق رغباتها ورغبات الدول الموالية لها من خلال الضغط به على الحكومة السودانية ك “أداة تخويف” لفرض عقوبات.

كلمة حق اريد بها باطل

ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي، د. محمد عثمان عوض الله، أن العقبة الأولى التي تواجه التفاوض هو مدى التزام الدعم السريع بتنفيذ مخرجات التفاوض الرئيسية وهي الخروج من مساكن المواطنين ووقف الانتهاكات، مؤكدا انه لن يلتزم بها وذلك من واقع تجارب الجولات السابقة.
ويشير عوض الله خلال حديثه ل “الكرامة” إلى أن المعضلة الكبيرة في التفاوض تكمن في ان الشعب السوداني فقد الثقة في المفاوضات وفقد الثقة في الوساطة التي يعلم انها لا تستخدم المفاوضات بالطريقة الصحيحة، وانها وتسعى لاشراك الدول الداعمة للتمرد  وهو ما يفقدها المصداقية.
وقال انه إذا وافق الجيش بالعودة للتفاوض فإنه موقف سياسي لا أكثر حتى لا يقال انه لا يريد التفاوض، لكن التجربة اثبتت ان التفاوض غير مفيد، وأن الأطراف الأجنبية تريد استخدام الدعم السريع لتحقيق أهدافها و ليس من ضمن أهدافها إيقاف الحرب ولا تحقيق السلام.
وتابع: المفاوضات كلمة حق اريد بها باطل وهي تستخدم لشراء الوقت لصالح الدعم السريع والسفير الأمريكي يضغط لاشراك الإمارات من خلال المفاوضات وهو ما يفقد الشعب السوداني والحكومة السودان الثقة فيها.

دراسة

وظلت الحكومة السودانية حتى وقت قريب تؤكد إلتزامها بمفاوضات جدة كمنبر تفاوضي واحد، لكن مع استمرار الانتهاكات التي ظلت تقوم بها مليشيا الدعم السريع حيال المواطنين في الخرطوم والجزيرة، اوصدت الباب امام اي حل تفاوضي مختارة الحل العسكري لاستئصال التمرد.
ويرفض قطاع واسع من الشعب السوداني، جلوس الحكومة مع الدعم في طاولة مفاوضات، لعدم منحه شرعية تخول له الدفع باي مطالب.
وطالبت كيانات سياسية رافضة للتفاوض خاصة في ظل التقدم العسكري للجيش على أرض الميدان، وزارة الخارجية بالرد على تصريحات المبعوث الامريكي باستئناف التفاوض واشراك الامارات فى الوساطة، سيما بعد تصريحات سابقة لوزير الخارجية السفير علي الصادق عن تورط الإمارات فى دعم المليشيا.
واكد وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق أن السودان لم يتلق حتى الآن أية دعوة رسمية لاستئناف مفاوضات منبر جدة، عطفاً على ما أعلنه المبعوث الخاص للخارجية الأمريكية توم بريليو .
وقال الوزير فى تصريح ل “المحقق” أن الحكومة ستخضع الأمر للدراسة حال تسلمها دعوة لاستئناف المفاوضات عبر منبر جدة، لمعرفة الأساس الذي سيتم استئناف المفاوضات وفقه.

تطلع امريكي

وامس الاول الثلاثاء قال المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو  إن الولايات المتحدة تتطلع لاستئناف محتمل لمحادثات السلام بشأن السودان في 18 أبريل المقبل بالسعودية.
وذكر بيرييلو للصحفيين إن واشنطن أوضحت أن محادثات السلام مع الأطراف المتحاربة في السعودية يجب أن تكون شاملة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة ومصر وهيئة شرق أفريقيا “إيغاد” والاتحاد الأفريقي، مؤكدا انه سيكون الوقت الطبيعي لاستئناف المحادثات بعد شهر رمضان المبارك، بالإضافة إلى مؤتمر للمانحين في باريس الذي من المخطط عقده في 15 أبريل.
وتابع “أود أن تبدأ المحادثات غدا، لكنني أعتقد أننا ننظر بشكل واقعي إلى ما بعد شهر رمضان. أعتقد في هذه الأثناء، أننا نريد استخدام تلك الفترة من الآن وحتى بدء المحادثات لاستكشاف كل زاوية نستكشفها”.
وزاد: إن الإمارات العربية المتحدة تدرك أن قوات الدعم السريع ليست في وضع يمكنها من تحقيق نصر عسكري او دبلوماسي.

رصيد دمار

ويستنكر خبير دبلوماسي رفيع المستوى ل” الكرامة” العودة لمنبر التفاوض مجددا مع الدعم السريع التي وصفها بأنها تمتلك أكبر رصيد من الدمار في السودان.
واعتبر الخبير الذي فضل حجب اسمه ان تجربة المبعوثيين الامريكيين لاكثر من 25  عاما لم تثمر عن أي بارقة امل لدعم السودان او استقراره او امنه القومي، مؤكدا أن تصريحات المبعوث الامريكي ليست سوى محاولات تكشف عن ما تنم عنه العقلية الأمريكية تجاه السودان، داعيا لعدم الاكثرات تصريحاته، منوها إلى أن المنبر ليس فيه “رجاء”.
وقال إن الكثيرين يعتقدون ان فكرة المبعوث الامريكي هي فكرة تحمل النجاح والخير لكن ذلك غير صحيح، داعيا إلى عدم التفاوض خاصة ان الحرب في خواتيمها مؤكدا على الرؤية العسكرية الثاقبة تتمثل في رؤية الفريق ياسر العطا التي بدأت شواهدها ترى على الأرض.
وتابع: ما الذي قدمته أمريكا وهي تدفع بثقلها بالطيران والمدرعات والمال والغذاء لأوكرانيا وغزة و تستنكر ذلك على الشعب السوداني في ان تمنحه حقه في المعونة.

وصفة واشنطن

ويذهب مراقبون إلى ان الفرصة الحالية الان هي أمام الحكومة لرفض اي تفاوض لانه يعتبر أداة لإنعاش الدعم السريع من حالة الهزيمة التي تشهدها على الأرض.
وقالت مصادر عسكرية ل “الكرامة” ان الحرب في خواتيمها وان ما تبقى من قوات هي ليست سوى جيوب من المرتزقة جار التعامل معها.
ويرى الخبير الدبلوماسي رفيع المستوى ل “الكرامة” ان هذه فرصة للحكومة في عدم الاكتراث للضغوط الأمريكية او الوصفة الامريكية عبر المبعوث بريلييو.
وقال إن منبر جدة هو في الأصل فكرة أمريكية ضمت لها السعودية بظنها ان السعودية هي الأقرب للسودان، بعد أن فشل مخططها في استيلاء الدعم السريع على الحكم في السودان، ولكن الشواهد على الأرض اثبتت ان هذا المنبر ليس لديه آليات غير آلية واحدة وهي تسويق الدعم السريع وقحت.
وتابع: اللغة الأمريكية لغة مجربة وليس لديها قيمة ولن تنتج اي قيمة في مصلحة الشعب السوداني “هؤلاء يريدون رقبة  السودان” لان ما وقع على السودان يتجاوز الحرب الأوكرانية الروسية ويتجاوز الحرب في غزة وكلفته بالغة ولكن ليس من هناك أي تعاطف بحجم الكارثة التي حلت بشعب السودان الا القليل جدا من بعض الأشقاء، لذلك ليس للتفاوض قيمة وغاية، والقيمة تكمن في انهاء الدعم السريع.
وأضاف: أمريكا لا تعمل لإيجاد حل لاستقرار السودان، بل انها تستخدم بعض شباب السودان في مخطط خبيث لها لتقويتهم بعدم الانصياع لأي حكومة وتقوم باستخدامهم لاجل غاياتها مثل الشواذ والمخدرات، واذا كانت تأبه لما حدث في السودان لكانت وفرت له جسر جوي ومعونة في الطعام لكنها تنظر اليه، وهذه كلها مزايدات، وللأسف حركة التسييس للعمل الإنساني تجاه السودان بقيادة أمريكا وبريطانيا بلغت حد المنتهى.

من حيث انتهى الآخرون

من جانبه يرى الخبير الامني والعسكري آمين اسماعيل مجذوب ان مسألة المفاوضات مرتبطة بعوامل كثيرة كما أنها تستند على طرفي القتال في الميدان، مؤكدا ل الكرامة ان المبعوث الامريكي يحاول ان يبدأ من حيث انتهى الآخرون وبدأ يبحث عن اسباب تعطيل منبر جدة معالجة الأسباب.
ويرى ان المفاوضات في تقديره لن توقف الحرب مالم ينصاع الدعم لاتفاقه الموقع مع الجيش بان يلتزم بالخروج من الأعيان المدنية ومساكن المواطنين ومواقع الخدمات وايضا تكملة وقف إطلاق النار بتجميع القوات في معسكرات خارج العاصمة ودمجهم في الجيش.
وأضاف، حتى تنجح المفاوضات يجب ان يتوفر للمسهلين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وسائل ضغط على طرفي القتال وان تكون هناك وسائل مراقبة على الأرض حتى يتم محاسبة من يخرق وقف إطلاق النار وبالتالي يتم الانتقال إلى الشق السياسي.