منظمات دولية تدعو لإجلاء 260 ألف مدني من الفاشر عبر ممرات آمنة بشكل عاجل
وكالات
في ظل استمرار الحصار المفروض على مدينة الفاشر، أطلقت منظمات مجتمع مدني وهيئات إنسانية دعوات عاجلة لإنشاء ممرات آمنة لإجلاء نحو 260 ألف مدني، بينهم 130 ألف طفل، ظلوا محاصرين داخل المدينة لأكثر من 500 يوم. وتُعد الفاشر آخر نقطة اشتباك رئيسية في إقليم دارفور بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث تفاقمت الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق. وأكدت المنظمات أن الوقت ينفد أمام السكان، في ظل استخدام التجويع كأداة ضغط من قبل قوات الدعم السريع، التي تمنع دخول الغذاء والمساعدات الأساسية إلى المدينة. حواجز ترابية البيان المشترك الصادر يوم الثلاثاء أشار إلى أن قوات الدعم السريع أقامت أكثر من 38 كيلومتراً من الحواجز الترابية حول الفاشر، بهدف التحكم الكامل في حركة السكان من وإلى المدينة. هذا الإجراء، بحسب مركز الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، يعكس استراتيجية ممنهجة لعزل المدينة عن محيطها. وأكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بدورها أن الفاشر لا تتوفر فيها أي ممرات آمنة للخروج، مشيرة إلى أن هذه المتاريس تتيح للقوات والميليشيات المتحالفة معها مواصلة خنق السكان عبر منع دخول الغذاء والدواء، ومنع المدنيين من مغادرة المدينة. نزوح وتصعيد منذ بدء الحصار في مايو 2024، تسبب الوضع في تهجير أكثر من 470 ألف شخص من الفاشر والمناطق المجاورة، وفق ما ورد في البيان. وخلال الأسابيع الأربعة الأخيرة، شهدت المدينة تصعيداً خطيراً تخللته انتهاكات جسيمة بحق المدنيين. ووفقاً لشهادات ناجين، فإن الرجال والفتيان المراهقين يتعرضون للاستهداف على الطرقات، بينما باتت محاولة مغادرة المدينة أكثر خطورة من البقاء فيها، رغم استمرار القصف اليومي. هذه الشهادات تعكس حجم التهديد الذي يواجه السكان، وتُبرز الحاجة الملحة لتدخل دولي فعّال. فشل الاستجابة المنظمات الإنسانية حذرت من أن العجز الدولي في التعامل مع الأزمة يفاقم الخسائر البشرية، مشددة على أن البيانات الرسمية والإدانات اللفظية لم تعد كافية لإنقاذ المدنيين. وأشارت إلى مرور عام تقريباً منذ إصدار الأمين العام للأمم المتحدة توصياته بشأن حماية المدنيين في السودان، دون أن يتحقق أي تقدم ملموس. وأكدت أن الحل الأمثل يتمثل في وقف شامل لإطلاق النار على مستوى البلاد، إلا أن ذلك لا يُغني عن اتخاذ خطوات عملية عاجلة لتلبية الاحتياجات الإنسانية في الفاشر. خطة إنسانية البيان دعا إلى وضع خطة وصول إنساني وتنفيذها فوراً، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني، وبموافقة ملزمة من جميع أطراف النزاع. كما طالب بإطلاق مفاوضات فعّالة حول المرور الآمن والوصول الإنساني، بمشاركة البعثات الدبلوماسية والجهات الإقليمية وأصحاب المصلحة الدوليين، لضمان إجلاء المدنيين دون عوائق. وحدد البيان مجموعة من التدابير العاجلة، أبرزها تأمين الوصول الإنساني الفوري عبر مسارات آمنة وطوعية، مع الالتزام الكامل بقرار مجلس الأمن رقم 2736، وتطبيق آليات المساءلة على أي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك الاعتداءات على المدنيين أثناء الإجلاء. تنسيق الإجلاء اقترحت المنظمات تعيين منسق للإجلاء من جهة إنسانية رائدة تمتلك القدرة التشغيلية والحضور الميداني، مع تنسيق الجهود بين وكالات الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والسلطات المحلية، وممثلي المجتمع. وأكدت أن عمليات الإجلاء يجب أن تكون طوعية، وأن تُنفذ بالتشاور المستمر مع ممثلي المجتمع المحلي، مع توفير الدعم اللوجستي والطبي والإنساني على طول المسارات. كما طالبت بإنشاء ممرات إنسانية ومراقبتها عبر صور الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة، مع رفع تقارير يومية إلى الوكالات الأممية والجهات الإنسانية المعنية. دعم عاجل البيان شدد على ضرورة تمكين المدنيين من مغادرة مناطق النزاع النشطة طواعية عبر هذه المسارات، داعياً كبار المسؤولين الإنسانيين إلى التوجه نحو الطويلة والمناطق المحيطة بالفاشر للتفاوض مع الميليشيات المنتشرة على الطرق بشأن المرور الآمن. كما أكدت المنظمات أهمية تأمين وصول المساعدات العاجلة إلى الفاشر، لتوفير الغذاء والدواء والرعاية الطبية للفئات الأكثر ضعفاً، خاصة في ظل تدمير 35 مستشفى منذ بدء الحصار. وأوضحت أن جزءاً كبيراً من السكان غير قادر على الإجلاء بسبب الجوع والمرض وكبر السن والإعاقة والإصابات، ما يستدعي توفير المياه والكهرباء والوقود والمواد الطبية بشكل عاجل. خطر المجاعة المنظمات الإنسانية حذرت من أن التدخل العاجل بات ضرورياً لمواجهة خطر المجاعة المؤكدة وتفشي وباء الكوليرا، الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 350 شخصاً في دارفور، في أسوأ موجة تفشٍ يشهدها السودان منذ سنوات. وأكد البيان أن توفير ممرات آمنة وسريعة التنفيذ للمدنيين الراغبين في مغادرة الفاشر يُعد أمراً بالغ الأهمية لمنع المزيد من الانتهاكات، مع ضمان أن تكون المغادرة طوعية وآمنة وخالية من العوائق. وذكّر بأن أطراف النزاع ملزمة قانوناً بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية دون إعاقة. دعوة للتحرك المنظمات ختمت بيانها بالإشارة إلى أن المجتمع الدولي تابع حصار الفاشر طيلة هذه المدة دون اتخاذ إجراءات حاسمة، مشددة على أن المخاطر بلغت ذروتها، وأن الحاجة باتت ملحة لتحرك منسق وجاد لإنقاذ الأرواح. وأوضحت أن منظمتَي PAEMA وAvaaz تقودان حالياً حملة جمع توقيعات على البيان المشترك بشأن الوضع الطارئ في الفاشر، حيث حُدد يوم الجمعة 26 سبتمبر كموعد نهائي للتوقيع، على أن يُنشر البيان في وسائل الإعلام يوم الإثنين 29 سبتمبر. خلفية النزاع اندلعت الحرب في السودان في الخامس عشر من أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بعد فترة من التوتر السياسي والعسكري بين الطرفين. وسرعان ما تحولت المواجهات إلى صراع شامل امتد من العاصمة الخرطوم إلى دارفور وكردفان والشرق، مخلفاً أزمة إنسانية غير مسبوقة. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فقد أسفرت الحرب عن سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، ونزوح ملايين الأشخاص داخلياً، ولجوء آخرين إلى دول الجوار، ما جعل السودان يشهد أكبر أزمة نزوح في العالم حالياً، وسط انهيار واسع للخدمات الأساسية، بما في ذلك القطاع الصحي.