حمدوك فى القاهرة.. جدل وتساؤلات
حمدوك فى القاهرة.. جدل وتساؤلات
تقرير :أشرف إبراهيم
تبدو قوى تقدم ” قحت” في موقف لاتحسد عليه، وهي تبحث جاهدة بين المطارات و السفارات والعواصم الخارجية عن الطريق للسودان والتخلص من الحمولة الثقيلة التي أنهكت ظهرها وأدت إلى تآكل رصيدها السياسي عقابيل تحالفها المعلن والسري مع مليشيا الدعم السريع المتمردة، فما بين كمبالا ونيروبي وأديس أبابا يتجول قادتها ويعقدون الورش والإجتماعات، تحت عناوين البحث عن السلام والتحول المدني الديمقراطي وإصلاح المؤسسة العسكرية ، وتستمر أسفار قادة الحرية والتغيير من عاصمة إلى اخرى بحثاً عن مفاتيح الطريق عز الحريق والحرب المشتعلة في مركز وأطراف السودان ، للوصول إلى تسوية تعيد للتحالف دوره المفقود وتحفظ للمليشيا مكاناً في خارطة المستقبل بالسودان.
زيارة حمدوك
على نحو مفاجئ تداولت وسائل الإعلام أمس الأول خبراً مفاده ان رئيس الوزراء السابق ورئيس قوى تقدم عبد الله حمدوك سيصل القاهرة اليوم الجمعة تلبية لدعوة رسمية من الحكومة المصرية الهدف منها اجراء مباحثات مع القيادة تتعلق بالدور الذي يمكن أن تلعبه القاهرة في وقف الحرب في السودان.
نفي مصري
لكن المستشار محمد الحمصاني المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري نفى ما تداولته وسائل الإعلام حول وجود دعوة رسمية من الحكومة المصرية الى تتسيقية تقدم لزيارة القاهرة، وأَوضح في تصريح له نقله موقع المحقق الالكتروني أن زيارة عبد الله حمدوك رئيس التنسيقية ورئيس مجلس الوزراء السوداني السابق تاتي بناء على طلب شخصى منه بهدف لقاء قادة القوى السياسية السودانية المقيمة بمصر حالياً، فضلاً عن لقاء بعض النخب الأكاديمية والإعلامية المصرية.
الدور المصري
المتحدث الرسمي المصري شدد على أن دور بلاده يندرج في أهمية أن تتركز الجهود المحلية والدولية خلال المرحلة الراهنة على كيفية وقف إطلاق النار في السودان وتقديم كافة سبل الدعم لمساعدة الشعب السودانى الشقيق فى أزمته الحالية، ومن ثم إمكانية التشاور كأولوية لاحقة مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية السودانية حول كيفية المضي قدما في عملية التحول الديمقراطي وإعادة الأعمار في السودان.
تساؤلات
القيادي بحزب البعث السوداني محمد وداعة، قال تعليقاً على ماجاء من نفي المستشار برئاسة مجلس الوزراء المصرى على خلفية ترويج بعض وسائل الاعلام و السوشيال ميديا الداعمة ل(تقدم ) ،قال أن هذا الترويج عن تلقي د. حمدوك دعوة رسمية من الحكومة المصرية كان يتطلب من حمدوك شخصياً تصحيح الخبر ، وهذا التصحيح كان لازماً لأنه يتفق مع الحقيقة و مع طريقة تعامل القاهرة مع الشخصيات الاعتبارية من الدول الشقيقة خاصة السودان ( معارضة كانت أو غير ذلك ) ، مضيفاَ ان القاهرة لا يمكن أن تستقبله الا بصفته الشخصية ، و رسمياً فان صفته رئيس وزراء سابق لا تجعل له وضعاً رسمياً.
وأضاف وداعة فى مقال له نشرته ( الكرامة) ان القاهرة استقبلت بترحاب غالبية أعضاء الحرية و التغيير وتقدم ، والبعض منهم استقر فى مصر باسرته الممتدة و ادخلوا ابناءهم و بناتهم الجامعات المصرية ، وأتاحت لهم عقد الاجتماعات التواصل فيما بينهم و لهم بيان باسم بيان القاهرة ، وتابع : هذا ديدن مصر استقبلت كل السودانيين ، مواطنين و سياسيين ، دون ان تتدخل فى شؤونهم الخاصة او العامة.
وأردف وداعة بأن زيارة حمدوك للقاهرة و مقابلته لقادة القوى السياسية السودانية و بعض النخب الاكاديمية و الاعلامية المصرية ، لا تقتضى زيارة رسمية ، فهذا الامر متاح للقوى السياسية السودانية المتواجدة فى القاهرة دون قيود ، بل ان بعض اعلاميين و اكاديميين مصريين يشاركون هذه القيادات فى افراحها و اتراحها.
خيار حمدوك
وأضاف وداعة أن مصر قامت بجهود حثيثة من خلال الجامعة العربية و الاتحاد الافريقى ، وتصدرت مبادرة دول الجوار ، للوصول الى وقف إطلاق النار و إيصال المساعدات، وتساءل أين كان حمدوك و تقدم من تلك الجهود ، وقال تكررت الفرص النادرة امام حمدوك ليصبح شخصية وطنية يتفق حولها الناس ، و ربما كان فى امكانه ان يحافظ على وحدة الحرية و التغيير ، و على استمرار الفترة الانتقالية ، وأن يجتمع لديه الفرقاء ، فلا يختلفون ، و لكنه أختار ان يكون غير ذلك ، وهذا شأنه.
تسويق قحت
أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي د. عادل التيجاني، أشار في حديثه (للكرامة) إلى صعوبة تسويق قحت وإعادتها منفردة أو كتلة إلى تصدر المشهد السياسي بالبلاد.
وأوضح التجاني أن الشارع السوداني ينظر إلى قحت وتقدم كشريك للمليشيا في حربها ضد المواطنين، و قال هنالك أطراف إقليمية ودولية تسوق لعودة حمدوك وتحاول تقديمه كمنقذ، وهو في الواقع وجد فرصتين ليضع بصمته بدعم شعبي ولكنه فشل وانسحب مستقيلاً، ويحاول العودة في هذا التوقيت الصعب مدفوعاً من أطراف إقليمية وأحزاب قوى الحرية والتغيير التي اختلف معها وانتقدها في وقت سابق، وعاد ليتحالف معها فيما يسمى تنسيقية تقدم.
القاهرة غير
ولفت التجاني إلى أن القاهرة تختلف عن العواصم التي تنشط فيها أحزاب قحت وحمدوك، مشيراً إلى أنها تتعامل مع ملف السودان بالكثير من الوعي لكونه يؤثر سلباً وإيجاباً على أمنها القومي، وقال إن بعض عواصم الدول الأفريقية داعمة لمليشيا الدعم السريع ولكن القاهرة تدعم وقف الحرب وتحقيق السلام ولا تنحاز لطرف وتدعو للحفاظ على المؤسسات القومية السودانية ووقف تدمير البنية التحتية.
وقال التجاني أن زيارة حمدوك ووفد قحت إلى القاهرة لن تتجاوز لقاءات مع بعض الأطراف السياسية وقادة قحت بشكل أساسي، وبعض الأكاديميين المصريين المهتمين بالشأن السوداني.
مستقبل مجهول
ويرى التجاني أن مستقبل قوى الحرية والتغيير في ظل المعطيات الراهنة يكتنفه مصير مجهول، لجهة حالة الإرتباط مع الدعم السريع، مضيفاً أن هذه الأحزاب متهمة بشكل صريح من الشارع السوداني بوقوفها في صف المليشيا، وأنها من أشعلت الحرب بتحريض الدعم السريع للإنقلاب على السلطة، وأردف ان عدداً من قيادات قحت هدد بالحرب أو الإطاري.
وقال إن غياب قادة التحالف عن السودان وتحاشيهم الظهور في المدن الآمنة يوضح حالة القطيعة النفسية بينهم والشعب السوداني، وأشار إلى حالات الإعتداء والهتافات التي قوبلت بها بعض قيادات قحت خارج السودان.