بعد التقدّم العسكري للجيش.. هل اقتربت ساعة حسم الصراع في السودان؟

البرهان وحميدتي يخوضان حربا قلت عشرات الآلاف من السودانيين أعلنَ الجيش السوداني وحلفاؤه العسكريون السيطرةَ على أجزاء من محلية شرق النيل، على الحدود مع العاصمة الخرطوم من الناحية الشرقية. وسبق هذه التطورات العسكرية تقدمٌ للجيش في أكثر من منطقة وموقع بالسودان أحدثها ولايتا الخرطوم والجزيرة مقابل تراجع قواتِ الدعم السريع. والتقدم العسكري الذي حققه الجيش السوداني أخيرًا مهّد له قائده عبد الفتاح البرهان، حينما تعهد في وقت سابق بأن قواته اقتربت من لحظة حسم المعركة مع قوات الدعم السريع، التي اندلعت شرارتها في منتصف أبريل/ نيسان 2023. إعلان الجيش السوداني عن تقدمه المتلاحق أكدته أيضًا تقارير محلية ودولية بشأن تعرض قوات الدعم السريع لانهيار متسارع في مناطق شرق ولاية الجزيرة. وأقر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” بهذه الخسارة قبل أيام، وذلك حين دعا قواته في خطاب موجه لها، إلى عدم الالتفات إلى المواقع التي استعادها الجيش في العاصمة الخرطوم أخيرًا. في المقابل، تؤكد تقارير محلية أن معارك فاصلة لم تحسم شرقي الخرطوم وجنوبيها. ومع تقدم القوات المسلحة من الجزيرة إلى جنوب العاصمة وشرقها، فإن التطورات الميدانية ستكون متسارعة خلال الأسبوعين المقبلين بحسب الخبراء. وبغض النظر عن مآلات تقدم الجيش السوداني ودلالاته مقابل تراجع قوات الدعم السريع في مواقع عدة، فإن تقارير أممية اتهمت الطرفين المتحاربين بارتكاب انتهاكات وجرائم حرب بحق المدنيين خلال النزاع الذي يقترب من إتمام عامه الثاني. ودعا الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود، كريستوفر لوكيس، إلى حماية المدنيين في السودان، عقب هجوم شنته قوات الدعم السريع على سوق بمدينة أم درمان، وفق تأكيدات مصادر محلية بينما نفاه الدعم السريع. كما أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه العميق إزاء تصاعد العنف في السودان، بما في ذلك في مدينة الفاشر وما حولها، مطالبًا جميع الدول بالامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار في هذا البلد، وفق بيان المجلس الأممي. في هذا السياق، قال عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة التيار السودانية، إن المناطق التي استعادها الجيش السوداني مهمة، بينما تلك التي ما زالت تحت سيطرة الدعم السريع في الخرطوم بمعظمها محاصرة من كل الاتجاهات ومكشوفة للعمليات العسكرية. ولفت ميرغني في حديث للتلفزيون العربي من القاهرة، إلى أن مناطق سلاح الإشارة وسلاح المهندسين كانت محاصرة، والآن تم فك الحصار عنها، ما يعني أن الجيوش التي كانت داخل هذه المناطق العسكرية قادرة على شن هجمات والتغيير من سياسة الدفاع إلى الهجوم. وأشار إلى أن المشهد السياسي في الميدان العسكري بولايات سنار والجزيرة والخرطوم تغير بالكامل من الهجوم من جانب الدعم السريع إلى الدفاع ثم إلى الاختناق بأماكن كثيرة. واعتبر أن ما يؤكد أن الموقف العسكري للدعم السريع قد تضعضع وأن هناك ما يشبه الانهيار الكامل هي الأعداد الضخمة من السيارات التي تتجه خارج العاصمة في محاولة للهرب نحو الغرب. بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوداني الغالي شقيفات، إن “الحديث عن انهيار أو هزيمة للدعم السريع غير واقعي”. واعتبر شقيفات في حديث للتلفزيون العربي من بنسلفانيا، أن هناك تقدمًا، “فطالما يتم الانسحاب للاستيلاء على مناطق جديدة، فهذا ليس فشلًا”. وتابع أن بحري لا تزال تحت سيطرة الدعم السريع، فيما تضم ولاية الخرطوم 7 محليات يسيطر الدعم السريع على 6 منها. من جانبها، أشارت نيكول ويدرشايم، نائبة مدير مكتب واشنطن في منظمة هيومن رايتش وتش، إلى حجم الأزمة الإنسانية التي يعيشها السودان، واصفة إياها بأنها الأكبر في العالم. وأضافت ويدرشايم في حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أن منظمة هيومن رايتس ووتش وثقت انتهاكات حقوق الإنسان، والعنف الذي مارسه طرفا النزاع منذ أن اندلعت الحرب. ودعت إلى حماية المدنيين، وطالبت الطرفين بالتوقف عن اقتراف الفظائع ضد شعبهما. كما دعت لـ”وصول إنساني يلتزم الطرفان به”.