الاجبار على التخابر” .. فاتورة تدفع تمنها النساء
الاجبار على التخابر” .. فاتورة تدفع تمنها النساء
سيدات يروين المثير من داخل معسكرات الدعم السريع “١”
الكرامة: هبة محمود
مع استمرار القتال بين الجيش السوداني؛ و الدعم السريع في الخرطوم؛ وعدد من المدن السودانية المختلفة؛ ارتفعت الأصوات المنددة بانتهاكات الدعم؛ المستمرة؛ حيال المرأة وممارسة جميع انواع العنف الجسدي و الجنسي والإرهاب ضدها؛ وسط تحذيرات المنظمات الإنسانية والدولية.
وفيما عبر كثير من مسؤولو الأمم المتحدة عن صدمتهم وإدانتهم لتزايد العنف في السودان المرتبط بالصراع ضد الفتيات والنساء النازحات واللاجئات؛ تتزايد بالمقابل؛ الانتهاكات من قبل الدعم لتصل حد اجبار فتيات و سيدات؛ على التخابر لصالحهم ضد الجيش وفق شهادات لناجيات.
وتقول مصادر عسكرية ل “الكرامة” أن الاستخبارات العسكرية للجيش؛ تخفظت على عدد من السيدات؛ بعد اعترافات مسجلة بذلك؛ في ملف التخابر مع الدعم السريع؛ مؤكدة أن قوات الدعم؛ انتقلت بوتيرة متسارعة؛ لاستخدام النساء؛ في عملياتها العسكرية عقب حملات امنية استهدفت الرجال والشباب مؤخرا؛ ما دفعها لاستخدام النساء.
تجنيد إجباري
تقول منال 28 عاما _ اسم مستعار لدواعي السلامة_ وهي إحدى السيدات اللائي اجبرن من قبل الدعم على التخابر والقيام بعمليات عسكرية؛ ضد الجيش؛ بعد أن استطاعت الفكاك من يدي الدعم السريع؛ بالخرطوم؛ عقب أشهر من الاحتجاز و التجنيد الإجباري؛ ان قوات الدعم اجبرتها على القيام بعمليات لصالحها في عدد من مناطق العاصمة.
كانت حالة الخوف تسيطر على؛ “منال” والتي لا تعرف من أين تبدأ حديثها؛ ولا كيف؛ فقتصها بدأت هي وشقيقتها روان 22 عاما؛ عندما اقتحمت عناصر من الدعم منزلهم بمنطقة شرق النيل؛ الواقعة تحت سيطرتها؛ وهن يقمن بجمع حاجياتهن تاهبا للخروج؛ لتحتجزهم هذه القوات ا وتقوم بمنعهن؛ غير ابهة بتوسلاتهن باخذ ما يريدون؛ وتركهن يمضين وحالهن.
معسكرات سرية
لوهلة بدت الصورة للشقيقتين اشبه بالحلم وفق ما تروي محدثتي؛ وذلك عندما بدأت هذه العناصر بالتحرش بهما وفي الخاطر والديهما اللذان تركاهما للذهاب لقضاء فريضة العمرة؛ قبل أن يندلع القتال؛ وتحول الاوضاع من تمكنهما من العودة.
تذكر منال كيف انها حاولت هي وشقيقتها الدفاع عن نفسيهما والحفاظ عليها؛ لكن في قانون الدعم السريع؛ لا شئ يعلو فوق السلاح؛ وفق ما تروي؛ لتوكد استمرار الاحتجاز والممارسات؛ على جسدها؛ وهي وشقيقتها في الاسر.
وتضيف: اجبرتنا هذه القوات على الطهي والغسل؛ ومداوة الجرحى؛ فكنا نشاهد ما لم نتخيل مشاهدته؛ هذا بالإضافة للضرب والإهانة؛ إن ابدينا تذمرا؛ قبل أن تبدأ بعد فترة من الاعتقال؛ فصول رواية أخرى؛ وهي الذهاب بنا ضمن مجموعة من الفتيات المحتجزات من مناطق مختلفة؛ إلى أحد المعسكرات السرية للقوات في منطقة جنوب الخرطوم.
خلايا نائمة
تواصل منال سردها قائلة” داخل هذه المعسكرات؛ والتي هي داخل منازل مواطنين؛ كان الخوف يسيطر على الجميع؛ فيها؛ فالجميع ينفذ ما يطلب منه؛ دون تردد؛ حفاظا على الأرواح؛ و بالتمعن فيما يجري حولنا وجدنا ان المستحيل لدى مليشيا الدعم السريع؛ ممكنا والخيال واقعا؛ وكل الأسلحة جائز ومتاح استخدامها؛ للقضاء على الجيش السوداني؛ حتى وان كانت تلك الأسلحة هي “النساء”.
وتضيف: داخل المعسكرات كانت كل الفتيات؛ خلال الاشهر الأولى من الحرب؛ يعملن في خدمة الجنود وتطبيب الجرحى واعداد الطعام؛ بالتناوب فيما بينهن؛ قبل أن يحدث تحول ويتم تقسيم الفتيات بين أعمال داخل المعسكرات؛ واخرى استخباراتية خارجها.
وتتابع: كانت الفتيات اللائي يتم استخدامهن في عمليات استخباراتية لصالحهن ضد الجيش؛ يكون لديهن أقرباء داخل المعسكر؛ بالضرورة اخت او ام او ابنة او قريبة؛ حيث كان يتم التهديد حال عدم تنفيذ ما هو مطلوب؛ او عدم العودة؛ ان تتم التصفية؛ هكذا كان هو الحال؛ وهو الذي دفع بي لتنفيذ ما طلب مني من عمليات عسكرية إجبارية للتخابر ضد الجيش؛ والاتيان بمعلومات من خلال التنكر والذهاب إلى مناطق في امدرمان وبحري والخرطوم؛ هذا فضلا عن تجنيد خلايا نائمة من النساء وإرسالها إلى الولايات للعيش كمواطنات عاديات ضمن سكان الولاية وتنفيذ ما يطلب منهن لاحقا.
وفي هذا تقول منال ” تلاحظ لنا أن تجنيد الخلايا النائمة؛ يتم لسيدات لديهن الولاء للدعم السريع؛ ليس بالمعنى أن يكون الولاء قبلي؛ لكن إيمانا بالقضية؛ وهو ما أثار استغرابنا داخل هذه المعسكرات؛ حيث يوجد عدد من السيدات يوالين الدعم السريع في حربه ضد الجيش؛ طمعا و حبا في المال؛ منوهة إلى هذه القوات لا تتوانى في دفع المال لمن تواليهن وتنفذ ما يطلبون.
انتصارات ساذجة
في ذات المنحى تصف عضو مبادرة لا لقهر النساء؛ إحسان فقيري؛ تكوين “خلايا نسوية نائمة”؛ او الاجبار على التخابر؛ من قبل الدعم السريع لتحقيق انتصارات له في قضيته مع الجيش؛ ب”الساذجة “.
وترفض فقيري خلال تصريحات ل “الكرامة” الزج بالمرأة السودانية في اتون هذه الحرب؛ لاعتبارات انها هي الاكثر تاثرا بها؛ منددة بانتهاكات وجرائم الدعم السريع.
وتضيف: مافعله الدعم السريع لم يفعله هتلر حتى في التاريخ؛ واي تجنيد إجباري هو بالتأكيد انتهاك لحقوق المرأة وحقوق الإنسان؛ ويقع تحت طائلة جرائم الحرب. والجرائم ضد الإنسانية؛ منوهة لان اي تجنيد تجبر عليه المرأة؛ تقابلة انتهاكات وممارسات حتى تخضع للجنيد وتقع في خانة الحرب ضد الإنسانية.
وتتابع؛ فاتورة الصراع المسلح دائما ما تدفع فاتورتها المرأة وذلك بالنزوح والانتهاك الجسدي؛ وقتل الزوج اغتيال الابن؛ وعدم الحصول على الأمن والاكل وغيره من أساسيات الحياة.
تخوف
ويقرع بالمقابل ناشطون جرس إنذار؛ حول إجبار النساء على التخابر؛ والقيام بعمليات عسكرية؛ من قبل الدعم السريع؛ تخوفا من تحميل المرأة عبئا اخر وهو الاعتقال من قبل استخبارات الجيش؛ بذريعة التخابر مع الدعم.
ويندد الناشط في العمل المجتمعي؛ عثمان خالد؛ بانتهاكات قوات الدعم السريع؛ تجاه المرأة؛ فيما يتخوف في ذات الوقت من ان يتسبب الأجبار على التخابر؛ في مشاكل تواجه المرأة بشكل عام ويتم التحفظ على بعضهن وفق شكوك؛ من قبل الجيش؛ وهي فاتورة أخرى تضاف لفاتورة الحرب التي ظلت المرأة السودانية تدفها منذ اندلاع الحرب في الخرطوم؛ بجانب الكثير من الانتهاكات الجسيمة.
و يستعرض عثمان قضية السيدة؛ سلمى عثمان؛ التي تم التحفظ عليها من قبل الجيش بمدينة عطبرة؛ شمالي السودان؛ بحجة التخابر مع الدعم السريع لخمسة أشهر؛ عقب نزوحها للمدينة؛ وهو ما يتخوف منه أن يطال عدد من النساء.
نفي
وينفي بالمقابل مسؤول عسكري؛ بمدينة عطبرة؛ فضل حجب اسمه؛ اعتقال عناصرهم؛ لأي شخص سواء كان سيدة او رجل دون مسوغات قانونية؛ مؤكدا ل”اكرامة” أن أفراد هم يتعاملون وفق معلومات مؤكدة تردهم؛ وفي الاشتباه يتم إطلاق السراح دون تردد.
ويقول الخبير في الصراعات والحروب؛ اللواء مهندس ركن دكتور أمين إسماعيل مجذوب؛ انه ومنذ نشوب حرب 15 أبريل عمل الدعم السريع على الزج بالنساء في الأعمال القتالية كقناصة من نساء سودانيات او اجنبيات؛ وايضا كمصادر استخبارية كما ثبت بعد القبض على العديد منهن.
مشيرا في حديثه ل “الكرامة” إلى ان الأسلوب الإجباري يتم عقب اسر السيدات من قبل الدعم السريع للتعاون معهن مقابل الحفاظ على حياتهن؛ او بالرضا لتهريب الأموال والمنهوبات إلى الولايات الآمنة.
ويرى مجذوب انه وفي كل الأحوال فإن إجبار النساء على العمل مع الدعم السريع خلال الحرب؛ يعتبر مخالف لبرتوكولات جنيف وقوانين الأمم المتحدة التي تمنع استخدام النساء في العمليات العسكرية او الاستخبارية دون رضاهن.