محطات فنية في حياة ملحم بركات: مسيرة موسيقية خالدة
يصادف اليوم 5 أبريل ذكرى ميلاد الملحن والمغني الراحل ملحم بركات، الذي وُلد في بلدة كفرشيما في لبنان عام 1945، في أسرة متواضعة حيث كان والده يعمل نجارًا ولكنه أيضًا كان يعزف على آلة العود. منذ صغره، أظهر ملحم اهتمامًا بالفن، وكان يدندن على العود أغنيات للموسيقار محمد عبد الوهاب، لكنه لم يفكر في البداية في احتراف الفن.بداية مشوار ملحم بركات الفنيرغم حب ملحم للموسيقى، لم يكن في البداية ينوي ممارستها كمهنة، لكن في مرحلة الشباب، قرر طلب إذن والده لدراسة الموسيقى. إلا أن والد ملحم كان يرى أن الساحة الفنية قد اكتسحتها أسماء مثل محمد عبد الوهاب، وكان يفضل أن يستمر ابنه في دراسته. ولكن إصرار ملحم على متابعة حلمه دفعه إلى ترك المدرسة في سن الـ16 والالتحاق بالمعهد الوطني للموسيقى في بيروت سرًا، حيث كان يخفي كتبه في كيس ورقي ويخبئها في مدخل المنزل. مع مرور الوقت، اكتشف والده الأمر، لكن مع إصرار ملحم، اقتنع أخيرًا ودعمه في مسيرته الفنية. التحاقه بالمعهد وتطوير موهبتهدرس ملحم بركات العزف على آلة العود في المعهد الوطني للموسيقى لمدة أربع سنوات، حيث تعلم على يد أساتذة كبار مثل سليم الحلو وزكي ناصيف وتوفيق الباشا. ومع ذلك، قرر ترك المعهد قبل إتمام دراسته. نصحه شيخ الملحنين فيلمون وهبي بالذهاب إلى مسرح الأخوين رحباني، وهو ما فعله ملحم لاحقًا.اقرأ أيضا|إيرادات أفلام عيد الفطر: تفوق عصام عمر وطه دسوقي في صدارة الموسمالبداية الحقيقية في الغناء والتلحينبدأت مسيرة ملحم بركات في الغناء بتقديم أغنيته الأولى “الله كريم برجع على بلادي”، ليبدأ بعدها في تقديم ألحانه التي تتميز بالطابع الطربي المتميز. خلال هذه الفترة، تعاون مع الأخوين رحباني في عدد من الأغاني مثل “شو بعدو الناطر” و”بلغي كل مواعيدي”، لكنه قرر لاحقًا ترك التعاون معهما ليشق طريقه الفني الخاص.النجاح في التلحين والتعاون مع كبار النجومخلال السبعينيات، تميز ملحم بركات في مجال التلحين، حيث قدّم ألحانًا للشحرورة صباح في مسرحياته، مثل “حلوة كتير”، و”ليش لهلق سهرانين”، و”صادفني كحيل العين”. كما قام بتلحين شارة برنامج “ساعة وغنية” الذي عرض على التلفزيون الأردني في عام 1979، وحقق نجاحًا واسعًا. كما تعاون مع ماجدة الرومي في العديد من الأغاني الشهيرة مثل “إنت وأنا” و”اعتزلت الغرام”، التي أطلقتها ماجدة مجددًا في فيديو كليب عام 2019 تكريمًا له. سبب عدم تعاونه مع فيروزملحم بركات روى في أحد تصريحاته سبب عدم تعاونه مع فيروز كملحن، مشيرًا إلى أنه كان بصدد تلحين أغنية لها في فترة مرض عاصي رحباني، وعندما علم عاصي بذلك، طلب منه ألا يستغل مرضه، فأوفى ملحم بوعده وابتعد عن فيروز.الجوائز والتكريماتنال ملحم بركات العديد من الجوائز والأوسمة طيلة مسيرته الفنية، منها وسام الأرز من رتبة كومندور الذي منحه إياه الرئيس اللبناني ميشال عون بعد مرور 40 يومًا على وفاته. كما كرّم في العديد من المهرجانات الفنية في لبنان والخارج، وترك بصمة لا تُنسى في عالم الموسيقى العربية.حياته الشخصيةتزوج ملحم بركات ثلاث مرات. في البداية تزوج من سعاد فغالي شقيقة الفنانة الراحلة صباح، ثم انفصل عنها ليتزوج من السيدة رندا عازار، والتي أنجب منها أولاده مجد ووعد وغنوة. أما زواجه الثالث فكان من الفنانة مي حريري التي أنجب منها ابنه ملحم جونيور، وقد مرّ ملحم في عدة فترات من حياته بتجارب زوجية متقلبة مع مي حريري، قبل أن ينفصلا نهائيًا. مواقفه الجريئةملحم بركات لم يكن معروفًا فقط بموهبته، بل أيضًا بمواقفه الجريئة وتصريحاته الصريحة. فقد أثار الجدل في أكثر من مناسبة، خاصة في ما يتعلق بنجوم لبنانيين استقروا في مصر، حيث اتهمهم بالتخلي عن لبنان والابتعاد عن الهوية اللبنانية من خلال غنائهم باللهجة المصرية.إن مسيرة ملحم بركات، المليئة بالعطاء الموسيقي، تبقى شاهدة على الموهبة الفذة التي أضافت الكثير إلى الفن العربي، ويظل اسمه حاضراً في ذاكرة محبي الموسيقى الطربية.