ما تبقى تقول!!
للعطر افتضاح
د. مزمل أبو القاسم
ما تبقى تقول!!
* يمكن لشعار (لا للحرب) أن يتحقق جزئياً أو كلياً، ليقود إلى وقف الحرب ويساعد على إنهائها تماماً بمجرد وضع بنود إعلان جدة (الموقع بين الجيش ومتمردي الدعم السريع يوم 11 مايو الماضي).. وبالتالي فإن كل من يرددون الشعار ملزمون أخلاقياً بتبني ذلك الإعلان قولاً وفعلاً، ودعمه والمطالبة باحترامه ووضعه موضع التنفيد فوراً وبلا تأخير.. لكنهم لا يفعلون!
* نص البند الأول من إعلان جدة على: (التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية)، ولو التزم المتمردون بذلك البند لتقلصت معاناة المدنيين من الحرب إلى الحد الأدنى، ولتحقق جانب كبير من شعار لا للحرب، ومعلوم للكافة هوية الجهة التي تحتل الأعيان المدنية، وتحولها إلى مرافق عسكرية، ومعلوم كذلك هوية الجهة التي تشن حربها على المواطنين قبل الجيش!
* نص البند الثاني على (اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين وعدم استخدامهم دروعاً بشرية)، ومعلوم للكافة هوية التي تلحق الضرر بالمدنيين باحتلالها لمنازلهم وأحيائهم وتهجمها عليهم بالقتل والخطف والاغتصاب والسلب والنهب.
* نصت البنود (4، 5، 6) من إعلان جدة على ما يلي: (ضمان عدم استخدام نقاط التفتيش في انتهاك مبدأ حرية تنقل المدنيين والجهات الإنسانية، والسماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية وأي مناطق محاصرة طوعاً وبأمان، والالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، وحظر النهب والسلب والإتلاف).. ومعلوم للكافة هوية الجهة التي تنصب الارتكازات في الطرقات، وتقيد حركة المدنيين، وتختطفهم وتعذبهم وتعتدي عليهم وتنهب وتسرق وتتلف ممتلكاتهم، ولو كفت عن ارتكاب تلك الجرائم المروعة لتحقق جانب كبير من شعار (لا للحرب)!
* نص البند السابع من إعلان جدة على (الالتزام بالإجلاء والامتناع عن الاستحواذ واحترام وحماية كل المرافق الخاصة والعامة كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية)، ويعلم الجميع هوية الجهة التي احتلت المستشفيات وبقية المرافق الطبية (مثل بنك الدم ومعمل إستاك والإمدادات الطبية وغيرها)، وحولتها إلى مرافق عسكرية، ولو كفت يدها عنها لتقلصت معاناة المدنيين ولتحقق جانب كبير من شعار (لا للحرب).
* نصّ البندان (11 و 12) من إعلان جدة على (الامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، والامتناع عن الانخراط في عمليات الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين).. ومعلوم للجميع هوية الجهة التي تجند الأطفال وتستخدمهم في القتال، ومعلوم للكافة هوية الجهة التي اختطفت آلاف المدنيين واحتجزتهم في سجون سرية وفي ظروف اعتقال قاسية ومهينة (دونكم ما ورد في تقرير وكالة رويترز عن السجون السرية لمتمردي الدعم السريع).
* نص البند 13 من إعلان جدة على (الامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، ومن ذلك العنف الجنسي بجميع أنواعه)، ومعلوم للكافة هوية الجهة التي تغتصب النساء وتختطفهن وتستعبدهن وتمارس العنف الجنسي معهن، بل تحولهن إلى سبايا يتم بيعهن بالمال (ما تفعله مليشيات الدعم السريع في خور جهنم مثالاً)، ودونكم التقارير التي نشرتها صحف نيويورك تايمز ولوموند الفرنسية والتحقيق الاستقصائي الذي أذاعته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، ولو توقف متمردو الدعم السريع عن التعدي على النساء واغتصابهن وكفوا عن ممارسة العنف الجنسي معهن فسيتحقق جانب كبير من شعار (لا للحرب)!
* نص البندان (15) و(17) من اتفاق جدة على (السماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية دون أي عوائق وتسهيلها، والامتناع عن التدخل في العمليات الإنسانية الرئيسية وعدم مرافقة العاملين في المجال الإنساني)؛ ومعلوم للكافة هوية الجهة التي تعرقل وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها وهوية الجهة التي سطت على المخازن التابعة لبرنامج الغذاء العالمي والمخازن التابعة للهلال الأحمر القطري وجمعية قطر الخيرية وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية (ودونكم البيان الصادر من برنامج الغذاء العالمي يوم 28 ديسمير الماضي والذي تحدث عن سطو الدعم السريع على مخازن البرنامج واستيلائه على غذاءات تكفي لإطعام مليون وخمسمائة ألف شخص في مدينة ود مدني)، ولو كف المتمردون عن السطو على مخازن المنظمات وتركوا محتوياتها للمحتاجين إليها لتقلصت معاناتهم من الحرب ولتحقق جانب كبير من شعار (لا للحرب)!
* مصيبة من يتبنون شعار (لا للحرب) ويتهمون غيرهم بأنهم (بلابسة ومسعرون للحرب) أنهم لا يقرنون القول بالعمل، ولا يبذلون أدنى جهد لوضع شعارهم موضع التنفيذ، ولو فعلوا فسيضطرون إلى الاعتراف بالجرائم الوحشية التي يرتكبها متمردو الدعم السريع في حق المدنيين العُزَّل، وهم لا يريدون أن يفعلوا ذلك لحسابات سياسية (انتهازية) تخصهم، وبالتالي فإن كل حسابات المنطق والعقل تدل على أنهم هم البلابسة وليس سواهم، وهم المسعرون الأساسيون للحرب الحالية، بتواطئهم المعلن مع الجنجويد، وبعدم ضغطهم عليهم لتنفيذ مخرجات إعلان جدة، ولا غرابة.. فمن فشلوا في حض المتمردين على تنفيذ بنود إعلان أديس أبابا (الموقع بين الجنجويد أ والجنجويد ب) هم عن حضهم على تنفيذ إعلان جدة أفشل!
* نذكر ختاماً أن من يرددون شعار (لا للحرب) ويتاجرون به ويتهمون من يهاجمون المتمردين ويدعون إلى ردعهم بأنهم بلابسة يعيبون على الجيش فشله في أداء واجباته الدستورية وعدم قدرته على حماية المدنيين.. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا مفاده: (حماية المدنيين ممن)؟
* ما هي الجهة التي فشل الجيش في ردعها وحماية المدنيين من شرورها وآثامها وجرائمها وانتهاكاتها المنكرة؟
* ما تبقى تقول.. إنت ما بتقولش ليه؟..