جمال سليمان لـ”الشرق”: “أهل الخطايا” يعكس قضايا اجتماعية معقدة

للمرة الثانية خلال خمس سنوات، يعود الفنان جمال سليمان للعمل مع المخرج رؤوف عبد العزيز من خلال مسلسل “أهل الخطايا”، المعروض في موسم رمضان الحالي، يأتي هذا التعاون بعد مسلسل “الطاووس” عام 2021، حيث يواصلان تقديم أعمال درامية تستلهم أحداثها من قضايا اجتماعية شغلت الرأي العام، بأسلوب يمزج بين الواقع والخيال، وهو ما يفضله عبد العزيز في أعماله. المسلسل يضم نخبة من النجوم، من بينهم سوسن بدر، رانيا يوسف، فرح الزاهد.في حديثه لـ”الشرق”، قال جمال سليمان إنه فخور بتعاونه المتكرر مع المخرج رؤوف عبد العزيز، مشيراً إلى أن مسلسل “الطاووس” حقق نجاحاً كبيراً، وكان له أصداء إيجابية واسعة بسبب تناوله لقضية مجتمعية حساسة. وأوضح أنه عندما يعرض عليه عبد العزيز فكرة مشروع جديد، يكون هناك نقاش معمّق حول تفاصيل القصة والشخصيات، كما حدث مع أهل الخطايا.وأضاف سليمان: “لدينا علاقة إبداعية قوية، حيث نناقش القصة والشخصيات بعمق، ونسعى دائماً إلى إيجاد مرجعية اجتماعية واقعية لكل شخصية، رؤوف عبد العزيز ليس مجرد مخرج، بل هو صاحب رؤية متكاملة، يهتم بالمضمون الفني بقدر اهتمامه بالجانب التقني، ويسعى دائماً لتقديم أعمال تحمل قضايا تمس الناس”.التفاعل مع الواقعوأشار إلى أن النقاشات المستمرة بينهما تساعد في إنضاج رؤية المسلسل، قائلاً: “في مسلسل “الطاووس”، قمنا بدراسة شخصيات المحامين عن قرب، والتقينا بعدد منهم لفهم طبيعة عملهم. أما في “أهل الخطاي”ا، فقد ركزنا على فئة التجار وأصحاب المهن الذين ينتمون إلى بيئات تجمع بين المدنية والريف، حيث جاؤوا إلى القاهرة بحثاً عن العمل، لكنهم لا يزالون يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم الريفية.” عن تحضيراته لدور نوح في المسلسل، كشف سليمان أنه قام بزيارات ميدانية إلى الأسواق والمخازن وورش العمل، قائلاً: “أنا من الأشخاص الذين يحرصون على الاحتكاك المباشر بالتجار وأصحاب المهن، ليس فقط من أجل الدور، بل لأنني أحب التعامل معهم في حياتي اليومية، عندما بدأنا التحضير للمسلسل، كان لديّ تصور عن طبيعة هؤلاء الأشخاص، لكنني قمت بإعادة إحياء الذاكرة وزيارة بعضهم مجدداً لأستعيد طريقة كلامهم وأسلوب تعاملهم”.وأضاف: “أنا نشأت في بيئة قريبة من هذه الأجواء، وعشت في مناطق شعبية، كما أنني خلال تواجدي في سوريا احتككت بنماذج مشابهة من التجار والمهنيين، مما ساعدني كثيراً في بناء الشخصية بشكل واقعي”.تحولات معقدةيتناول مسلسل “أهل الخطايا” صراعات داخل عائلة متشابكة، حيث يؤكد سليمان أن شخصيته في العمل تعكس العديد من القيم والتناقضات الموجودة في مجتمعاتنا، يقول: “نوح هو الأخ الأكبر الذي يحمل مسؤولية العائلة، لكنه يواجه تحديات مع إخوته الذين نشأوا في بيئة مختلفة عنه. هناك صراعات على الميراث والهيمنة، وكيف يمكن لمثل هذه الأمور أن تغيّر النفوس وتقلب الحياة رأساً على عقب”.كما أشار إلى أن شخصية نوح تمر بتحولات درامية كبرى، خاصة عندما يدخل في علاقة مع امرأة شابة تؤثر على حياته بشكل غير متوقع، قائلاً: “نوح يفتقد وجود ابن ذكر ليرث الأرض والمهنة، وحينما يلتقي بامرأة جميلة، يقرر الزواج منها، ليس فقط لجمالها، ولكن أيضاً رغبة في إنجاب ولد يحمل اسم العائلة، لكن هذه العلاقة ستقوده إلى كارثة غير متوقعة، حيث يجد نفسه محاطاً بمكائد لا يدركها إلا بعد فوات الأوان”.الدراما السوريةوعن عودته إلى الدراما السورية، تحدث سليمان بصراحة عن التحديات التي تواجهها، قائلاً: “الدراما السورية تأثرت بشدة بالأوضاع التي مرت بها البلاد على مدار 14 عاماً من الحرب والانقسام، هذه الأحداث لم تدمّر فقط البنية التحتية، لكنها أثّرت أيضاً على العلاقات الإنسانية داخل المجتمع، وهو ما انعكس على الصناعة الفنية”.وأضاف: “رغم كل هذه التحديات، لا يزال هناك فنانون ومخرجون سوريون يعملون بجد للحفاظ على الدراما السورية، وقدموا أعمالاً جيدة تناسب ظروف الرقابة والتوزيع، لكن لا يمكن إنكار أن هناك الكثير من التساؤلات حول مستقبل الدراما السورية، ومستقبل الفن والثقافة في البلاد بشكل عام. نأمل أن يكون هناك دعم أكبر وإفساح المجال أمام حرية التعبير، واستثمارات حقيقية في هذا المجال”.أزمة نصوصأما عن رأيه في واقع الدراما العربية، فقد أشار إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم نضج النصوص الدرامية، قائلاً: “ليس العيب في موهبة الكتّاب، فهناك كُتّاب مبدعون، لكن المشكلة الحقيقية هي في سياسات الإنتاج، حيث لا يُمنح الكُتّاب الوقت الكافي لمراجعة نصوصهم أكثر من مرة، مما يؤثر على جودة العمل النهائي.”في ختام حديثه، كشف سليمان عن مجموعة من المشاريع الفنية التي يعمل عليها، قائلاً: “لديّ أكثر من مشروع جديد، من بينها عمل سينمائي ومسلسل سيبدأ تصويره قريباً بعنوان الخروج إلى البئر.”