جنوب كردفان.. (7) اشهر من العزلة

  • كادوقلي تتنفس تحت الماء..
  • الجيش والحركة.. هل يتفقان على دحر المليشيا؟
  • اُنتهكت إنسانية المواطنين ، وهم يتحملون الكثير من الابتلاء في الأموال والأنفس والثمرات.
  • ثلاث قوات ترتكز على طول الطريق من مدينة كادقلي حتى الأبيض
  • تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

وتدخل مدينة كادقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان شهرها السابع وهي تقاسي أوجاع ومرارة العُزلة القسرية المضروبة عليها، جراء قطع الطريق الرئيس كادقلي – الدلنج – الأبيض والذي يربط ولاية جنوب كردفان ببقية بقاع السودان،! سبعة أشهر حسوما والمدينة تتنفس تحت الماء، وتأكل من ما تبقى من سنامها، ولعلها بنهاية الاطلاع على هذه الأسطر تكون قد أكلت حتى سنامها !، إذ لا يبدو في آخر النفق من ضوء يحمل البشرى والآمال، ويكتب الختام لفصول هذه المعاناة التي تضرب المنطقة، وتزلزل أحوال المواطنين الذين اُنتهكت إنسانيتُهم، وهم يتحملون الكثير من الأذى والابتلاء في الأموال والأنفس والثمرات.

ما الذي يجري في كادوقلي؟
ومن يقف وراء هذه المعاناة؟ ومتى تنتهي؟ ولماذا يلوذ الجميع بالصمت؟ أسئلة كثيرة تصدع رأس المواطن الحائر، وغموضٌ كثيف يكتنف الواقع، دون الحصول على إجابات مقنعة تشفي الغليل، وهو الأمر الذي يدفع بالمواطن ليكون فريسة سهلة تتناوشها سهام التحليلات والتكهنات والافتراضات التي لا تخلو من أجندة وغرض، ولا تزيد الناس إلا وهناً على وهن، وسخطاً على سخط، فعلى من تقع مسؤولية هذا الحصار المفروض على إنسان كادقلي؟ الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، ترفض الاتهام الموجه إليها! والحكومة تصمت في وجه النقد المصوَّب إليها بضعف تعاطيها مع قضية العزلة المضروبة على كادقلي!

ويحكي القادمون من جنوب كردفان عن وجود ثلاثة قوات ترتكز على طول الطريق من مدينة كادقلي حتى مدينة الأبيض، قوات تابعة للجيش، وقوات تتبع للحركة الشعبية شمال، وقوات تتبع لميليشيا الدعم السريع، فإذا كانت الأخيرة تحارب الجيش، وتقطع الطريق على المواطنين، وإذا كانت الحركة الشعبية ترفع السلاح من أجل قضية المهمشين، فلماذا لا يتعاون الجيش والحركة الشعبية على الحد الأدنى من البر والتقوى، ويتوافقان من أجل دحر ميليشيا الدعم السريع، وطردها من مناطق تمركزها في مدينة الدبيبات شمالي ولاية جنوب كردفان، مثلما تعاونا معاً من قبلُ وتصدَّيا لهجوم هذه الميليشيا على مدينة الدلنج في يناير الماضي؟

قطعاً مصلحة المواطن في كادقلي، لا تنقطع عن مصلحة المواطن في الدلنج، ولا حتى في الدبيبات، فكلهم في الهمِّ شرقُ، وقد فرض هذا الهمٌّ على القوات المسلحة، والحركة الشعبية شمال، اللجوء إلى فلسفة الغاية تبرر الوسيلة، فنجحا في يناير الماضي في سحق ميليشيا الدعم السريع، وطردها عن مدينة الدلنج التي تشهد استقراراً كبيراً، لا يعكر صفوه سوى وجود هذه الميليشيا في منطقة الدبيبات، وتأثر كادقلي بظروفٍ إنسانية سيئة، وأوضاعٍ اقتصادية خانقة جراء قطع الطريق الرئيس الذي يمثل شريان الحياة بالنسبة لها، فنرجو أن يعيد الجيش والحركة الشعبية سيناريو يناير الماضي، ويتعاونا معاً من أجل استعادة العافية لجسد كردفان الجنوب، فيسكت عن كادقلي الغضب، وتعود البسمة إلى وجه الدلنج, وينبض الأمان في قلب الدبيبات، وأنا وابن عمي على الغريب.