السودان.. عامان من الحرب على أجساد النساء

الخرطوم: مداميك أكملت الحرب عامها الثاني ودخلت عامها الثالث بعد أن خلفت ابشع الجرائم المرتكبة من طرفي الصراع الجيش والدعم السريع، والحاق أسوأ الكوارث الإنسانية والانتهاكات الأخلاقية بالسودانيين دون مراعاة لأبسط حقوق المواطنة للعيش في سلام وامان.الحرب التي اندلعت منذ منتصف ابريل 2023 كان محورها الانسان والاقتصاد ويقف الدمار الذي شهدته منازل المواطنين وتجريدهم من ممتلكاتهم والاعتداء على محارمهم من نساء وأطفال شاهدا على اكبر الجرائم الإنسانية في تاريخ البلاد بسبب استمرار الحرب، ورغم الارقام التي ترصدها المنظمات الدولية لكن الاعداد تفوق ذلك بكثبر.ولم تكتفي الحرب بتجريد الضحايا من ادميتهم التي انتهكت امام أبنائهم واطفالهم وازواجهم وكانت البندقية والموت السريع مصير من يعترض على ابشع جرائم الاعتداء الجنسي والعنف ضد الانسان، فالاب وابنائه يضربون وتنتهك ادميتهم دفاعا عن اعراضهم ومحارمهم.واعتبرت منظمات حقوقية أن هذه الانتهاكات “تشكل جرائم حرب لانها تضمنت عمليات قتل واغتصاب واختطاف واعتداءات على مئات النساء والفتيات تعرضن للعنف الجنسي وللاحتجاز من الأطراف المتحاربة، وجرائم تطهير عرقي واستهداف مباشر للمدنيين ارتكبتها قوات الدعم السريع خصوصا في العديد من المناطق بمدينة الجنينة غرب دارفور ومقاطعة هبيلة في جنوب ولاية كردفان، وولاية الجزيرة.ومنذ اندلاع الحرب المدمرة بين الجيش والدعم السريع لم تتوقف جرائم العنف والاعتداء، واتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير قبل ايام، قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم عنف جنسي خلال الحرب في السودان، مستندة إلى وقائع تشمل الاستعباد الجنسي والاغتصاب الجماعي.وذكر تقرير جديد للمنظمة أن قوات الدعم السريع مارست عنفًا جنسيًّا واسعًا ضد النساء والفتيات، طوال الحرب الأهلية السودانية التي استمرت عامين، بهدف إذلالهن، وفرض السيطرة، وتشريد المجتمعات في جميع أنحاء البلاد.ووفقا للتقرير، فإن الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، والتي تشمل الاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي، تشكل جرائم حرب، وربما جرائم ضد الإنسانية.ويوثق التقرير المُعنون بـ«لقد اغتصبونا جميعا: العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في السودان»، تعرض 36 امرأة وفتاة لا تتجاوز أعمارهن 15 عاما، للاغتصاب أو الاغتصاب الجماعي على أيدي جنود قوات الدعم السريع، إلى جانب أشكال أخرى من العنف الجنسي، في أربع ولايات سودانية بين إبريل 2023 وأكتوبر 2024.وتشمل الانتهاكات اغتصاب إحدى الأمهات بعد انتزاع طفلها الرضيع منها، واستعبادا جنسيا لمدة 30 يومًا لأمرأة في الخرطوم، بالإضافة إلى الضرب المبرح والتعذيب باستخدام سائل ساخن أو شفرات حادة، والقتل.وفي أغسطس 2024، اكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات من أطراف النزاع “ارتكبوا عمليات إعدام ميداني وتعذيب وإساءة معاملة أشخاص في عهدتهم وتشويه جثث في مناطق متفرقة من السودان”.ودعا محمد عثمان، الباحث في شؤون السودان في هيومن رايتس ووتش، إلى “التحقيق في هذه الجرائم باعتبارها جرائم حرب ومحاسبة المسؤولين عنها، بما في ذلك قادة هذه القوات”.وفي سبتمبر 2024، دعا تقرير لبعثة الأمم المتحدة المستقلة الدولية لتقصي الحقائق بشأن السودان، أن الأطراف المتنازعة في السودان “مسؤولة عن أنماط انتهاكات واسعة النطاق تضمنت هجمات عشوائية ومباشرة، عبر الغارات الجوية والقصف ضد المدنيين، ومدارس، ومستشفيات، وشبكات اتصال، وشبكات حيوية لإمداد المياه والكهرباء”.وقالت زينب إبراهيم عبد الكريم، وهي أم لطفلين، وفق ما وثقته منظمة العفو الدولية “ان 6 من أفراد قوات الدعم السريع اقتحموا منزلنا في الساعة الثامنة صباحاً ودخلوا الغرفة التي كان يقيم فيها زوجي وإخوته الأربعة وأطلقوا النار عليهم جميعاً، ثم جاء أفراد قوات الدعم السريع إلى الغرفة التي كنت أقيم فيها مع أطفالي و12 امرأة وطفلاً آخرين، وضربونا بالعصي والسياط وسألونا: أين البنادق؟ ثم سرقوا هواتفنا”.وأضافت العفو الدولية بالقول إن “القانون الإنساني الدولي يحظر استهداف المدنيين عمداً، فضلاً عن الهجمات التي تفشل في التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية”.وأعرب خبراء الأمم المتحدة عن مخاوفهم إزاء تصاعد العنف الجنسي أثناء الصراع في السودان، بما في ذلك الخرطوم ودارفور.وقالت المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي (SIHA)، وهي مجموعة حقوقية نسائية، في يوليو 2024، إنها “تحققت من أكثر من 70 حالة من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي المرتبط بالصراع في جميع أنحاء البلاد.وأكدت وكالات الأمم المتحدة أن الحرب في السودان شردت أكثر من 14 مليون شخص، وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة “إن الصراع المدني خلق أكبر أزمة نزوح في العالم عام 2024” ونزح 11 مليون شخص داخليًا وفر 3.1 مليون شخص إلى البلدان المجاورة، وتستمر الأرقام في الارتفاع.