عامان من الخراب والدمار وحصد الأرواح والاقتصاد الجريح يحترق
الخرطوم: مداميك تدخل حرب الاستنزاف والدمار عامها الثالث بعد أن طوت مرارات وحسرة عامين من الدمار والقتل والتشريد والتجويع، فالملايين شردوا من ديارهم بعد أن فقدوا ممتلكاتهم وعادوا لنقطة الصفر، إذا يواجهون مشكلة إعادة تأسيس حياة كريمة وكم يحتاجون من الزمن لإعادة اعمار منازلهم المنهوبة والمسروقة، أما حال الاقتصاد فكل شيء تم تدميره والخرطوم التي كانت مركز ثقل اقتصادي بنوك وشركات ومصانع وأسواق ومحال تجارية ومولات ومؤسسات استثمارية، وملاذ للاستثمارات الأجنبية فقدت كل شيء وتزايدت معدلات تهريب ثروات البلاد من الذهب والمعادن والصمغ العربي وفقدت البلاد أسواقها الخارجية وضاعت مليارات الدولارات علة خزينة الدولة.وقدر خبراء خسائر الاقتصاد بأكثر من 300 مليار دولار حيث دمرت الحرب البنية التحتية للمطارات والبنوك ومؤسسات الدولة والقصر الجمهوري والوزارات والمصانع والمستشفيات والمدارس والجامعات.كما دمرت الحرب البنية التحتية للجسور والسدود وشبكات نقل الكهرباء والمياه ومحطات الوقود والاتصالات والمنشآت الصحية والتعليمية، والمباني العامة والقطاعات الإنتاجية والصناعية ولم تسلم ولايات الجزيرة ودارفور وكردفان وسنار والنيل الأبيض من الخراب والتدمير، بسبب الحرب حيث كانت تسهم في دعم الناتج المحلي حيث “تتركز معظم قواعد الانتاج والبنيات الأساسية التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد”.ومن اكبر مساوئ الحرب تدهور قيمة العملة الوطنية بشكل غير مسبوق في تاربخ البلاد، إذ يُتداول الدولار بأكثر من 2700 جنيه، مقارنة بـ600 جنيه فقط قبل اندلاع الحرب، وهذا التدهور انعكس على معاناة المواطنين وشهدت البلاد اكبر موجة غلاء حيث تضاعفت أسعار السلع الاستهلاكية لارقام غير مسبوقة، وصار المواطن عاجزا عن تامين قوت يومه وتفاقمت معدلات الفقر والجوع والبطالة والمرض فقد البعض ارواحهم بسبب الجوع والعطش وفق ما أظهرته تقارير منظمات دولية.ولازال طرفا الصراع يصران على استمرار الحرب التي تستنزف موارد وثروات البلاد الاقتصادية، حيث اكد وزير المالية لسلطة الامر الواقع جبريل إبراهيم ان إيرادات الدولة من ضرائب وجمارك وعائدات الذهب وغيرها توظف لدعم المجهود الحربي.وقدرت بيانات صندوق النقد الدولي أن أكثر من 3 ملايين سوداني فقدوا وظائفهم بسبب الحرب.وتشير التقارير الاقتصادية الى تراجع كبير في معدلات النمو والناتج الإجمالي وارتفاع التضخم لمعدلات غير مسبوقة بسبب الدمار الذي لحق بالقطاعات الإنتاجية وهروب المستثمرين ورجال الاعمال للاستثمار بخارج البلاد لتعويض الخسائر الفادحة بسبب الحرب وتدمير اكثر من %95 من مصانعهم.واكد الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق، إبراهيم البدوي، أن الحرب تسببت في تدمير نحو 20% من الرصيد الرأسمالي للاقتصاد والذي يُقدّر بنحو 600 مليار دولار. كما أدت إلى تآكل أكثر من نصف الناتج القومي الإجمالي البالغ متوسطه السنوي نحو 33 مليار دولار.وأضاف اثناء مخاطبته ندوة إلكترونية مؤخرا ان اندلاع الحرب بالخرطوم ادة لخسائر فادحة في العاصمة الخرطوم والتي تُعد كانت المركز الاقتصادي الأول في البلاد، حيث يتركز نحو 25% من اقتصاد السودان، إضافة إلى امتداد الصراع إلى مدن حيوية أخرى مثل نيالا والفاشر في دارفور، وود مدني بولاية الجزيرة، وهي مناطق تُشكل عصب الإنتاج الزراعي والصناعي.فيما يرى الخبير الاقتصادي د.حسن بشير أن أبرز الآثار السلبية للحرب هو الاستنزاف الكبير للقوى العاملة في السودان، من خلال التهجير وتعطل الاعمال الخاصة والعامة الي حد كبير مما يؤدي إلى فقدان المواهب والخبرات والابتكار المحتمل الناتج عن تعطل التعليم العام والعالي وتفشي البطالة كما أن الحرب أوقفت تماما الاستثمار في البنية التحتية الحيوية ، مثل النقل والطاقة والرعاية الصحية، مما فاقم من تدهور قدرة السودان على توليد حلول محلية مستدامة للتحديات الاقتصادية والتنموية.ولازال الاقتصاد يعاني من مآلات الحرب المستمرة التي تستنزف موارده وتتفاقم معاناة المواطنين الذين عادوا لارض الوطن للبحث عن حياة كريمة.وكانت التقارير الدولية للأمم المتحدة رسمت صورة قاتمة عن الأوضاع الإنسانية في البلاد وحذرت من ان السودان يواجه واحدة من أسرع الأزمات التي تتكشف على مستوى العالم، حيث يحتاج نحو 25 مليون شخص – منهم أكثر من 14 مليون طفل إلى المساعدة والدعم الإنساني.ووفقا للتقرير فإن 17.7 مليون شخص – أكثر من ثلث سكان البلاد – يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم 4.9 مليون شخص على حافة المجاعة. وأشار التقرير إلى فرار أكثر من 8.6 مليون شخص – حوالي 16 بالمئة من إجمالي سكان البلاد – من منازلهم منذ بدء النزاع.