الاطفال مبتورو الأطراف بسبب قصف المليشيا ..قصص مأساوية
تقرير : رحمة عبدالمنعم
اصبحت القذائف التي تطلقها مليشيات الدعم السريع عشوائيا من خلال تدوينها على منازل المواطنين من أسوأ المٱسي التي يعاني منها المدنيون ،وبات الالٱف من مبتوري الأطراف في السودان ،يعيشون ظروفاً إنسانية وجسدية ونفسية بالغة الصعوبة ،بعد ان تعرضوا لإصابات بشظايا القذائف افقدتهم الحركة،فيما يحاول ٱخرون يالعيش بطرف صناعي بديل رغم وجع المرض،وألام ظروف المعيشة .
تقارير مؤلمة
وتقول تقارير حكومية ،إن مليشيات الدعم السريع استهدفت منازل المواطنين بالتدوين العشوائي،ماأدى إلى مقتل وإصابة الٱف المواطنين
وكشف الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة، عبد القادر عبد الله، أن أكثر من 10 آلاف طفل فقدوا جزءاً أو أجزاء حيوية من أجسادهم جراء إصابات بالمقذوفات النارية
ووفق تقارير حقوقية ،فإن مليشيات الدعم السريع الإرهابية قامت بتدوين عشوائي على مناطق مأهولة بالسكان لتحقق أكبر قدر من الخسائر في الأرواح ،وقالت إن الأطفال من أكثر الفئات تعرضا ً للإصابات ،فهم يعيشون في مناطق شديدة التأثر بالعنف ،ممايزيد من هشاشة هذه الفئة لكونها ذات تأثير مضاعف بالفقر والوصم والعنف.
من جهته، قال المدير العام لوزارة الصحة في العاصمة الخرطوم، محمد القائم، إنه “لا توجد إحصائية دقيقة بشأن أعداد الذين بترت أطرافهم، لكنهم تجاوزوا الآلاف خلال الحرب.” وأوضح بحسب الشرق الأوسط: “إن العمليات في مستشفى النّو، الوحيد الذي يعمل في مدينة أم درمان، تتم مجاناً، وكذلك في بعض المستشفيات الحكومية الأخرى”.
تقديرات صادمة
في تقديرات صادمة، كشفت جمعية أمل المعنية بدعم ضحايا الحرب، عن حجم الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب، إذ فقد نحو 15 ألف شخص، من بينهم 10 آلاف طفل، طرفًا أو أكثر بسبب التدوين العشوائي.
وأوضحت المنظمة، أنها لم تتمكن من تحديث الإحصاءات؛ بسبب اشتداد المعارك،ومما لا شك فيه، أن هذا العدد قد ارتفع بشكل كبير مع استمرار هجوم المليشيات بلا هوادة في المناطق المكتظة بالسكان، مخلفةّ وراءها عديداً من الكوارث الفردية، بحسب التقرير.
في ظل الأوضاع الكارثية السائدة ، تتفاقم شدة الإصابات التي يعاني منها المدنيون بشكل مروع ،ففي غياب المضادات الحيوية اللازمة، قد تتحول العدوى البسيطة إلى قاتلة تهدد حياة المصاب.
كما أن غياب أطقم الجراحة المتخصصة يعني أن الأطراف المصابة لا تتم إعادة بنائها بشكل صحيح، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على المدى الطويل.
في المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في بعض مدن السودان، يكافح الأطباء ومقدمو الرعاية الصحية الآخرون في الخطوط الأمامية بشكل يومي لمواجهة الكارثة الإنسانية.
ويشير الجراحون إلى إن المرضى الذين يعانون من إصابات شديدة يخضعون في كثير من الأحيان لعمليات بتر أوسع مما هو ضروري، وذلك في محاولة يائسة لإنقاذ حياتهم.
معاناة ومآسي
وتحتشد مآسي الحرب بقصصً مؤلمة لأطفال فقدوا أطرافهم في غمرة الحرب ،مثل أحمد عثمان البالغ من العمر 16 عاماً ،عندما ضربت قذيفة فناء منزلهم بحي الثورة بمدينة امدرمان ،مزقت شظايا القذيفة ساقه اليمنى أسفل الركبة،بعد إنقاذ حياته في ذلك اليوم المشؤوم ،بعد رحلة معاناته الحقيقية في البحث عن الرعاية الطبية المناسبة
الرحمة لم تمر من هنا، فوسط الركام وغبار العدوان الجنجويدي، لا تجد أثراً لمتمردين يحترمون قوانين الحرب، والنتيجة أطفال على موعد مع رحلة قاسية في الحياة، بأطراف مبتورة.
“تاريخ الـ 17 يونيو من العام الماضي لن أنساه طوال حياتي لأنه كان تاريخ إصابتي بشظايا وتم بتر قدمي، ومنزلنا في مدينة امدرمان قصفته مليشيات الدعم السريع وفقدت قدمي … بعد القصف قلت لأمي أصبت بشظية في قدمي .. أصبت بشظية في قدمي .. ”
وأعربت طفلة في حديثها للكرامة عن أملها في العودة لممارسة حياتها الطبيعية باللعب مع أصدقائها وشقيقتها، وتابعت بالقول: لا بد أن أسافر لتركيب طرف صناعي
لم تنته معاناة المصابين مبتوري الأطراف عند إنقاذ حياتهم فحسب، فهم يواجهون تحديات جمة في محاولة استعادة حياتهم الطبيعية، إذ كثير منهم سيجدون صعوبات كبيرة في العثور على وظائف لإعالة عائلاتهم، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السودان
أما بالنسبة للأطفال الذين فقدوا أطرافهم، فإنهم يواجهون مخاطر أكبر في تخليهم عن فكرة الحصول على الأطراف الصناعية،لأن تلك الأطراف قد تكون باهظة الثمن بالنسبة لعائلاتهم، كما أنها قد تسبب آلامًا شديدة إذا لم تركب بشكل صحيح على أجسادهم الصغيرة.
علاوة على ذلك، إذا تسبب فقدان الأطراف في منع هؤلاء الأطفال من الذهاب إلى المدرسة، فإن النتيجة قد تكون كارثية وتؤثر على مستقبلهم بأكمله.
مبتوري الأطراف
ومع تنامي عدد من يفقدون أطرافهم يواجه هؤلاء الضحايا التمييز والوصمة القاسية المتمثلة في كونهم معاقين ،حتى ان عائلاتهم في كثير من الأحيان تحمل عبء رعايتهم في بلد يعاني من الحرب ،ويتحدث الناشط الإجتماعي أحمد عبدالكريم عن مبتوري الأطراف قائلا للكرامة :إن جيلاً من الأطفال مبتوري الأطراف آخذ في الظهور.،وأن النظام الطبي المنهار في السودان مرهق للغاية، بحيث لا يتمكّن من منح الأطفال الذين يعانون من إصابات طويلة الأمد رعاية المتابعة المعقدة، التي يحتاجون إليها لإنقاذ عظامهم المقطوعة التي لا تزال في طور النمو
ويتابع: لقد شاهدت على وسائل التواصل الإجتماعي صوراً ماساوية لضحايا القصف العشوائي،وأن المستشفيات مكتظة بالمصابين بحيث لا يمكنها علاج سوى المرضى الذين يحتاجون إلى إجراءات منقذة للحياة، مثل إصابات الأعصاب أو إصابات الأوعية الدموية، في حين يتعين على إصابات الأطراف الانتظار
بينما تقول د.اشراقة حمدين للكرامة: إنه لأمر مدمر تماماً أن نرى رُضّعاً لم يتجاوز عمر الواحد منهم سنة واحدة يتم بتر أطرافهم. هؤلاء هم الأطفال الذين لم يتعلموا المشي أبداً، والآن لن يتمكّنوا أبداً من المشي».
وأضافت: «رأيت عديداً من المرضى الذين وصلوا إلى المستشفى وقد فقدوا أرجلهم وأذرعهم بالفعل. ثم كان هناك آخرون أُصيبوا بجروح خطرة في التدوين العشوائي لمليشيات الدعم السريع، وكان لا بد من بتر أطرافهم لأن عدم الحصول على الرعاية الصحية والرعاية اللاحقة للعمليات الجراحية، يعني أن جروحهم ستلتهب لولا ذلك».
إعادة تاهيل
فيما أكد الطبيب النفسي عبدالله سليمان في حديثه للكرامة ، أن الأطفال بحاجة لإعادة تأهيل ما بعد البتر وترميم الجرح والطرف وتركيب طرف صناعي، مشيرا إلى أن العلاج أبسط حقوق الطفل والمصاب ويجب تأهيلهم ما بعد البتر كي يستطيع تركيب صناعي، ودمجه في المجتمع وإعادته لحياة الطبيعية وحقوقه وأبسط الأشياء التي يستطيع فعلها
وأوضح ن ما يقارب 50 % من الإصابات أطفال ومعظمها بليغة ومنها بتر الأطراف العلوية والسفلية، مشيرا إلى استشهاد طفل يبلغ من العمر تسعة أشهر قد وصل إحدى المستشفيات لتلقي. العلاج وهو مصاب بتر طرفيه العلويين والقدم اليسرى، مؤكدا أنه تم ادخال الطفل مباشرة لغرفة العمليات للسيطرة على النزيف، ورغم المحاولات الحثيثة من الكادر الطبي إلا أن الطفل استشهد.
بدوره، أكد الإعلامي محمد يوسف أن أكثر من 10 الآف طفل بترت أطرافهم، مشيرا إلى أنه التقى بالعديد من هؤلاء الأطفال الذين عاشوا أوضاعا مروعة فيما يتعلق بالقصف العشوائي الذي طالهم، وفقدانهم عائلاتهم وكذلك طرف من أطرافهم وتعرضهم للنزوح عدة مرات للوصول إلى أماكن أكثر آمنا
وأكد” أن هؤلاء الأطفال يعيشون الآن في ظروف مأساوية وغير إنسانية لعدم توافر الخدمات الأساسية فيما يتعلق بخدمات الدعم النفسي، مشيرا إلى حاجة هؤلاء الأطفال لخدمات التأهيل الحركي والجسدي المطلوبة لمساعدتهم على التأقلم مع حالتهم الجديدة.