اللاجئون السودانيون.. معاناة وانتظار على أبواب المفوضية
اللاجئون السودانيون.. معاناة وانتظار على أبواب المفوضية
تحقيق : هبة محمود
يواجه الاف اللاجئين السودانيين بالقاهرة “معاناة الانتظار” أمام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمدينة ستة أكتوبر تمتد لأيام واحيانا لاسابيع للتمكن من الحصول على موعد لإستخراج كرت المفوضية الذي يضمن لهم الحماية من اي مساءلة قانونية فضلا عن أنتظار أشهر طويلة لاستلامه وسط حالة من التذمر دفعت بعضهم لصرف النظر عن مسألة تقنين الوضع هذه.
ويبدى كثير من السودانيين طالبي اللجوء تحفظا على الطريقة التي تتعامل بها المفوضية حيال قضيتهم كطالبي حماية وذلك من قصور واخذ اعداد قليلة كل يوم في وقت يتعذر عليهم الاتصال بالهاتف لتحديد موعد للتسجيل ما يدفعهم للاتيان بانفسهم لمقر المفوضية.
وعبر عدد منهم عن استيائهم من المعاملة التي وصفوها بالمهينة لكرامة الشعب السوداني والتي دفعت بكبار السن والعجزة وأصحاب الحالات الخاصة والأطفال بالنوم على الأرض أمام مكاتب المفوضية لإجراء مقابلة او تحديد موعد رغم اشتداد برودة الطقس.
كارثة إنسانية
وتسرد إحدى اللاجئات السودانيات في حديثها ل “الكرامة” كيف انها امضت نحو اسبوع ذهاب وجيئة حتى يتسنى لها اخذ موعد للتسجيل فقط بعد أن حاولت الاتصال مرارا على أرقام المفوضية وعندما فشلت في ذلك اضطرها الامر للاتيان بنفسها دون أن تتخيل حجم المعاناة.
وترى “ميادة علي” ان ما يحدث في المفوضية امر لا يطاق؛ ولا يمكن ان تكون طريقة للتعامل من قبل الامم المتحدة مع الكارثة الإنسانية التي يعيشها السودانيين في بلادهم والتي دعتهم للمخاطرة بانفسهم والاتيان عبر سيلة التهريب ليواجهوا فوق كل ذلك تلك المعاملة والانتظار الطويل ويصبحون أمام كارثة أخرى.
تسهيل إجراءات
وفي ظل تلك المعاناة يحمل الكثير من اللاجئين السودانيين سفارة بلادهم بالقاهرة وزر ما يواجهونه من عدم إيجاد كيفية مناسبة مع الأمم المتحدة لتسهيل إجراءات او اي صيغة مناسبة يدفعون بها ما يعانون.
وتطالب الحاجة “نعمة احمد” لاجئة سودانية؛ في عقدها السابع السفير السوداني بالقاهرة لتسجيل زيارة َواحدة فقط لمقر مفوضية الأمم المتحدة للوقوف على معاناتهم التي يعانون.
تحسر على اللجوء
تقول حاجة نعمة وهي تبدى تحسرا على طلبها اللجوء في سنواتها السبعين ل” الكرامة ” : ظللت انا وابنتي نأتي على مدار ثلاثة أيام للتسجيل لإستخراج كرت المفوضية دون أن نتمكن من ذلك لان الإجراءات التي تتبعها المفوضية عقيمة وينقصها التنظيم فضلا عن الهاتف الذي يتعذر معه التسجيل رغم محاولات كثيرة جميعها فشلت لاكثر من 15 يوما ما جعلنا نسلك طريق المفوضية.
وتابعت” هذه ليست طريقة تعامل من مفوضية الأمم المتحدة لما تحمله من اهانة الشعب السوداني.
(سكة عطش)
من جانبه وصف اللاجئ محمد عبدو ما يحدث بالمفوضية بسكة عطش مؤكدا في حديثه ل” الكرامة ” كيف انه ظل لليلتين على بابها دون أن يحظى بالتسجيل لموعد فضلا عن المعاملة السيئة من قبل بعض أفراد الأمن بالمفوضية؛ مع الشباب؛ تصل احيانا حد الضرب.
ويتساءل: هل ما نواجه يعتبر اهانة لحقوق الانسان ام مكرمة لها؟
ويتابع: من المفترض ان تقوم المفوضية بتسهيل الإجراءات للاجئين لاعتبار ان وضعيتنا بالبلاد ليست قانونية ما يحتم عليها تقنين اوضاعنا بأسرع وقت خاصة مع ما تقوم به السلطات المصرية من تنفيذ حملات امنية للقبض على المخالفين وهناك الكثير من الشباب تم إعادتهم للسودان؛ لعدم قانونية وضعهم.
اتهام
وتتهم نجوى محمود لاجئة سودانية؛ مفوضية الأمم المتحدة بالوقوف وراء معاناة السودانيين أمام أبوابها والدفع بهم إلى هذا المصير وذلك من خلال العدد البسيط لنوافذ موظفيها الذي يقوم بإجراءات اللاجئين؛ من جهة وأرقام الهاتف الذي يتعذر الوصول اليه؛ من جهة أخرى.
وذكرت في حديثها (للكرامة) كيف انها ظلت لنحو شهر كامل تحاول الاتصال بالهاتف لأخذ موعد للحصول على الكرت دون فائدة الامر الذي دفعها للمجئ بنفسها بحثا عن تقنين وضعها قبل أن تصطدم امنيتها بالحصول على وضع قانوني بعتبات الانتظار المر.
وقالت هل من الممكن أن يكون لمفوضية لديها هذا العدد الهائل من العدد لطالبي اللجوء من جنسيات مختلفة هذا العدد البسيط من الموظفين فضلا عن رقم هاتف واحد مخصص بدلا وجود عدد من الأرقام.
شكوى
وكانت هيئة محام دارفور وشركاؤها قد أعلنت عن أنها ستتقدم بشكوى للمفوض السامي للاجئين وللأمين العام للأمم المتحدة، لتشكيل لجنة للنظر في القصور والتجاوزات الممارسة بمكاتب المفوضية السامية للاجئين بالقاهرة في تحديد المواعيد والمقابلات.
واعتبرت الهيئة في بيان أنه نتيجة للقصور والتجاوزات بمكاتب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فان العشرات من طالبي الحماية وضمنهم أطفال ونساء وعجزة ومرضى ينامون أمام مكاتب المفوضية لعدة أيام، وذلك للحصول علي مواعد لإجراء المقابلات معهم منبها- اي البيان- الى ما قد يتعرض له اللاجئ نتيجة لعدم توفيق أوضاعه بدولة المقر .
ووعدت الهيئة فى بيانها برفع شكوى للمفوض السامي للاجئين وللأمين العام للأمم المتحدة وذلك لأخذ العلم بالقصور والتجاوزات الممارسة بمكاتب المفوضية ، والتي قالت انها ترتقي لمستوى إنتهاكات حقوق الإنسان، وانها طالت العديد من السودانيين الذين يلتمسون حماية الأمم المتحدة بمباني المفوضية من خلال سعيهم الحثيث لتحديد مواعيد المقابلات .وطالبت الهيئة الامم المتحدة بتكوين لجنة للتحقيق والتقصي والعمل على معالجة القصور والتجاوزات
الجزء الثاني:
تزداد معاناة اللاجئين السودانيين أمام مفوضية الأمم المتحدة بالقاهرة بمدينة ستة أكتوبر اتساعا مع تزايد الإعداد الضخمة والهائلة بصورة اكثر كثافة يوما عن الاخر، اذ انهم يبحثون عن تقنين اوضاعهم جراء لجوئهم فرارا من الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل الماضي.
ويجد هؤلاء اللاجئون أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما؛ وهو اما مواجهة الانتظار لأيام مفترشين الأرض تحت وطأة أجواء البرد القارسة لأجل تحديد موعد او مواجهة القبض من قبل السلطات المصرية لكونهم مخالفين لا يملكون اوراقا ثبوتية.. وفي كل الأحوال فان الامر يتعاظم عليهم ليصبح الانتظار على أبواب المفوضية هو الأنسب حلا بالنسبة لهم.
َويتهم اللاجئون السودانيون المفوضية بوضعهم في هذا المأزق حيال الطريقة التي تتعامل بها مما يؤثر على قانونية وجودهم فى الاراضي المصرية، وؤكدون ان هنالك بطء في الإجراءات وان ايقاعها لايتناسب وتلك الإعداد الكبيرة فضلا عن عدم تنظيمهم للعمل حيث يرفض جلهم ما وصفوه بالإهانة من قبل بعض أفراد الأمن المصري في التعامل معهم وطردهم دون ان تحرك السفارة السودانية ساكنا وفق قولهم.
وأثار مقطع فيديو متداول اليومين الماضيين لاحد أفراد الأمن وهو يقوم بطرد لاجئات سودانيات؛ من امام مقر المفوضية؛ حفيظة الكثير من السودانيين، واعتبروه معاملة لا تليق بالشعب السوداني.
سرقات
وينظر مراقبون لقضية اللاجئين السودانيين بالقاهرة باعتبار أن السلطات المصرية او المفوضية السامية لشئون اللاجئين لا يتحملون وزر ما يواجهه السودانيون طالبي اللجوء حيث أن الامر يتعلق بالسفارة السودانية بالقاهرة وهي التي توجه أصابع الاتهام لها لعدم التدخل بالتعاون مع السلطات المصرية لإيجاد طريقة للتخفيف من معاناة الانتظار.
ويشكو اللاجئون السودانيون بالإضافة إلى ذلك من وجود سرقات كبيرة يتعرضون لها بسبب طريقة تعامل المفوضية التي جعلتهم يفترشون الارض ليلا ويبيتون في العراء ويكونوا عرضة للسرقة وفق ما يشتكون.
اللاجئة؛ ليلى السيد _ في العقد الرابع من العمر _ ترجع السرقات إلى تعمد المفوضية اللاجئون المبيت على أبوابها من خلال طريقة التعامل البطئ مع قضاياهم كطالبي حماية مؤكدة في حديثها ل “الكرامة” إلى أن اللاجئ ان لم يقم بالمبيت داخل المفوضية لن يتمكن من الحصول على مسعاه إن تمكن له ذلك.
وتشير السيد إلى وجود اعداد من اللاجئين اضطروا إلى المبيت لاكثر من ليلة حتى يتمكنوا من أخذ موعد لنيل كرت المفوضية مبدية امتعاضها من هاتف المفوضية الذي يتعذر على الكثيرين الوصول اليه ما دفع ببعض ضعاف النفوس لاستخدام الامر كتجارة رابحة لهم؛ وفق قولها.
تجار أزمات
وفي هذا الشان _ اي تعذر الاتصال بهاتف المفوضية _ نشأت تجارة أخرى مربحة حيث يستثمر بعض السودانين في ذلك بعرض خدماتهم في الاتصال لأخذ موعد لنيل كرت المفوضية عبر مبلغ متفق عليه وقدره 300جنيه مصري للموعد العادي و600 للموعد المستعجل ، وأحيانا يصل الامر إلى مبلغ 1500جنيه مصري..
وهي تجارة وفق محمد عبد الله_ لاجئ في العقد الثالث؛ افرزتها طريقة تعاطي المفوضية البطئ مع قضيتهم ما جعلهم عرضة لتلك الافرازات.
ويروي محمد ل “الكرامة” كيف أن من أسماهم تجار الازمات يقومون بإدخال برنامج لإعادة الاتصال وبالتكرار الكثير يتم الرد من قبل المفوضية في تكرار يصل لآلاف المكالمات ويتساءل: لماذا تقوم المفوضية بوضع رقم واحد فقط دون وضع عدد من الأرقام وفتح نوافذ أخرى للاتصال حتى تخفف الضغط الكبير من طالبي الحماية الوافقين على أبوابها؟.
ويناشد محمد السفارة السودانية للتدخل العاجل ووقف ما يعانيه اللاجئون السودانيون؛ مشيرا إلى كونه طالب حماية فان ذلك لايعني ان يهان!
السفارة السودانية “لا رد”
وفيما توجه أصابع الاتهام للسفارة السودانية بالقاهرة؛ في عدم التعاطي مع قضايا اللاجئين السودانيين أمام مفوضية الأمم المتحدة سعت “الكرامة” لاستنطاق السفير السوداني بالقاهرة وكذلك القنصل لكن تعذر الحصول على معلومات لعدم الرد.
في مقابل ذلك يرى رئيس المبادرة الشعبية لدعم العلاقات السودانية المصرية السفير “علي السيد” ان المفوضية السامية لشئون اللاجئين هي جهة دولية تتبع للأمم المتحدة وليس للسلطات المصرية دور فيما يحدث لطالبي الحماية لأنها ليس لديها سلطة على المفوضية.
وقال ل”الكرامة” ان الجهة الوحيدة المخول لها التدخل هي السفارة السودانية؛ وذلك من خلال مخاطبة الخارجية المصرية التي يمكن بدورها التحدث مع المفوضية في إيجاد طرق للتخفيف على السودانيين طالبي اللجوء.
واضاف: مكتب الأمم المتحدة عندما تم إنشاءه تم لاستقبال اعداد معينة بميزانية محددة وليس لاستقبال الإعداد الكبيرة من السودانين وغيرهم من الجنسيات الأخرى الأمر الذي تخمض عنه هذا القصور.
وتابع: العدد كبير جدا من اللاجئين ولذلك نحن نقوم من خلال المبادرة في حصر كل المشاكل التي يعاني منها السودانيون الذي دخلو بالطرق الرسمية او غير ذلك، ولدينا ورقة نعمل عليها كمبادرة لتقديمها للجنة القنصلية المشتركة للجانب السوداني للنظر فيها والعمل على حلحلة المشاكل..
.