اقتربت ساعة التحرير

اقتربت ساعة التحرير

يوسف عبد المنان

البلد الابوك عمدو وجفوك نظارو
زي المثلى قاعد فيه شن افكارو
اولى الخترة بي جملا تخب فقارو
مو خالقنا زول مولانا واسعه ديارو
كلما تلوح فكرة الخروج من السودان بكل مافيه من ضيق وعنت ومشقة في العيش ومصاعب مطلوبات الحياة كلما منعك العمر ووهن الجسد واشتعال الراس شيبا وتساقط الأسنان وضعف الحيلة ،وتمسكت بالصبر من الأفكار التي تدعوا للبدايات الجديدة والمغامرات الطائشة والاسفار في بلاد الله الواسعة
عشرة أشهر من الحرب الممتدة كأنها عشر سنوات من عمر الإنسان
عشرة أشهر وبضعة ايام رغم مرارتها وأيام رعبها وطول الليل والسهر والأرق ولكنها شهور خصوبة للنفس للتأمل في الضل الوقف ومازاد وجرد حساب للعمر ومراجعة النفس وحفظ ماتيسر من القرآن.
عشرة اشهر في سجن يمتد من كرري حتى الحارة الرابعة ومن سوق الحر غربا إلى الحتانه شرقا لم نخرج الا للمهندسين بعد انكسار القيد وإطلاق سراح المنطقة وخروج الجند يمتشقون السلاح ودخول الصحافيين يحملون الكاميرات لتوثيق لحظة تاريخية خالدة في تاريخ امدرمان
والسودان.
نعم اقتربت ساعة التحرير وفك القيد وانكسار ظهر التمرد ولكن كلما دنت ساعة النصر ولحظة ينتظرها الملايين الصابرين كلما زادت الملشيا من الانتقام من أهل السودان كما حدث الأسبوع الماضي التقى الجيشين ولكن دانات الموت أمطرت سكان ام درمان الجديدة بوابل من قذائف الموت السريع.
مابين التأمل في مصاعب الحياة وعسرها بانقطاع الهاتف من الناس وشح الكهرباء وعدنا للراديو نستمع في هجعة الليل لعثمان حسين( داوم على حبي) ونترنم مع وردي (ولو بهمسه) وندندن مع ابراهيم عوض (ماقادر أبوح وماقادر اصرح) ونطرب مع ترباس وفرفور وتلك الثنائية (الأمان الأمان) ونقش الدمعة بطرف العراقي حينما نتذكر السودان الذي كان والسودان الذي صار.