دعوة أمريكية برعاية سعودية ومشاركة دولية: القارب السوداني علي شواطئ أوروبا
تقرير : علم الدين عمر
تواتر حذر أنتظم واجهات الأخبار ووسائط الإعلام علي خلفية الدعوة الأميريكية المفاجئة لمحادثات سودانية بسويسرا ..حيث بدا الأمر وكأن كرة من الغموض الملتهب تم رميها علي العشب الأخضر ..الطري ..فجأة ..
ففي معرض الإصطفاف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية للتأثير علي المشهد السوداني تسارعت خطوات الإدارة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي للإحاطة به علي عدة محاور .. بدأتها بما رشح من أنباء حول تبنيها للمكالمة الهاتفية بين رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبدالفتاح البرهان ورئيس دولة الإمارات العربية محمد بن زايد عبر الوسيط الأثيوبي ..وإستمرار ظهور بصمات المبعوث الأمريكي للسودان والقرن الأفريقي في المشهد منذ مؤتمر القاهرة مروراً بإجتماع القوي السياسية والمدنية علي طاولة الإتحاد الأفريقي بأديس أبابا وليس نهاية بمكالمة البرهان إبن زايد الأخيرة والآن تم الإعلان بواسطة وزير الخارجية الأمريكي عن منبر محادثات سويسري بدعم سعودي مباشر ومشاركة من مجلس الأمن والإتحاد الأفريقي والذي قال عنه الوزي الأمريكي أنه مرحلة جديدة من التفاوض ..حيث قال بلينكن أن الولايات المتحدة دعت الأطراف السودانية (المتحاربة) في إشارة فيما يبدو للحكومة السودانية ومليشيا الدعم السريع المتمردة للمشاركة في محادثات السلام بسويسرا منتصف أغسطس المقبل ..ومضي للتأكيد علي أنه وبناء علي مباحاثات جدة السابقة التي تم تيسيرها بالإشتراك مع المملكة العربية السعودية دعت الولايات المتحدة الأميركية القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات وقف إطلاق النار بوساطة الولايات المتحدة وأضاف أن المباحثات تهدف للتوصل لوقف العنف علي مستوي البلاد وتمكين وصول المساعدات الإنسانية لجميع المحتاجين وتطوير آلية مراقبة وتحقق قوية لضمان تنفيذ أي إتفاق..ودعا بلينيكن لايجاد طريق لحل سياسي تفاوضي للصراع ..
ويري المراقبون أن حديث كبير الدبلوماسيين الأميركيين حول إستضافة المنبر بالشراكة مع المملكة العربية السعودية وحضور الإتحاد الأفريقي ومصر والإمارات كمراقبين يعني أن الإجتماع يشكل إستمرار متسلسل لتسهيل الوصول إلي ساحل البحر الأحمر في جدة مرة أخري ..
حيث تشكل الأوضاع الجيوسياسية في البحر الأحمر وتطوراتها المتسارعة وتقاطع القوي الإقليمية والدولية حولها وموقع السودان الجغرافي وموقفه المؤثر منها موجهاً هاماً لمزيد من الإهتمام بالحرب في السودان وخاصة من قبل دول الإتحاد الأوربي التي ربما تبحث لها عن موطء قدم يخفف من حدة تأثرها المتسارع بالأحداث في المنطقة ما يفسر الإتجاه نحو سويسرا ..
لماذا سويسرا ؟ المحلل المستقل والخبير في الشأن السوداني رومان ديكارت يجيب بسؤال عن لماذا يلف النسيان هذه الحرب ؟ ويجيب ديكارت الذي يعمل من منزله لمنظمة غير حكومية ببرلين تهتم بدعم الصحافة في السودان قائلاً: أنها حرب يجري تجاهلها لصعوبة تصنيف أطرافها إذ غالباً ما تعرف بأنها حرب بين جماعتين تتبادلان الهجوم وهكذا ينفر منها الناس ..ويستدرك بأن هذا غير صحيح مؤكداً أن تداعيات عالمية في إطار الصراع علي الموارد هو ما يقود هذه الحرب..وتلعب سويسرا دوراً هاماً في العلاقات التجارية المتصلة بالمواد الخام كالذهب الذي يعد مصدراً رئيسياً لتمويل الحرب في السودان ..في إشارة لمليشيات الدعم السريع..إذ تفيد تقارير إعلامية لإنتظام وصول الذهب السوداني إلي سويسرا..
الكاتب الصحفي والمحلل السوداني النور أحمد النور يقول أعتقد أن الولايات المتحدة أختارت سويسرا للإستضافة حتى يحسب أي نجاح لإدارة بايدن بلا شريك وهذا يعني أنه جهد أمريكي خالص فسويسرا أيضا المقر الأوربي للأمم المتحدة وليس لديها أجندة سياسية ولا تبحث عن دور دولي..
وتابع: اعتقد أن جولة واحدة من المفاوضات لن توقف الحرب ولكنها محاولة لإنعاش عملية السلام بعد جمود منبر جدة..
وتسعى واشنطن لإنجاز سياسي سريع يساهم في دعم الحملة الانتخابية للإدارة الديمقراطية بعد فشلها في السلام بغزة واوكرانيا..
ويعتقد المراقبون كذلك أن الحياد المطلق (إقتصادياً) للمنبر السويسري الذي قد يشكل نقطة ضغط هامة للمتقاطعين مع المشهد السوداني من شركات ومؤسسات إقتصادية قد تتأثر بأي نهاية متوقعة للحرب في السودان يمكن له أن يساهم بشكل كبير وقوي في تغليب صوت المصلحة لإنهاء الحرب والإتجاه لجدة..وجدة التي وفر لها الشركاء السعوديين والأمريكيين كل هذا الزخم تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضي لحل الأزمة والضغط علي ضمليشيا الدعم السريع ومناصريها من المدنيين والسياسيين لتنفيذ مخرجاتها السابقة أو التحرك منها للأمام بتفاهمات جديدة لإنهاء الحرب..