جرائم المليشيا بالجزيرة: استباحة 39 قرية وقتل 49 مواطنا وإصابة العشرات
خاص- الكرامة
في رسالة صوتية من أحد مواطني قرى الجزيرة وسط السودان، يقول وهو يحاول طمأنة أهل القرية بالخارج “أتمناكم الناس ديل تأن ما بجو، الحلة عدمت العربية والدهب والقروش”، ورغم ما توضحه الرسالة من مأساة وتخليص بسيط بأن المليشيا عدمت الحلة “الحبة”، إلا أن الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في قرى الجزيرة ربما تفوق خيال البعض من هولها فهي جرائم ضد الإنسانية الفظيعة، حيث استغلت مليشيا الدعم السريع، انقطاع شبكة الاتصالات التي تسببت فيها، وأذاقت إنسان الجزيرة المسالم، مر العذاب.
استباحة القرى
وكشفت التقارير الواردة على قلتها مستوى الجرائم التي وقعت في مدن وقرى لا يوجد في بعضها حتى “نقاط” للشرطة ناهيك عن مقار للجيش، قال تقرير للمرصد المركزي لحقوق الإنسان بالسودان، إن المليشيا هاجمت 39 قرية خلال فترة انقطاع الاتصالات والانترنت بالولاية منذ ثلاثة أسابيع، ما أسفر عن مقتل 46 قتيلا مدنيا وإصابة 90 آخرين.
وتضمن التقرير رصدا للقرى التي تعرضت لعمليات نهب واسعة للممتلكات من أموال وذهب وهواتف وآليات زراعية، كما شهدت بعض القرى موجات نزوح كبيرة إلى جانب اقتياد عدد من شبابها إلى معتقلات الدعم السريع
ودعا تقرير المرصد المركزي لحقوق الإنسان الجهات الدولية والإقليمية ذات الصلة للتدخل والتحقيق في هذه الأحداث ومحاسبة المتورطين.
وبحسب بيان للجان مقاومة ود مدني فإن قوات الدعم السريع ارتكبت مجزرة بقرية الشريف مختار بولاية الجزيرة، وطبقا لمصادر محلية فإن ما لا يقل عن 14 من شباب قرية الشريف مختار لقوا مصرعهم لدى تصديهم لقوات الدعم السريع التي داهمت القرية بقصد النهب.
تقارير الانتهاكات
وأوضح تقرير مفصل نشرته لجان المقاومة وناشطين تحصلت عليه (الكرامة) الانتهاكات التي ارتكبتها هذه المليشيا ضد المواطنين المعزل، من خلال اقتحام قرية (أم دوانة) ريفي طابت، ونهبت وسلبت ممتلكات المواطنين وسياراتهم، وأصابت اثنين من شباب القرية بالرصاص الحي، وكذا اقتحمت المليشيا قرية (أم عضام) غرب الحصاحيصا، واشتبكت مع المواطنين وأطلقت النار عليهم، مما أدى لاستشهاد شاب واصابة ثلاثة آخرين، بينما سقط 6 شهداء وعدد كبير من الجرحى في أطلاق نار من قبل المليشيا على قرية “ود البليلة” ريفي الحصاحيصا.
ويشير التقرير إلى ان التمرد استباح قرى جنوب الجزيرة “الدوحة، تباخة، شبونات” وتم الهجوم على هذه القري بهدف السلب والنهب، واستخدام مكثف للرصاص، مما أدى لسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، وكذا مهاجمة قرية (أم جريس) ومقتل اثنين من شباب القرية، وأصيب ثمانية آخرين، ثم قامت بنهب القرية بالكامل.
قيادي بالأمة ينتقد
يقول د.صديق بولاد القيادي بحزب الأمة القومي، والذي أعلن في وقت سابق عن مقتل ثمانية من أفراد أسرته في الجزيرة، إن المليشيا لم تدخل مكانا الا وبدأت بعمليات النهب والسرقة، بحثا عن المال، والسيارات، والممتلكات، ونهبها بقوة السلاح، وأضاف “الغريب يقولون إنهم اشاوس؟ اي أشاوس وهم، يخرجون الأطفال، والشيوخ الذين تقدم بهم العمر، والمرضى، من منازلهم ثم يقطنونها، وينهبون سياراتهم وممتلكاتهم ثم يطلقون النار على العُزّل الأبرياء، بدون أن يرف لهم جفن أو وأزع من اخلاق ودين ، الذي حرم قتل النفس بغير حق”.
ويقول الكاتب الصحفي بكري المدني، إن مليشيا الدعم السريع تستضعف مواطني قرى الجزيرة الذين دخلت عليهم حين غفلة وهوان من الدولة ولم يكونوا على استعداد ولا من ثقافتهم حمل السلاح فأياديهم الطاهرة عاشت للزراعة وإطعام أهل السودان فلماذا الغدر ولماذا كل هذا الحقد.
مليشيا إرهابية
ورحبت وزارة الخارجية السودانية، بإيراد تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان، للفظائع غير المسبوقة للمليشيا وخروقاتها الصارخة والموثقة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، والتي تواترت في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ووثقتها ايضاً كبريات وسائل الإعلام. وتعيد الوزارة التأكيد بأن هذه المليشيا المتمردة قد استوفت كافة المعايير اللازمة لإعلانها مجموعة إرهابية.
وأدانت بأقوى العبارات إعاقة المليشيا المتمردة للعمل الإنساني بالتنصل عن تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاقية جدة بتاريخ ٢٠ مايو ٢٠٢٣ واستمرارها في احتلال المرافق الاستراتيجية والخدمية والأعيان المدنية وإقامة الارتكازات على الطرق الرئيسية ونهب مستودعات المنظمات الانسانية.