ما يليق.. بـ”بشيخ الامين”

محمد عبدالقادر

ما يليق.. بـ”بشيخ الامين”

اثبت الجيش انه (كبير البلد) باتخاذه الاجراءات الكفيلة بتامين مسيد (شيخ الامين) ، وبتساميه وانصرافه عن حملات التهييج والتحريض على الشيخ وحيرانه ومن ظل يستضيفهم داخل (تكيته) طيلة العشرة اشهر الماضية.
الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، والقائد العام للجيش اثبت انه جدير بالمسؤولية تجاه رعيته وهو ينحاز الى الحكمة ويتخذها سبيلا وطريقا للتعامل مع ( شيخ الامين) ومسيده ومريديه وضيوفه، فهؤلاء جميعهم تحت رعاية الدولة بعد ان خنقتهم ظروف الحرب القاهرة وقذفت بهم الى مصائر الجوع والمرض والعوز والخوف والمسغبة… فوجدوا فى المسيد العون والامان واللقمة والعلاج وجرعة الماء…
من داخل (مسيد شيخ الامين) كنت اتواصل مع عدد من الذين استوطنوا المكان، يحدثونني صباح مساء عن ما يفعله الرجل وهم يتقلبون فى سعة عطاء لامحدود وسخاء مشهود فى توفير احتياجاتهم، دواءا وكساءا وغذاءا وامانا يقيهم شر الحاجة وقسوة العوز ويصرف عنهم الجوع ويوفر لهم الامان..
اجتهد كثيرون فى شيطنة شيخ الامين، ونسبته الى قوات الدعم السريع المتمردة وطفقوا يحرضون عليه الجيش، وهم يعلمون ان الرجل يدير حياة المئات من قاطني المسيد وسكان الاحياء المجاورة كممثل وحيد للعناية بامرهم بعد انحسار وجود وسطوة الدولة..
فى احدى منشوراتي كتبت ان (شيخ الامين) كان يمثل حكومة بمفرده ولم يتبق له الا ان يصرف المرتبات للموظفين ، فقد عكف بهمة كبيرة على توصيل المياه والكهرباء وتوفير الغذاء واقامة الوحدات العلاجية التى كانت قبلة لضيوف المسيد ومجاوريه من سكان بيت المال وود البنا ، وعدد من المناطق التى لايجد قاطنوها اللقمة والجرعة والعلاج الا عند شيخ الامين..
لا اعتقد انه من المنطق مطالبة شيخ الامين برمزيته المجتمعية والدينية بالخروج فاتحا صدره لنيران الجنجويد القتلة الخونة ومواجهة صلفهم وهم مدججون بالسلاح ، يتحركون بلا دين ولا اخلاق ولاذمة ولاوازع لتصفية خصومهم ومعارضيهم دون ان يطرف لهم جفن، المسيد كان يقع فى منطقة محتلة تماما وخارج سيطرة الدولة والحكومة، رقعة يتسيدها الجنجويد طولا وعرضا فما عساه يفعل الرجل وهو ياوي مئات الارواح التى تحتاج الى كل شئ، وكيف سيكون مصير هؤلاء ان اتخذ شيخ الامين المواجهة سبيلا للتعامل مع الدعم السريع..
ثم انه ومن سوء حظ شيخ الامين انه كان يقع بين كماشة المحرضين من اصحاب الغرف المتطرفة فى ولائها للجيش، وبين رغبة القحاتة واعداء القوات المسلحة فى ان يكون الرجل فى منصة تسهل انتياشه وحرق مسيده حتى يجدون ضالتهم فى الحريق ويوظفون الدماء والخراب لنيل مكاسب سياسية رخيصة..
ربما هنالك زلات لسان انتجها ارتباك المشهد فى خطاب الشيخ خاصة فى تلكم التى ظهر فيها وهو يستقبل قيادات الجنجويد الذين لم يستاذنوه بالطبع لا فى الحضور ولا فى انزال ما جاؤوا به من مواد غذائية ربما اطعمها الرجل لسكان المسيد والمناطق المجاوره ولم يمض لبيعه فى سوق الله اكبر متخذا فقه الضرورات التى تبيح المحظورات، جميعنا يعلم ان الناس قد ماتوا من الجوع داخل المنازل فى الخرطوم وام درمان وبحري..
فى تقديري انه من المطلوب التعامل مع ملف شيخ الامين ببعده الانساني ، وتجريده من ظلال التامر وتاويلات السياسة.
يقيني ان الجيش يعلم كل شئ ، (شيخ الامين) يعيش فى ام درمان ويستخدم هواتف الدولة ويتواصل مع رموزها، ويقيم فى فضاء اجتماعي مفتوح، كل هذه الاسباب كفيلة بان توفر حيثيات اتهام للرجل بالعمالة ان كان كذلك وحينها سنطالب بمحاكمته، ولكن حتى يتم توفير الادلة على ذلك فاننا ندعو للتريث والانصاف وتقدير صنيعه ، فجزاء سنمار لايليق بمن ظل (يطعم ويداوي ويكسى ويعالج ويستر الجنائز) وسط اهله ومريديه وحيرانه وجيرانه منذ بداية الحرب..
كم كنت حكيما سعادة الفريق اول عبدالفتاح البرهان..