( هنا ام درمان ).. عودة الوعي والوجدان

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

ﻣﻦ ﺩاﺭ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ
ﺑﺮﺳﻞ ليك ﺗﻬﺎني ﺃﺗﺮﻗﺐ ﺳﻤﺎﻋﺎ
ﺑﺮﺳﻞ ﻟﻴﻚ ﺗﻬﺎني ﻳﺎ ﻭطني ﺍﻟﺒﺮﻳﺪﻙ
ﺑﺎﻟﻬﻨﺎ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺃﺑﺎﺭﻙ ﻟﻴﻚ ﻋﻴﺪﻙ
ويكتب التأريخ بمداد من عجب، فلعلها المرة الأولى التي يدخل فيها الجيش إلى مباني الإذاعة بغرض تحريرها، وليس لإذاعة بيان عسكري يقوّض نظام الحكم، للمرة الأولى تكابد الإذاعة أشواقها وهي تنتظر الجيش ليدخلها ويخلصها من دنس ميليشيا الدعم السريع المتمردة الإرهابية، للمرة الأولى يحتفي السودانيون بمختلف ألوان طيفهم، ويتبادلون التهاني ويتقاسمون الأمنيات القلبية الصادقة، فرحاً بدخول الجيش إلى مباني الإذاعة السودانية من أم درمان..

حسن الطالع
ولعله من حسن الطالع أن يتم تحرير صوت هنا أم درمان، واقتلاعه من أيدي أوباش ميليشيا الدعم السريع في شهر رمضان، فقد ظلَّ هذا الشهر الفضيل موسماً تنتظره أقلام وأصوات الإذاعيين، وتهفو إليه أسماع وأفئدة وقلوب المستمعين، لما يمثله من موسم للإبداع والعطاء المختلف.
ولا أعتقد أن سودانياً يتابع إذاعة أم درمان، في شهر رمضان، ولا يقشعر بدنه عند سماع موسيقى فترة المنوعات.

خاطر المستمعين
وكأني بقواتنا المسلحة الباسلة، والمساندة لها من أجهزة أمنية ونظامية، وقوات خاصة، ومستنفرين، كأنهم قد استشعروا أهمية هذا الشهر الفضيل بالنسبة للإذاعيين والمستمعيين، فقرروا أن يزرعوا الفرح الكبير، بين ترددات الأثير، رغم قناعتي أن الدولة في أعلى هرمها تدرك القيمة الرمزية للإذاعة السودانية، ومدى الانكسار الذي يكتنف المشاعر، بأن يخرج صوت الإذاعة السودانية من بيئة جغرافية غير مبنى الإذاعة الأصلي ( الحوش )، الراقد في أحضان حي الملازمين بأم درمان.

توحيد الوجدان
إن تنظيف مبنى الإذاعة السودانية من دنس ميليشيا الدعم السريع الإرهابية، يعني استعادة البيئة الجغرافية التي ظل ينطلق منها صوت هنا أم درمان، هذا الصوت الذي لا تخطئه الآذان، بدفئه الذي وحّد الوجدان، هنا أم درمان العبارة التي تمتلئ حماسة، وتتدفق مشاعر جياشة تحمل معاني الانتماء الصادق للوطن، هنا أم درمان المؤسسة المعرفية التي ساهمت بقـدر كبير في غرس القيم والمبادئ الحقيقية للشخصية السودانية، حيث لعبت إذاعة أم درمان أدواراً متعاظمة في نشر العلوم وإشاعة الأفكار، وتبادل المعارف، وإتاحة حرية التعبير، وحوار الثقافات، فأصبحت الإذاعة منصة مهمة لتلاقح الأفكار التي ساهمت بشكل واضح في تعزيز الوحدة الوطنية.
عودة السيادة :
عادت هنا أم درمان، فعادت معها السيادة الوطنية بقيمتها الرمزية والمعنوية، فقد كان صوت (هنا أم درمان) يخرج من مناطق أخرى طوال فترة الحرب، ولكنه سيعود ليعانق الأسماع، وينفخ الروح في جسد الحياة، فكراً، وثقافةً وإبداعاً، عاد صوت (هنا أم درمان)، ليُعيد اللٌحمة ويربط بين أوصال الوطن، فرحاً ووعداً وتغنِّي…
رجع الصدى المحبوب بالذكريات
واحيا الألم والجور بالذكريات
وفرح الأحبة يتم في الأمسيات
حيث اللقاء يهديك ما كان وفات
يا الفي الجنوب حيِّ الشمال
ويا الفي الشروق ليك شوقنا طال
ويا الفي الغروب هاك لحني قال.

عودة العافية…
منذ إعلان تحرير الإذاعة في الساعات الأولى من فجر امس الثاني من شهر رمضان المعظم، ضجّت منصات التواصل الاجتماعي بمظاهر الفرح، وسالت مشاعر الناس جداول، وكان اللافت استعادة المذيع والإذاعي العلم، الأستاذ عمر الجُّزلي عافيته وألقه القديم، عندما كان صوته وظهوره يقترنان دائماً بإذاعة الأحداث الوطنية المهمة، فسارع الجُّزلي إلى نشر رسالة إسفيرية انتشرت في منصات التواصل الاجتماعي موقّعة بصوته الفخيم، ومصحوبة بمارش عسكري، حيث أعلن عن استرداد مبنيّ الإذاعة والتلفزيون على يدي القوات المسلحة السودانية.

النفّاج والكرامة

الأستاذ إبراهيم البزعي كان أكثر الناس فرحاً بهذا الانتصار الكبير، كيف لا وهو المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وقبل ذلك فهو وأحد من الأساطير الإبداعية التي وضعت بصمات مضيئة في تأريخ الإذاعة السودانية من خلال العديد من البرامج والسهرات واللقاءات التي تذخر بها مكتبة الإذاعة الصوتية، ولعلنا نذكر منها برنامجي ( النفّاج) و(الصباح رباح) عبر أثير إذاعة أم درمان،،
الأستاذ إبراهيم البزعي، تحدث (لصحيفة الكرامة) بفرح غامر وفيّاض، واصفاً ما تحقق بالانتصار الكبير والمعبِّر عن أهمية وقيمة الإعلام عامة والإذاعة بصفة خاصة، واشاد البزعي بالتضحيات الكبيرة التي قدمتها القوات المسلحة مسنودة بالقوات النظامية والأجهزة الأمنية والمستنفرين من أبناء الوطن الشرفاء، من أجل كنس الميليشيا المتمردة من الحيشان الثلاثة ( الإذاعة، والتلفزيون، والمسرح القومي)، مبيناً أن الإذاعة ظلت تعمل طوال الفترة الماضية ولكنها كانت تفتقد إلى قيمتها المعنوية، بخروج صوتها بعيداً عن بيئتها ورمزيتها الجغرافية المتمثلة في مبناها داخل ( الحوش )، منوهاً إلى الأهمية التأريخية لإذاعة أم درمان المرتبطة بالحرب العالمية..
يجوا عايدين ضباطنا المهندسين
يجوا عايدين الفتحو “كرن باينين”
وأكد الأستاذ إبراهيم البزعي أن الاهتمام الذي وجدته الإذاعة وحرص المجتمع السوداني بمختلف فئاته على تحرير الإذاعة من دنس الميليشيا المتمردة، يلقي بأعباء ومسؤوليات كبيرة على منسوبي الإذاعة وأساتذتها المربطين بها، بضرورة التعاطي الإيجابي مع هذا الاهتمام والحب الكبير.

تسجيل روضة
ونشرت الإذاعية والشاعرة القديرة روضة الحاج مقطعاً صوتياً معبّاً بالشجن ودفق العواطف وصدق المفردات، مصحوباً بموسيقى فترة المنوعات التي كانت الأستاذة روضة الحاج نفسها واحدة من المذيعات اللائي صدحن بصوتهن المميز عبر أثير هذه الفترة المفتوحة التي كانت ملاذاً للمستمعين للترويح عن النفس في نهارات رمضان..
وتحدثت الأستاذ روضة الحاج لصحيفة الكرامة بمشاعر جياشة بفرح كبير وامتنان منقطع النظير للقوات المسلحة، وقال ” لا أعرف مبانٍ تنؤ بحمولات التاريخ ودلالاته الثقافية والسياسية والاجتماعية مثلما تفعل مباني الإذاعة والتلفزيون، لذلك هي تعني عندنا كل هذا الذي نشعر به الآن، ولذلك يبدو لنا وجه الوطن في كامل وضاءته وجلاله وأبطال القوات المسلحة ومن خلفهم أبطال هيئة العمليات والمستنفرين يزفون لنا في هذا اليوم المبارك خبر استرداد ذاكرتنا وبيتنا وملتقى أرواحنا وأفئدتنا” وتضيف الأستاذة روضة الحاج: ” لطالما اعتبرتها بيتي الثاني ففيها ترعرعت، وبين استديوهاتها درجت، وفي مدرستها تخرجت، ومن قادتها ومبدعيها تعلمت، لذلك هي جزء من قلبي، والعاملون بها أصدقاء عمري الذين أكن لهم كل التقدير.
مبارك لكل الأهل في السودان استرداد مباني الإذاعة والتلفزيون. وأسال الله أن يتقبل شهداءنا الأبرار والتحية لقواتنا المسلحة الباسلة، ولشباب المستنفرين وكل الشرفاء الذين مهروا ثرى بلادنا بدمهم وجراحهم وأهدونا هذا النصر الكبير”

فرح المنصات
وفجّر استرداد الإذاعة من ميليشيا الدعم السريع المتمردة، شلالات فرح في قلوب الكثير من الزملاء من منسوبي الإذاعة السودانية الذين احتفوا على صفحاتهم بمنصات التواصل الاجتماعي، وكان اللافت احتفاء الأستاذة أمل أحمد شداد مذيعة المنوعات بإذاعة أم درمان والمدير الحالي للهيئة إذاعة وتلفزيون جنوب كردفان، قبيل سويعات على صفحتها على منصة فيس بوك بذكرياتها مع الإذاعة في رمضان وكتبت عن برنامجها الرمضاني ” مدن وأرياف سودانية”

هنا أم درمان ..
Fm 95
في مثل هذه الأيام المباركات.. طفنا السودان الجميل .. عبر الأثير .. امتطينا الأصوات والأغنيات .. عبرنا البحار والفيافي وكثبان الرمال، سافرنا بالخيال في رحلات استثنائية.. يقودها ربان السفينه الأستاذ صاح الدين التوم، يعاونه، فني الصوت الرائع .. وليد الضو سركيس، أما (انا) وصديقتي الجميل’ مشاعر محمد أحمد .. فقد كنا نتناجى بأصوات هادئة .. نقطع المسافات ذادنا .. الحنين … طفنا الكثير من مدن السودان.. ومن أميز .. الرحلات.. كانت مدينة الدويم .. والميرم .. وكادقلي .. والدمازين .. وطوكر الجميلة..
اللهم نسألك نصراً قريباً …
وعوداً حميداً .. إليك
هنا أم درمان